رأى رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط في حديث متلفز بثته محطة "أورينت نيوز" أن بيان الحكومة اللبنانية حول التمسك بالاجماع العربي "كافيا، وإذا صح التعبير هو نوع من الاعتذار"، لافتا إلى أن "الرئيس سلام فعل ما يجب أن يفعله"، متمنيا على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج أن "تقبل من خلال البيان، الذي هو بمثابة نوع من إدانة للتصريحات الشائنة، الاعتذار اللبناني الرسمي من أجل صالح لبنان والعلاقة التاريخية بين لبنان والخليج".
وأوضح أن تغريدته على موقع "تويتر" ب"تقبل التعازي بالعلاقات اللبنانية الخليجية، كانت نوعا من المزاح"، مؤكدا "لا نريد الوصول إلى مرحلة تقبل التعازي بأن العلاقات اللبنانية الخليجية انقطعت، نريد أن تبقى العلاقات، وسوف تبقى العلاقات".
وعن الاجراءات التي اتخذتها بعض الدول الخليجية، ودعوة رعاياها إلى مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، قال: "ليس هناك هذا الكم من الرعايا الخليجيين في لبنان. لقد اتخذوا هذا الموقف لمنع الرعايا من المجيء منذ أكثر من عامين. ليس هناك سوى أفراد يأتون إلى لبنان. هذا ليس بجديد، وهذه دعوة مجازية، وتأكيد المؤكد لا يغير شيئا. بالعكس، أدعوهم إلى المجيء، أمنيا ليس هناك شيء".
وتعليقا على قول وزير الداخلية نهاد المشنوق بخصوص هذا الموضوع "الآتي أعظم"، قال: "لا أعلم عما يتحدث".
وعما إذا كان الموقف السعودي الأخير مرتبطا فقط بموقف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، أم أنه يتعلق بصراع بين الرياض وطهران على لبنان، قال: "هناك جملة من الإساءات اتجاه المملكة من قبل تصريحات من بعض المسؤولين في لبنان، لكن هناك صراعا إيرانيا وسعوديا على لبنان والمنطقة. وأعتقد أن لبنان لا يتحمل عبء هذا الصراع، والغالبية الصامتة في لبنان لا علاقة لها بهذا الصراع، بل تريد العيش الكريم، وتدين هذه الإساءات. لكن لا نتحمل هذا الصراع، فهو صراع كبير، ونحن في بداية الطريق، هو صراع على اليمن وعلى العراق وعلى سوريا. لا بد من تبصر أكثر مما يجري".
ورأى أنه "لا يمكن أن تتقوف الحرب في اليمن إلا من خلال حل سياسي، وحوار سعودي - إيراني"، مشددا على أن "أيا كانت الانتصارات أو الانكسارات على الأرض أو التقدم، لا يحل الموضوع اليمني إلا بالحوار اليمني الداخلي والسعودي- الإيراني".
وإذ اعتبر أن الصراع في المنطقة "صراع سني - شيعي، أو هو في مكان ما، يأخذ هذا الطابع"، قال: "لكنه هو صراع سياسي وصراع نفوذ، يزج فيه السنة والشيعة على حسابهم، على حساب أرواحهم وأرزاقهم"، مستطردا "لذلك الحوار السعودي- الايراني مفيد، والحوار العربي- الإيراني ضروري، كي نعلم ماذا تريد إيران وماذا نريد نحن؟ أين مصالح إيران وأين مصالح العرب؟".
وتعليقا على بعض التحليلات السياسية التي أشارت إلى أن "السعودية خائبة ب(الرئيس) سعد الحريري وبدوره في لبنان، وشعبيته لدى الأكثرية السنية، وربما تفكر باستبداله بشخصية أخرى، وأن استقالة وزير العدل أشرف ريفي وتصدر أخبار معظم الصحف السعودية مؤشر لتبدل معين"، قال: "يبقى سعد الحريري العنوان الأول في الاعتدال اللبناني، ويبقى سعد الحريري الضمانة، واي محاولة للتجريح بسعد الحريري أو لطعنه، هي ضرب من الخيال وعدم العقلانية".
واعتبر أن "ريفي باستقالته يزايد على الحريري"، قائلا: لكن يزايد على ماذا؟ فقط لكسب الأنظار"، معتبرا أن "هذا غير مفيد، بالعكس التضامن مع سعد الحريري مفيد أكثر. ولا أريد أن أعلق على تلك الظواهر الصوتية".
