هل القمح مسرطِن ام لا؟ الأكيد ان اياً من اللبنانيين لم يعرف الحقيقة في ضوء السجال الذي نشب امس بين وزيري الصحة والاقتصاد على خلفية اهراءات القمح في مرفأ بيروت. خرج وزير ليتهم وآخر ليدافع. وفي هذه "الحرب"، استخدم كل طرف ما لديه من مستندات ومعطيات وقدرة كلامية على الاقناع والاتهام، ليجد المواطن نفسه في نهاية النهار امام حقيقة واحدة ثابتة، هي الضياع.
يقال إن الارقام في لبنان وجهة نظر. اسباب ذلك ظهور احصاءات مختلفة بين الحين والآخر لدعم هذه الفكرة او تلك. ولكن، هل من المقبول أن تكون صحة اللبنانيين خاضعة لوجهة النظر بدورها؟ هل من المعقول أن يرفع وزير، اي وزير الصوت، ليتهمه زميله بأنه "ملك المعارك الاعلامية الخاسرة"؟ من يحاسب؟ ومن يضع كل مخطىء عند حدّه؟ ومن يطمئن اللبنانيين ان هناك مسؤولين، بالفعل مسؤولين، يسهرون على امنهم الامني والغذائي والاجتماعي والاقتصادي؟
ما يحدث بين الحين والآخر، ينذر بأن لبنان يسير على ما يقدّر الله، طالما أن من اوكلت اليهم مهمة تأمين الدرع الواقي للمجتمع اللبناني، يظهرون عجزهم عن ذلك، فيتهمون وينكرون ويتقاتلون...عبر الاعلام، فيما الأجهزة الرقابية والقضائية تتفرّج، وغن تحركت، تحرك في وجهها من يفرمل اي مسعى اصلاحي.
اذا كانت الاتهمات وجهة نظر، فالمحاسبة يجب ان لا تكون خياراً، والحقيقة يجب الا تكون خاضعة للمساومات والمقايضات والابتزاز.
ينتظر اللبنانيون ان يعرفوا فعلياً: هل طحينهم مطابق للمواصفات؟ ام ان الحملات من هنا وهناك هي غير المطابقة لابسط مقومات المسؤولية؟
من المفترض ان يبدأ المعنيون مساء اليوم رفع النفايات من الشارع بعد كارثة ومهزلة الاشهر الماضية. سيسرّ اللبنانيون بذلك بالطبع، بعد القرف والمرض الذي اصابهم. لكنهم سيسرون اكثر، اذا ما سار قطار المحاسبة الى وجهته النهائية، وحددت المسؤوليات عما وعمن اوصل الى ما وصلنا اليه...حتى لا تتكرر هذه الكارثة وتنعاد.