Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

خاص - معركة حلب معركة مصير سوريا ولبنان

$
0
0


تحملنا المعركة المقبلة على حسم سريع في شمال حلب للتأمّل بها مليًّا وبانعكاساتها ليس على مستقبل سوريا، بل على مستقبل المشرق العربيّ، فهي بحقّ أمّ المعارك نظرًا لمحتوياتها السياسيّة والميدانيّة وامتلاكها القدرة على تعطيل مفاعيل مؤتمر جنيف، وجذب حبهة مضادة لمناورة تحاول من خلالها اختراق المسافات من السعودية باتجاه سوريا كمحاولة يائسة للملمة الشتات.


أهمّ قراءة لتلك المعركة ظهرت في تقرير كتبه مدير الأبحاث في جامعة ليون فابريس بالونش، وهو باحث فرنسيّ في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تحت عنوان: "معركة حلب مركز رقعة الشطرنج السوريّة". يكفي العنوان بحدّ ذاته لاكتشاف عمقها التأسيسيّ والتكوينيّ ليس لمرحلة راهنة ستكثر فيها المعارك الحاسمة ما بين الشمال والجنوب لفتح الطريق ما بين درعا والحدود التركية والعراقية مرورًا بالوسط السوريّ أي حمص، أو ربط المعابر الحدوديّة من تركية ولبنانيّة وعراقية وأردنية ببعضها ضمن القبضة السوريّة، بل لمرحلة ينكشف المعطى السياسيّ الجديد من قلب الميدان في امتلاك أوراق القوة على الأرض ومن متانة المواجهة وفرض حلّ سياسيّ أو تسوية لن تنأى حتمًا بالمكوّن السنيّ ولا بالمعارضة بعيدًا، ولكنّها في الوقت عينه ستثبّت رئاسة بشار الأسد لسوريا لعهد وطنيّ جديد عنوانه المشاركة والتفاعل بين الجميع، وقد هدفت الحرب في سوريا وعليها منذ بداءتها إلى اقتلاعه والنأي به، إلى أن ترهّلت الرهانات وترمّدت بنار النتائج رويدًا رويدًا على الأرض، واكتشف العالم، أن بشار الأسد مفتاح القضاء على الإرهاب ومفتاح الحلّ السياسيّ بتسوية جامعة.


نعود إلى التقرير، فهو بشكله طويل، ولكنّه دقيق بالتوصيف والاستنتاجات. بداءته تنطلق بالإشارة إلى نجاح الجيش السوريّ وحلفائه بقطع الطريق الشمالية المعروفة بممر إعزاز التي تصل مدينة حلب بتركيا، ويشير كاتبه باستنتاج واضح بأنّ هذا الفعل لا يضع الحدود السورية التركية تحت سيطرة القوات النظامية في غضون أشهر، بل يهدد وجود المتمردين في محافظة حلب من جهة ومن جهة ثانية يدفع القوات الكردية المتواجدة في المنطقة إلى خيار التعايش مع الأسد. ويشير كاتب التقرير، إلى أهمية تلك المعركة بالنسبة للرئيس الأسد، فهي ممر واضح باتجاه اللاذقية، بربط حلب وإدلب ببعضها من قبل تنظيم داعش وجبهة النصرة ممّا يحوّل حلب ممرًّا طبيعيًّا للبلوغ نحو الساحل السوريّ في محاذاة الحدود التركيّة وبدعم تركيّ-سعوديّ للجماعات المقاتلة، واعتبر بالونش، بأنّ ثقل المعركة اضطر بشار الأسد إلى طلب التدخل من روسيا ومن دون أيّ شروط، "وفي المقابل جاء الهجوم الأخير بعد أسابيع من القصف الجويّ الكثيف ضدّ دفاعات المتمردين، لا سيّما على مركز باب السلام الحدوديّ مع تركيا الذي كان المتمردون يحصلون من خلاله على الكثير من امداداتهم".