ورأى أن وقف المساعدات العربية للبنان وتجميد الهبة السعودية للجيش اللبناني، بمثابة "حصار اقتصادي للبنان"، منبها إلى ان "حصار لبنان اقتصاديا يفقر كل اللبنانيين، ولن يفيد. إلا إذا كان هناك سياسة ترسم للاطاحة بالاستقرار اللبناني وبالكيان اللبناني. وقف المساعدات وتجميد الهبة للجيش اللبناني غير مفيد، اتفقنا أن هذا الجيش بالتعاون مع المملكة ومع الدول الكبرى يحارب الإرهاب وقد قام بإنجازات كبيرة"، رافضا أن يكون الجيش "إنخرط بالحرب السورية، أو أن حزب الله ورطه في هذه الحرب"، معتبرا أن "هذا كلام غير دقيق"، مشيرا إلى أن "هناك حركات إرهابية طالت الأمن اللبناني، والجيش وقوى الأمن اللبناني قاما بإنجازات"، مكررا تأكيده أن "وقف المساعدات في هذه اللحظة مسيء"، مؤكدا "نريد أن نفصل المساعدات للجيش اللبناني عن المحاور الإقليمية".
سئل: "هل سيكون هناك رد إيراني أو رد لحزب الله في لبنان؟.
أجاب: "حزب الله موجود في لبنان. هو واقع وهو إمتداد للسياسة الإيرانية في لبنان".
سئل: كيف سيردون؟.
أجاب: "لست أدري ماذا سيفعلون. هم يمثلون السياسية الإيرانية، لكن الرد على المؤسسات اللبنانية هو إضعاف للمؤسسات وإضعاف للدولة. تجميد السلاح وتجميد المساعدات هو إضعاف للدولة، هم سوف يستفيدون من هذا الأمر".
ووصف الحديث الحديث عن مؤتمر "تأسيسي" و"طائف جديد"، بأنه "ليس واقعيا"، مؤكدا ان "اللبنانيين اليوم ليسوا بوارد مؤتمر تأسيسي ولا طائف، هم فقط يريدون الإستقرار والتهدئة والحوار في إنتظار أن تأتيهم ظروف أفضل".
وعن كيفية ربطه لما حصل في لبنان بما يحصل في سوريا، قال: "تظن بعض القوى العربية أنها بإرسال هذه التحذيرات المالية أو الإقتصادية إلى لبنان، تستطيع ربما أن تؤثر على مسار التدخل في سوريا. ليس بإمكاني التدخل في سوريا. هناك صراع إقليمي ودولي على سوريا. هذا خارج قدرة اللبنانيين على تغيير الموقف. لا نستطيع هذا الأمر من باب الواقعية المطلقة".
أضاف: "إذا كان البعض يظن بأن حزب الله سينسحب من سوريا نتيجة بعض المواقف العربية، لن ينسحب. ونحن طالبنا بالنأي عن النفس منذ حكومة الرئيس ميقاتي لكن الكلام لم ينفع. هناك صراع عربي ودولي وإقليمي على سوريا".
سئل: "هل حزب الله إلى هذا الحد غير مكترث بجمهوره أو أنصاره، كي لا أقول بجميع اللبنانيين، وأن يودي بهم إلى حلول فردية تلائمه؟.
أجاب: "لا زال هناك جمهور يوالي حزب الله، وهناك سياسة تمليها إيران عليه وهو جزء من منظومة إيرانية في لبنان. يقوم بهذه السياسة على حساب جمهوره أو على غير حساب جمهوره، لست أعلم. لكن هذا أمر أكبر من طاقة اللبنانيين".
سئل: هناك من يتحدث عن أن إيران تأخذ لبنان عبر حزب الله تعويضا عن تسلم روسيا لسوريا وإرضاء روسيا للمصالح السعودية في سوريا؟.
أجاب: "من قال أن روسيا استلمت سوريا. روسيا اضطرت إلى نجدة النظام عندما استقدمت طائراتها وضربت المعارضة. لكن لن تستلم سوريا".
وتابع ردا على سؤال آخر عن روسيا: "هي موجودة، لديها قاعدة في شمال سوريا، لكن استلمت ماذا؟ لا تزال تحاول في جبروتها أن تقوي النظام أو أن تستعيد الأراضي التي فقدها النظام، لكن تستلم ماذا؟ سوريا في دمار كامل ولا أوافق على أن هناك تفاوتا روسيا- إيرانيا. هناك تنسيق عسكري، أمني روسي- إيراني ومعه النظام في سوريا. لا أوافق على الخلاف".
ونفى أن يكون النفوذ الإيراني ضعف في سوريا، قائلا "لولا الدعم الإيراني، لم يبق النظام".
