ربط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، بين الأمن في المنطقة ومنع سقوطها في قبضة الإرهاب، بالتعاون مع الجيش السوري والرئيس السوري بشار الأسد، فيما تقدمت واشنطن خطوة إلى الأمام لتنسيق مواقفها مع موسكو في الحرب السورية، خصوصا في كيفية محاربة «داعش»، حيث أكدت الولايات المتحدة انفتاحها على الدعوة الروسية لعقد اجتماعات بين عسكريين من البلدين للحصول على معلومات عن التعاون العسكري الروسي مع سوريا.
في هذا الوقت، قال مصدر عسكري سوري، لوكالة «رويترز»، إن الجيش السوري بدأ مؤخراً استخدام أنواع جديدة من الأسلحة، الجوية والأرضية، المقدمة من روسيا، بعد أن تدرب على استخدامها في سوريا في الشهور الأخيرة.
وقال المصدر، ردا على سؤال بشأن الدعم العسكري الروسي لسوريا: «يتم تقديم أسلحة جديدة، وأنواع جديدة من السلاح. يتلقى الجيش السوري تدريباً على استخدام هذه الأسلحة. في الحقيقة بدأ الجيش باستخدام بعض هذه الأنواع». وأضاف: «الأسلحة ذات فعالية كبيرة ودقيقة للغاية، وتصيب الأهداف بدقة»، موضحاً «يمكننا القول إنها أسلحة على أنواعها، سواء كانت جوية أو برية». ورفض المصدر إعطاء المزيد من التفاصيل بشأن الأسلحة.
وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تعرّفت على عدد قليل من الطوافات الروسية في مطار اللاذقية. وقال أحد المسؤولين إنّه تم التعرف على أربع طوافات، بينها طوافات حربية، على الرغم من أنه لم يتضح متى وصلت الطائرات إلى هناك.
إلى ذلك، قال نشطاء إن طائرات حربية سورية شنت نحو 12 غارة على مدينة الرقة التي يسيطر عليها «داعش»، فيما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، إن «53 شخصا قتلوا في غارات جوية سورية على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب» خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد قصف المسلحين لمناطق تسيطر الحكومة عليها، ما أسفر عن مقتل 38 شخصا على الأقل.
وقال لافروف، في تصريح عقب اجتماعه مع نظيره التركي فريدون سينيرلي اوغلو في سوتشي: «لدى شركائنا في الغرب خيار، وهو الاستمرار في التعنت بأنه فقط رحيل الرئيس الأسد سينقذ المنطقة من خطر الإرهاب. أنا أعتقد أنه ليس هناك حاجة لإقناع أحد في طوباوية هذه الفكرة».
وكرر انتقاده للائتلاف الدولي. وقال إن «الأساليب التي يستعملها التحالف، تخالف القانون الدولي، يجب الاتفاق مع كل الحكومات التي يوجد تهديد على أراضيها، والذي نريد جميعا القضاء عليه». وتابع: «نحن لا نملك الحق، برفض التعاون لإنقاذ منطقة كهذه، مقابل بعض الاعتبارات السياسية الانتهازية القصيرة الأمد، داخلياً وخارجياً».
وكرر لافروف دعوته التحالف إلى عدم تجاهل قدرات الجيش السوري. وقال: «لا توجد أي أسباب لرفض التعاون مع القيادة السورية التي، أولاً، تواجه التهديد الإرهابي، وثانياً الرئيس السوري هو القائد العام، على ما أظن، لأكثر قوات برية فاعلة في مواجهة الإرهاب؛ ورفض إمكانية التعاون، وتجاهل إمكانيات الجيش السوري كشريك وحليف في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، يعنيان التضحية بكل أمن المنطقة، في سبيل بناءٍ جيوسياسي محدد».
وأعلن لافروف أن «فكرة حل جميع قضايا سوريا عبر إطاحة الرئيس بشار الأسد وَهْمٌ ويستحيل تحقيقها». وشدد على «ضرورة ألا تتحول مكافحة الإرهاب إلى دوس على القوانين، كما أصر على عدم وجود أية أسباب لرفض التعاون مع الحكومة السورية في هذا المجال». وقال: «جميع العمليات ضد الإرهاب يجب أن تجري حصراً على أساس أحكام القانون الدولي. ويطالب مجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالعمل بطريقة تضمن عدم تحول مكافحة الإرهاب إلى دوس على القوانين». وَذَكَّرَ بالمبادرة الروسية الخاصة بتوحيد جهود جميع الأطراف التي تواجه «داعش» على الأرض، بما في ذلك الجيشان السوري والعراقي والمقاتلون الأكراد.
ونفى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، للتلفزيون السوري، وجود قوات روسية مقاتلة على الأرض السورية. وقال: «ليس هناك قتال مشترك على الأرض مع القوات الروسية، لكن إذا دعت الحاجة، فإن دمشق ستدرس الأمر وتطلب ذلك».
وأعلن البيت الأبيض أنه بينما لا يوجد حل عسكري للأزمة في سوريا، فإن إدارة الرئيس باراك أوباما ما زالت ترحب بالتعاون مع روسيا لمعالجة الاضطرابات في المنطقة. وقال المتحدث باسمه جوش ارنست إن الولايات المتحدة «تبقى منفتحة على مناقشات تكتيكية وعملية مع الروس بهدف تعزيز أهداف التحالف ضد الدولة الإسلامية وضمان سلامة عمليات التحالف»، موضحاً أن الولايات المتحدة ستسعى خلال المحادثات إلى حث روسيا على تركيز أعمالها في سوريا لمواجهة «داعش». وأضاف: «لقد أوضحنا أن الإجراءات العسكرية الروسية داخل سوريا، إذا ما استخدمت لدعم نظام الأسد، من شأنها أن تزعزع الاستقرار وتأتي بنتائج عكسية».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، من جهتها، أنه «لا يوجد أي اتصال مع السوريين في ما يتعلق بالعمليات الميدانية، ولم يسجل أي صدام بين الطرفين».
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت: «لقد قلنا لشركائنا الأميركيين مراراً، رداً على أسئلتهم حول طابع مساعداتنا العسكرية التقنية لسوريا، إننا مستعدون لتقديم أية معلومات تهمهم عبر القنوات المخصصة لذلك، لكي يتمكن الخبراء العسكريون من كلا الطرفين من بحث جميع المسائل ذات الاهتمام المشترك».
وحثت «واشنطن على إدراك أبعاد الخطر الذي يمثله داعش، واستحالة مكافحة هذا الخطر بصورة فعالة، إلا في صفوف جبهة موحدة»، موضحة «كما من المستحيل التوصل إلى ذلك من دون مشاركة الحكومة السورية الشرعية». وشددت على أن الدعم العسكري الذي تقدمه موسكو لدمشق هدفه محاربة الإرهاب وحماية الدولة السورية والحيلولة دون وقوع «كارثة تامة» في المنطقة.