فادي عيد -
في الوقت الذي تحوّلت فيه مواعيد جلسات الحوار الوطني في ساحة النجمة إلى محطات مواجهة بين الأجهزة الأمنية والحراك المدني، تتعاظم الشكوك لدى مرجعية سياسية من إمكان تدرّج التصعيد في الشارع من احتجاجات شفوية إلى صدامات جانبية بين أكثر من جهة سياسية وحزبية وشباب الحراك المدني خلال الجلسة المقبلة، والتي ستكون أيضاً محطة انطلاق لمرحلة تحسم فيها الخيارات السياسية لجهة الإنخراط فعلياً في المبادرة الحوارية أو تجميد «الحوار الوطني» فيما لو ذهبت قوى سياسية إلى أبعد من الغياب اي إلى المقاطعة النهائية.
ومن هنا، قرأت أوساط نيابية في كتلة نيابية بارزة، أن احتمالات تصاعد التوتّر على طاولة الحوار، كما في محيطه، قد تكون متساوية، كون الهدوء الذي تخلّل نقاشات الجلسة الثانية لن ينسحب على النقاش المرتقب، والذي سوف يتركّز مجدّداً على الإستحقاق الرئاسي دون غيره من البنود. وأضافت أن البند الوحيد الذي من المحتمل أن تتم إثارته، سيكون تفعيل عمل الحكومة فيما لو بدا أن مسيرة الحوار بطيئة ولن تثمر نتائج سريعة في المدى المنظور. واعتبرت أن انعقاد مجلس الوزراء بات أكثر من ضروري، لا سيما في ضوء السجال، كون المقاربة الممكنة للمطالب التي يرفعها الحراك المدني موجودة فقط لدى الحكومة، وليس لدى المتحاورين الذين يبحثون في كيفية الخروج من المأزق المتمثّل بتعطيل الإستحقاق الرئاسي جراء الإنقسام السياسي الحاد والإرتباط الوثيق بالتجاذبات الإقليمية.
من جهة أخرى، ركّزت الأوساط النيابية نفسها، على أن الأفق المحتمل لتأمين حصول الإنتخابات الرئاسية، لا يزال غير متاح اليوم، وذلك بصرف النظرعن إمكان تحقيق توافقات مبدئية بين الأفرقاء على طاولة الحوار الوطني، ولذلك، فإن عودة الحياة إلى مجلس الوزراء من شأنه أن يتيح مجالاً أمام مواجهة ومعالجة العناوين التي يرفعها الحراك المدني، إنما بعد طي صفحة أزمة النفايات التي ما زالت فصولها تتوالى تباعاً.
ورداً على ما يجري الحديث عنه عن أن طاولة الحوار الوطني باتت بمثابة البديل عن الحكومة السلامية، أكدت الأوساط النيابية نفسها، أن المتحاورين يحاولون إدارة الأزمة السياسية العامة في البلاد، في حين أن مجلس الوزراء هو المؤسّسة الوحيدة القادرة على إدارة الوضع اليومي في البلاد ومعالجة الأزمات الكثيرة، رغم عجزه عن تأمين توافق بالحدّ الأدنى على موعد قريب لجلسة وزارية. ونبّهت من أن البديل عن مجلس الوزراء سيكون المزيد من المواجهات في الشارع، والمزيد من تفكّك المؤسّسات على مختلف مستوياتها، وذلك في ظل تكاثر الشعارات المطروحة، وتناقض المطالب بين المتظاهرين أنفسهم، وصولاً إلى خلافهم وانقسامهم أحياناً لدى طرح عناوين تتّسم بأبعاد مذهبية وطائفية. وشدّدت على أن تجميد عمل حكومة «المصلحة الوطنية» جراء الخلافات السياسية، سيرتدّ سلباً على كل القوى المشاركة فيها من دون استثناء، وسيرتّب نتائج كارثية على الوضع العام، لأن الإحتكام سيكون عندها إلى الشارع في موازاة العجز الرسمي عن أي مبادرة، باستثناء السعي إلى الحفاظ على الأمن والإستقرار، رغم كل الضغوطات الميدانية.