وعن رأيه في إتفاق وقف إطلاق النار أو العمليات العدائية في سوريا، قال: "تم وقف إطلاق النار، وماذا بعد؟ وقف إطلاق النار دون حل سياسي لا يؤدي إلى شيء. تم وقف إطلاق النار ولم يفرج عن عشرات أو مئات الآلاف من المعتقلين أو عن الحصار عن مدن ومناطق. ماذا بعد؟ وقف إطلاق النار ينهار".
وردا على سؤال، كرر ان "وقف إطلاق النار من دون حل مبني على أساسيات مؤتمر جنيف 2، أي الحكومة الانتقالية ولاحقا استبدال رموز النظام الإجرامية، بشار وجماعة الأمن وغيرهم، لا يمكن أن يعطي حلا سياسيا حقيقيا".
سئل: تحدثت عن تنسيق روسي- إيراني في سوريا. لكن ألا ترى فرقا بين الأجندة الروسية والإيرانية؟.
أجاب: "هذا السؤال يفوق طاقتي على الإجابة. لست أدري. أرى الواقع من بعيد أو من قريب، هناك تنسيق إيراني- روسي. في الوقت الحاضر هم متفقون. متى يختلفون؟ لست أدري. هذه دول كبرى.
وردا على سؤال، اعتبر ان روسيا "لم تضرب "داعش" فقط ضربت المعارضة التي أوجعت النظام وحررت مناطق كبيرة منه. إذا أين القتال المزعوم ضد "داعش"؟.
وعما إذا كانت إتفاقيات وقف إطلاق النار في سوريا ستخرق كما حصل في لبنان سابقا، قال: في لبنان يختلف الأمر. دخلت البلاد في حرب أهلية منذ عام 1975 لغاية عام 1991، تخللتها خروقات عدة لوقف النار وحروب. لكن بعدها أتت ظروف عربية ودولية لإنهاء الحرب. وانتهت الحرب بإتفاق الطائف الذي كان اتفاقا أميركيا- سعوديا- سوريا وعربيا. أما سوريا موضوع آخر. اليوم كل المنطقة العربية: سوريا، العراق، اليمن وربما غير بلاد، يبدو أننا نشهد تغييرا في الخرائط أو الكيانات بعد مئة عام على إنشاء "سايكس- بيكو". هناك تغيير ما آت على المنطقة".
وعن الانجازات التي يحصل عليها الأكراد في سوريا، استغرب كيف "أن هذه الشريحة من المواطنين السوريين التي عانت الكثير من التهميش والاضطهاد على أيام النظام السوري، تلقى اليوم دعما لوجستيا أميركيا وروسيا تحت شعار محاربة "داعش"، لكن تلتقي في الأهداف في ضرب الشعب السوري، وهذا غريب، بدل أن تناصر الشعب السوري ضد النظام! غريب أنها اليوم تساعد ضد "داعش" وطبعا هذا مفيد. لكن وكأنه يرسم كيان كردي في شمال سوريا".
وردا على سؤال، رأى انه "أيام النظرية القومية العربية، ظلم الأكراد، لأنه جرت محاولة تعريب بالقوة، تعريب سياسي وثقافي وحتى عسكري للأكراد، سواء كان في سوريا أو في العراق وهجروا، هذا نتيجة "سايكس- بيكو" ولاحقا إتفاق "لوزان". كان الأكراد قد حصلوا على نوع من الاستقلال الذاتي أو دولة أو دويلة في اتفاق سابق، ضرب هذا الاتفاق وكان إتفاق لوزان ورسمت الكيانات، ولم يحترم العرب الخصوصية الكردية. اليوم بعد مئة عام، الخصوصية الكردية تظهر إلى الملأ. كيف سوف نتعامل معها نحن كعرب؟ هذا هو السؤال، هل نملك قدرة التعاون معه؟ هل هناك مكون كردي قوي داخل المعارضة السورية، لست أدري، لا أعتقد. لكن لا بد من التعامل بدقة مع الكيان الكردي المقبل علينا إن في العراق أو في سوريا".
وعما إذا كان هناك رسم خريطة جديدة لسوريا وتقسيمها، قال جنبلاط: "فشل الغرب في مد المعارضة السورية المعتدلة، الجيش السوري الحر، بالسلاح النوعي من أجل اسقاط النظام، وتأخرهم في ذلك أدى إلى تفتيت المنطقة وسوريا، وكأنهم في مكان ما يلتقون مع بشار الأسد الذي يقول حتى اللحظة أنه يحارب الإرهاب وهو يحارب الشعب السوري حتما. هناك شيء غريب يطل علينا. نعم هناك خطر تقسيم سوريا".