أهمية تلك المعركة وبحسب هذا التقرير ايضًا، أن الجيش السوريّ بالتحالف مع حزب الله والجيش الروسيّ عن طريق البر، وبعد تحرير نبل والزهراء والزيارة والخربة، أنها على المستوى الميدانيّ أضعفت ممرّ إعزاز، وستفنح الطريق باتجاه معبر باب الهوى، وستتركز المعركة بصورة جليّة على مناطق الريف، ليسهل التقدم منها وضمن مفهوم الميدان المفتوح باتجاه جبل التركمان في محافظة اللاذقية وعلى الحدود أيضًا مع تركيا. أمّا على المستوى السياسيّ فهي بدورها تفتج آفاقًا للأكراد ليكونوا جزءًا من النسيج السوريّ الجديد، وهذا عينًا ما يفسّر الإصرار على وجود وفد منهم في مفاوضات جنيف، والتي أجهضها تقدم الجيش السوريّ مثلما أجهضها وفي اللحظة عينها الجيش اللبنانيّ بتلك العملية الاستباقية في عرسال.


ما يجدر فهمه، إسقاطًا لهذا التقرير، بأنّ المعركة في حلب، وفي ربط المناطق ببعضها الكردية والعلويّة والشيعيّة وجوديّة لمعظم الأطراف، وجوديّة للنظام، ووجوديّة للقوى المقاتلة للنظام المنظورة منها وغير المنظورة. وتدرك معظم القوى المتقاتلة مع النظام أن مبدأ الحرب الذي شاءته لنفسها عبثيّ بتبنيها الكامل للقوى للسياق التكفيريّ الأعمى بحروفيّته المغلقة، وهي تاليًا، لا تستند على مكوّنات ومقوّمات استراتيجيّة تؤهّلها لبسط سيطرتها، بل بدأت تفقد أوراقها في المعركة لكونها لم تحمل رؤية متكاملة تخصّ الكينونة السوريّة بتعدديتها، ودور تلك الكينونة في ترسيخ الأمن السياسيّ والاجتماعيّ، واستطرادًا في ترسيخ شبكة أمان مع الدول المحيطة بعلاقات سويّة واضحة. وتشير بعض الأوساط إلى أنّ التحالف الإسلاميّ تحت عنوان الحرب على الإرهاب، متناقض بالمعنى العقيديّ والسياسيّ مع نفسه كما هو فارغ من محتواه الفعليّ وما هو سوى ظاهرة صوتيّة، تستفيد من طبيعة الصراع بصفته المذهبيّة وتقتات منها بتوسّع واضح. وتجدر الإشارة هنا، بأن هذا التحالف، وفي مضمونه السياسيّ، ينطلق من رؤية واضحة القضاء على "حزب الله"، بوضع بعض شخصيّاته على لائحة الإرهابيين، التحوّل من مفهوم القضاء على الإرهاب في سوريا، إلى مفهوم آخر، عنوانه الالتفاف على المعركة الحاصلة في حلب ومحيطها للانقضاض على النظام انطلاقًا من محاولة لملمة شتات المعارضة بدءًا من ما سمي بمعارضة الرياض.


وعلى الرغم من تصريح وزير الدفاع الأميركيّ تشاك هيغل منذ شهر ونيف في قاعدة أنجرليك التركية بتشجيعه لقيام تحالف من هذا النوع، إلاّ أنّ الأميركيين يحاذرون بالفعل التورّط في دعم هذا التحالف خشية أن يتحوّل الدعم إلى مواجهة مع الروس، وهم في مساحة فاصلة مع انتخاباتهم الرئاسية فتنعكس على الداخل سوءًا، وتظهر استطلاعات واضحة بأنّ الأميركيين ليس لهم مصلحة فعلية بتدعيم المواجهة بقدر ما لهم مصلحة بالتسليم بتحالف روسيّ-إيرانيّ، يستفيدون منه لمعاقبة الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان، وقد نعت في تقاريرهم بالأصوليّ المتخلّف والكاذب، والطامح لتكوين عثمانية جديدة على جثث بشر أبرياء، فيما يمتصّ بشراهة من خزينة دولته المال الحرام وقد بنى قصرًا يسع ألف غرفة على حساب شعبه، كما في الوقت عينه يستفيدون منه في تأنيب المملكة العربيّة السعوديّة، بسبب معارضتها للاتفاق الدوليّ-الإيرانيّ، واستفحال التخلّف في داخلها وانكشاف دورها في دعم المنظمات الإرهابية بدءًا من أحداث 11 أيلول الشهيرة وصولاً إلى الأحداث في سوريا الأخيرة.


