حسان الحسن -
التهويل بالتدخل البري التركي- السعودي وإقامة منطقةً عازلةً في سورية، لم يعد يجدي نفعاً، فقد انتهى مفعول هذا التهديد، لاسيما أنه جاء مترافقاً مع تقدم الجيش السوري والقوات الرديفة في كل أنحاء البلاد، خصوصاً في المناطق المحاذية للحدود التركية، تحديداً في ريفي اللاذقية وحلب الشماليين، كذلك فأن القوات الروسية والإيرانية المنتشرة على الأراضي السورية، ستتعامل مع تدخلٍ عسكري خارجي، على أنه قوة معادية، لذلك لن تجرؤ أي من الدول الاقليمية الى التصادم مع موسكو وطهران، من دون غطاء أميركي، وهذا الأمر غير متوافر راهناً، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية سورية.
وما يعزز هذا الرأي، هو هبوط الطائرات الحربية السعودية التي قد تقوم بتنفيذ غاراتٍ على الأراضي السورية، في قاعدة أنجرليك الجوية التابعة للجيش الأميركي، ولم تحط أي من هذه الطائرات رحاها في مطار عسكري تركي آخر، ما يعني أن سلاح الجو السعودي أو التركي، لن ينفذ طلعةً جويةً واحدة، إلا تحت القيادة الأميركية، وهذا ما عبر عنه أيضاً مسؤولون في أنقرة والرياض.
ومن الناحية الميدانية، إن رياح المعارك تجري بما لا تشتهيه السفن التركية، فمدينة حلب، التي كانت تعتبرها أنقرة انها من الخطوط الحمراء لديها، وأن خروجها على الدولة السورية، يسهم في سقوط العاصمة دمشق، هاهي الشهباء باتت مطوقة من القوات السورية والكردية، ما دفع الأتراك الى التراجع عن مقولة : “إعزاز خط أحمر بدلاً من حلب “.
وفي آخر التطورات، يتقدم الجيش السوري نحو حلب من الجهة الغربية، أي من منطقة الراشدين، فيما تطبق القوات الكردية على مناطق الشمال الشرقي الحلبي، كتل رفعت والشيخ مقصود وبستان الباشا، وقد تعود الى حضن الشرعية في وقت قريب، بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية متابعة.
وفي ريف اللاذقية، تتابع القوات السورية وحلفاؤها عزلها للحدود التركية عن آخر مواقع المجموعات المسلحة، بعدما سيطرة مغاوير البحر في قوات صقور الصحراء على منطقة كنسبا، المشرفة على محافظة أدلب، ما يؤشر الى قرب اندلاع معركة استعادة أدلب، برأي المصادر.
وتشير الى أن وحدات المغاوير هي الآن منتشرة على بعد 6 كلم من الحدود المذكورة آنفاً، وتعمل على قطع خطوط إمداد المسلحين عنها بالكامل.
بالانتقال الى الجنوب، تسعى القوات السورية الى الوصول الى الحدود الأردنية السورية، وقطع طرق إمداد المجموعات المسلحة في الأردن والقنيطرة نحو محافظة درعا، وتتابع وحدات الجيش تقدمها في الجنوب السوري وفقاً لاسلوب القضم ، للتخفيف من الخسائر البشرية والمادية، وافساحاً في المجال امام عقد المصالحات، ودائما بحسب المصادر.
بعد التطورات الميدانية المتسارعة مؤخراً، لاريب أن موازين القوى على الأرض انقلبت لمصلحة الجيش السوري وحلفائه على امتداد الجغرافيا السورية، بالتالي فان الإنجازات الميدانية ستفرض نفسها على عملية التفاوض السياسية، ولكن بيقى السؤال، “كيف سيركز الدور السياسي في المرحلة المقبلة لكل من تركيا والسعودية، وهل تتخذ الأولى حادث التفجير الذي وقع في أنقرة ذريقة للقيام بعمل عسكري ما في سورية واستهداف المواقع الكردية “؟ قد يكون مثلاً عملية خاطفة لقوات النخبة التركية “الكوماندوز” على معسكرات وحدات حماية الشعب الكردي، ولكن هذا الأمر لم تتضح معالمه راهناً في ضوء استمرار الغطاء الأميركي والدعم الروسي- السوري للأكراد.
ورغم أن أنقرة لاتزال تطمح بإقامة “منطقة آمنة” بمساحة 10 كلم في عمق الأراضي السورية، وتضغط على دول الاتحاد الأوروبي وتحديداً المانيا بأزمة النازحين السوريين في سبيل الوصول الى هذه الغاية، لكنها لن تتحقق، فالجيش السوري على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي مغامرة تركية من هذا النوع، وكل موازين القوى على الأرض تؤشر الى انها تحصل.
والآن الجميع في انتظار معركة حلب الكبرى، وعند استعادة الجيش وحلفائه للشهباء والقضاء على المسلحين فيها، واغلاق الحدود التركية- السورية، يبدأ العد التنازلي لنهاية الحرب السورية.