أضاف: "سبق أن حذرت منذ سنوات أن سوريا ذاهبة إلى التقسيم، لكن آنذاك ما من أحد أراد أن يتجنب هذا الأمر، وكأن الدول الكبرى آنذاك كانت تريد تقسيم سوريا وأحبطت كل جهود المعارضة السورية والجيش السوري الحر لأنه لم يعط الإمكانيات المطلوبة من أجل إسقاط النظام فدخلنا في دوامة العنف".
ورد سبب عدم دعم "الجيش السوري الحر"، إلى أن "الغرب يفضل عنوان التطرف، ووجد هذا العنوان أو أوجده من خلال "داعش"، فكل الأنظار اليوم متجهة لمحاربته ونسوا جرائم النظام".
سئل: إذا الغرب لديه خوف من الإسلام. لماذا يدعم القوى المتطرفة ويتجاهل قوى معتدلة؟.
أجاب: "هذه لعبة خبيثة. لعبة المؤامرة الكبرى لتدمير سوريا، ربما هذه لعبة مدروسة من قبل. لا أدري".
ورأى أنه "ليس صدفة أن كبرت داعش في عام. أصبحت إمبراطورية وكان يمكن تفادي أو منع تلك العناصر التي أتت إلى سوريا والعراق من الغرب لتقوية داعش، كان يمكن وقفه. ولماذا لم تعط المعارضة السورية السلاح المطلوب؟، أسئلة تطرح على الموقف الغربي و"روسي المشبوه. الحرب ضد داعش عبر ضربه بالطيران غير جدية. لا يمكن أن تستكمل هذه الحرب إلا من خلال قوات برية عربية مع قوات أجنبية. لم نر ذلك، بل نرى أدوات أكراد تحارب لهدف غير واضح إلا ربما لتفتيت سوريا، ولم نر قوات أخرى فاعلة تنزل على الأرض وتحارب داعش".
واعتبر ان "داعش" هي "عذر للغرب لتغيير المنطقة".
وعما إذا كانت المنطقة أمام "خريطة جديدة ترسمها روسيا والولايات المتحدة الأميركية؟"، قال: "هناك خريطة جديدة لتفتيت المنطقة. لكن علينا أن نحذر ان هذا المنطق يستخدمه النظام السوري. لأن هذه الخريطة الجديدة تهدف لتقسيم المنطقة الى كيانات عرقية مذهبية وتصب في مصلحة دولة اسرائيل. لذلك، لا بد من عدم نسيان جرائم النظام السوري، وربما لدينا فرصة بعد لتغيير هذا النظام من أجل سوريا ديمقراطية فيها نوع من اعادة التوازنات: طائف سوري يعطي الأكراد حقوقهم، لكن علينا ألا ننسى ان هناك اسرائيل، فهى تناسبها الكيانات العرقية والمذهبية".
وعن العراق وعدم دفع الرواتب، رأى أن "هناك حكومات في العراق وليس حكومة واحدة. هناك الحكومة الشرعية وهناك حكومات الأمر الواقع، الميليشات المتعددة، أكثر من عشرين أو ثلاثين ميليشيا. وقف الرواتب نتيجة الفساد الهائل في العراق، سيضعف ما تبقى من كيان الجيش العراقي ويضعف العراق في محاربته لداعش".
وردا على سؤال عن "الربيع العربي الذي قام من أجل فرص العمل والحرية والمساواة والديمقراطية والكرامة ومحاربة الفساد"، بعد خمس سنوات من انطلاقه، قال: "ثورة الشعوب العربية قامت لأهداف مشروعة. هذا الشعب العربي المقموع منذ عقود انتفض في كل مكان. نحن في بداية طريق. في منطقة جدا معقدة، والشعب العربي لا يملك رؤية واضحة لأننا في منطقة حساسة فيها إسرائيل وفيها النفط. لكن كان مشروعا قيام الشعوب العربية بالانتفاضة. هذا أمر مشروع ولا أريد ان نناقش فيه، أي طعن وضرب الأنظمة القمعية".
سئل: "بعد أيام تدخل الثورة السورية عامها السادس. ماذا تقول للسوريين؟.
أجاب: "بالرغم من كل الظلم الذي لحق به، سيرى الشعب السوري المقموع النور في يوم ما، ولا نيأس لأن الاستسلام لليأس يعطي النظام فرصة. النظام يريد التيئيس، لكن عليهم ان يستمروا".
سئل: "هل ما تزال تؤمن بالثورة السورية؟.
أجاب: "طبعا، لكننا نحتاج إلى وقت طويل. سننتصر. لا يمكن لهذا الظلم ان يستمر. لا يمكن".