وتشير معلومات إلى محادثات مرتقبة في فيينا وميونيخ ما بين التحالف الإسلاميّ والأميركيين والأوروبيين في طلب الدعم للدخول إلى سوريا. وتكشف المعلومات عينها بأنّ الأميركيين يتعاملون مع هذا المحتوى بحذر شديد، لدرجة أنهم لن يسلّموا به حتى لا يستهلك التسليم هذا في إطار المعركة الرئاسية وتاليًا حتى لا يكون مادة لصراع مع روسيا. سيترك السعوديون والأتراك إلى عبثيتهم في قرارات يدركون سلفًا أنها خالية من أوراق القوة التي تحفزهم على مواجهة كاسبة. ولذلك تخشى بعض الأوساط وعلى الرغم من التشدّد الأمنيّ في لبنان، من محاولات اختراق تظهر تباعًا لتشتيت النظر عن الانتصارات التي تتحقق في حلب، كما حدث في برج البراجنة أو في دمشق مؤخّرًا، أو بإمكانية خلط الأوراق في الداخل اللبنانيّ بعمليات اغتيالات تطال بعض الشخصيات المؤثرة في المدى السياسيّ الداخليّ.


وجودية المعركة في حلب وسوريا تتطلب من اللبنانيين المزيد من الحذر الشديد. نحن في لجة التداعيات. واللجة تستدعي اللجة حتى الاختناق، سيّما أنّ السعوديين والأتراك لن يقفوا مكتوفي الأيدي بحسب تقرير فابريس بالونش، ويعدد خيارات ممكنة منها "فتح جبهة جديدة في شمال لبنان، حيث قد تنخرط الجماعات السلفية المحليّة وآلاف اللاجئين السوريين في القتال. ويكمل قائلاً: "ومن شأن هذه الخطوة أن تهدد معقل الطائفة العلويّة التي ينتمي إليها الأسد في طرطوس وحمص بشكل مباشر، وتهدّد أيضًا الطريق الرئيسيّ إلى دمشق. وقد يؤدّي ذلك إلى تطويق قوات النظام، وقطع طرق التواصل والامدادات والتمويل لحزب الله بين لبنان وسوريا". ويطرح كاتب التقرير سؤالاً: "هل تملك الرياض وأنقرة الوسائل والإرادة للمضيّ في هذا المسار الجريء والخطير"؟ وتنصح بعض المصادر بإنهاء ملفّ الرئاسة عن طريق الإجماع لكونها جزءًا من المواجهة المفتوحة على كافة الأصعدة، ومن شأن سدّ الفراغ عن طريق الإجماع وكما اقترح أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، أن يحصّن لبنان من التداعيات، وإلاّ فإننا سنشهد فراغًا طويلاً حتى انقشاع غيوم المعركة وغبارها، عندئذ سيتجلى الإجماع من خلال منتصر يفرض شروطه بتسوية واضحة المعالم لا تنأى بالمكونات خارجًا، ولكنها تفرغها من الخاسرين ليس على مستوى رئاسة الجمهورية بل على مستوى رئاسة الحكومة، وبخاصّة وكما قال بالونش في تقريره جازمًا: "أيًّا كان الأمر ففي ظلّ غياب ايّ تطوّر نادر، من الصعب أن يتمكن المتمردون من مواجهة الماكينة الحربيّة الروسيّة-السوريّة-الإيرانيّة أو التصدّي لها. إنّ النجاحات الخيرة في حلب تضع بوتين وسط رقعة السورية وتدحض توقعات بأنّ التدخل الروسيّ لن يحدث فرقًا يذكر أو قد يوقع موسكو في فخ مستنقع آخر"


إلى ذلك الحين المشوار طويل، والتسوية الرضائية خير من نهاية عبثية.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>