
صونيا رزق-
باتت صعبة جداً إستعادة مشهد الوحدة قبل 11 عاماً، الذي جمع اكثرية الاطراف السياسية اللبنانية، التي انتجت بعد شهر تماماً ثورة 14 آذار من اجل إستعادة سيادة لبنان وإستقلاله، تلك الثورة التي سقط من اجلها عدد من الشهداء، تحت شعار الانتفاضة من اجل لبنان اولاَ، لكن وبعد كل هذه السنوات، ماذا بقي من تلك الذكرى سوى الشعارات على الورق، بفضل بعض السياسيين الذين عملوا على خلط الاوراق الرئاسية، فقلبوا الوضع رأساً على عقب، ولم يصلوا الى أي نتيجة فخسروا الحلفاء ولم يربحوا الخصوم، نتيجة سياسة انقلابية لم تؤد سوى الى المزيد من الخلافات والانقسامات، بحسب مصادر سياسية مراقبة.
وسط هذا المشهد، بات تيار «المستقبل» وحده المعني الاول في ذكرى إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فوجّه الدعوات بإسمه الى الجميع ، ولم يستثنِ أحداً من مكوّنات 14 آذار ، والى كتلة «التنمية والتحرير» وكتلة «لبنان الحر الموحّد» و«التيار الوطني الحر»، لإحياء الذكرى يوم الاحد المقبل في «البيال»، من دون ان يذكر برنامج الاحتفال والخطباء الذين سيتكلمون كما جرت العادة، مما يعني انه لغاية اليوم لم تظهر الصورة النهائية للاحتفال المذكور، او ان هنالك كلمة سياسية واحدة فقط ستكون للرئيس سعد الحريري، لانه بات المعني الوحيد بالذكرى، بعد ان قضى بيده على تحالف 14 آذار، بسبب ترشيحه للنائب سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة الذي يعتبر قطباً للفريق الخصم .
الى ذلك، تعتبر المصادر عينها ان الطريقة التي وجهّت فيها الدعوات، تؤكد أن الباب ُترك مفتوحاً لإمكانية إجراء مصالحة ولو ظرفية، لتفادي أي خلاف في هذه المناسبة او انقسام ينتظره خصوم فريق 14 آذار، متوقعة ان تحمل الساعات الاخيرة بعض الايجابيات من ناحية المشاركة، لان المناسبة اليمة وهي إستذكار شهادة الرئيس رفيق الحريري ليس اكثر، لكن بالتأكيد ستحمل كلمة الرئيس سعد الحريري بعض «اللطشات» للحليف السابق، وبعض «التبخير» للحليف الحالي، لذا تتجه الانظار الى مشاركة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع من خلال حضوره الشخصي او ايفاد من يمثله، فيما البعض الاخر ينظر الى إمكانية مشاركة النائب سليمان فرنجية، على الرغم من كل الاتهامات التي وجهّت اليه في 14 شباط 2005 حين كان وزيراً للداخلية حينها.
هذا وتشير المصادر المذكورة الى ان كلمة الحريري هذا العام ستتطرق الى الملف الرئاسي بقوة، في حين انها كانت تبدو جامعة لعدد من الملفات في السنوات الماضية، اذ كانت تتناول النظام السوري وسلاح حزب الله ، والتأكيد على إستمرار ثورة الارز ونضالاتها، والتشديد على الوحدة مع الحلفاء، اما اليوم فكلمته سوف تحوي الوحدة مع الحليف المستجد الذي لا يجمعه به أي شيء، سوى الافكار السياسية المتناقضة. لكن وعلى الرغم من ذلك يرى الحريري ايضاً أن حليفه السابق جعجع قام بدوره بترشيح احد خصوم فريق 14 آذار، ولم يغفر له هذه الهفوة، مع انه كان البادئ في الهفوات، تحت حجة انه يريد إنهاء الفراغ، في حين انه يمكن إنهاء الفراغ، مع التذكير بأن الحريري رشّح لغاية اليوم ثلاثة اقطاب مسيحيين، هم ميشال عون وسمير جعجع وسليمان فرنجية، ولم ينجح بإيصال أي منهم، مما يعني انه إعتاد على ترشيح الاسماء التي يصعب وصولها، لانها لا تحمل العناوين التوافقية بل الاستفزازية بالنسبة للبعض .
ورأت المصادر أنه على الحريري الا يعلن ترشيح فرنجية في ذكرى إغتيال والده ، لانه بذلك يكون قد قضى على آخر ما تبقى من ذكرى 14 آذار وثورتها، وبالتالي سوف يخسر الكثير، ومنها بصورة خاصة شارعه السّني الذي بات محبطاً بسببه الى ابعد الحدود، بسبب «تخبيصاته» السياسية، كما يصفها عدد كبير منهمط.