حذّر تقرير صدر أمس في لندن، من مخاطر تحويل تنظيم «داعش» الأطفال الذين ينشأون في ظل «خلافته» إلى قنابل بشرية موقوتة، مشيراً إلى أن التنظيم يعمد إلى تلقينهم منذ الصغر تفسيراً بالغ التشدد للتعاليم الدينية ويربيهم على مشاهدة عمليات القتل والتعذيب، ما يُنذر بمستقبل دام لمن يصفهم التقرير بـ «أطفال الخلافة».
وصدر التقرير عن مؤسسة «كويليام» البريطانية لمكافحة التطرف، بالاشتراك مع جمعية «مبادرة روميو دالير للجنود الأطفال» ومنظمة «اليونيسكو». وقال رئيس «كويليام» نعمان بن عثمان قبل توزيع البحث الذي أعده بالاشتراك مع الباحثة في المؤسسة نيكيتا مالك: «هذه واحدة من أحلك الأيام. فالأطفال مفتاح المستقبل، والتنشئة في دولة داعش تبدأ من الولادة، ثم تزداد تشدداً في المدارس ومعسكرات التدريب. يتم تعليم الأطفال وفق تفسير خاص للشريعة، ويتم نزع أي شعور منهم تجاه العنف، ويتعلمون مهارات بهدف رفع راية الجهاد!». وقالت مالك إن البحث يُظهر أن «هناك 31 ألف امرأة حامل في الدولة، وهذا أمر مقلق حقاً. هذا التقرير يملأ الفراغ في الأبحاث المتعلقة بالأطفال في التنطيم. من واجب المجتمع الدولي أن يأخذ المبادرة بدل أن يكتفي بأسلوب رد الفعل عندما يركّز على هؤلاء الأطفال».
ومن ضمن ما يكشفه التقرير، أن هناك قرابة 50 طفلاً بريطانياً يتم تعليمهم «الجهاد» في سورية والعراق. وعلى رغم أن هذا التنظيم لجأ في السابق إلى «خطف أطفال» بهدف ضمهم إلى جنوده (مثل أطفال «السبايا» الإيزيديات)، إلا أن تقرير «كويليام» يشير أيضاً إلى «ضغوط» تُمارس على الأطفال في مناطق سيطرة التنظيم بهدف «إخافتهم» ودفعهم إلى الالتحاق به طوعاً.
وشرح التقرير أن «أطفال الدولة» يتعلمون منهجاً بالغ التشدد حالياً، إذ حُذفت منه مواد مثل الفلسفة والرسم والدراسات الاجتماعية من المناهج التعليمية، في حين يتم تحفيظ الطلاب آيات من القرآن الكريم ويُنقلون لحضور «تدريب جهادي» يتضمن إطلاق النار واستخدام الأسلحة والفنون القتالية. أما البنات، اللواتي يوصفن بـ «لآلئ الخلافة»، فيتم تعليمهن ارتداء الحجاب منذ الطفولة، ولا يُشاهدن خارج المنزل، كما يتم إقناعهن بأن مهمتهن العناية بأزواجهن عندما يتأهلن.
وبعدما حذّر التقرير من أن تنشئة الأطفال في ظل حكم «داعش» يؤثر سلباً في نموهم الجسدي والنفسي، أشار إلى أنه سجّل بين آب 2015 وشباط 2016 ما يصل إلى 254 حالة استخدم فيها «داعش» الأطفال في دعايته. وقسّم التقرير هذا الظهور الدعائي إلى خمس فئات: مشاركة الأطفال بأنفسهم في العنف، الاعتياد على العنف، لعب دور في بناء الدولة، إظهار دولة «داعش» بوصفها الدولة المثالية، والشكوى من السياسات الأجنبية ضد المسلمين. ولفت التقرير إلى أن الفئة الأولى كانت هي المهيمنة، وتمثلت في مشاركة الأطفال بأنفسهم في القتل أو مشاهدة عمليات القتل والعنف.
ووفق التقرير، فإن «ولايات» تنظيم «داعش» في العراق كانت أكثر من استخدم في إعلاناتها الدعائية الأطفال والصغار في العمليات القتالية أو كمفجرين انتحاريين. وفي الشهور الستة الماضية، أظهرت دعاية «داعش» 12 طفلاً «سفّاحاً» وطفلاً واحداً يشارك في عملية إعدام علنية. وكانت «ولايات داعش» في سورية أكثر من استخدم «الأطفال السفاحين» في إصداراتها، في حين كانت «ولايات» العراق أكثر من استخدم الأطفال كمقاتلين أو انتحاريين.
ويقترح التقرير مجموعة توصيات للتعامل مع الأطفال الذين يعودون من «خلافة داعش» أو يفرون منها، وبينها وضعهم تحت الرقابة للتأكد من تخليهم عن «العنف الراديكالي» وإعادة دمجهم في المجتمعات الأوروبية.