Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

قصة نجاح قائدة طائرة في العمل والمنزل

$
0
0


بريان بورجكوفسكي -
بدأ عشق بريتي كوهال للطيران حينما كانت فتاة في السادسة عشر من عمرها وتعيش في مدينة مومباي. لكن بداية شغفها بالطائرات جاءت وهي تقود سيارة على طريق سريعة، وليس وسط السماوات المفتوحة.
 
ففي فترة المراهقة، كانت كوهال (وعمرها حاليا 45 عاما) تأخذ سيارة والديها – دون علم منهما – لتقودها في جولات ترفيهية في أنحاء مختلفة من مدينتها. كان يحلو لها الشعور بالتحكم في السيارة، وما يترافق مع ذلك من إحساس بالحرية.
 
وتقول كوهال في هذا الشأن: "كنت أحب فكرة الهروب بعيدا".
 
وعندما بلغت الثامنة عشر من العمر، وحصلت رسميا على رخصة قيادة السيارة، ازدادت شغفا بالقيادة. وتقول إنه كان "أمرا عظيما أن يكون بمقدوري القيام بما أريد بنفسي دون الحاجة لمن ينقلني (بسيارته) هنا وهناك". وتضيف بالقول: "بعد السيارة، تحولت إلى وسائل نقل أكثر سرعة".
 
وفي عام 1994 حصلت كوهال على رخصة للعمل كطيارة. وبعد عامين، بدأت العمل لحساب شركة "جيت آيروايز" الهندية، لتصبح بذلك واحدة من 600 سيدة يعملن في هذا المجال في البلاد. ومنذ عام 2009، أصبحت هذه السيدة قائد طائرة.
 
ووفقا للجمعية الدولية للسيدات العاملات في مجال الطيران؛ فإن عدد النساء اللواتي يعملن في ذلك المضمار لا يتجاوز الـ 4000 في مختلف أنحاء العالم، مقابل قرابة 130 ألف رجل يعملون في المجال نفسه.
 
وقد تربت كوهال وشقيقتها على أنه لا فارق بينهما وبين الرجال، وأن بمقدورهما فعل كل ما يريدانه طالما حلا لهما القيام به، وهي تعاليم رسخها في نفسيهما أبوهما المهندس وأمهما الطبيبة.
 
وساعد تشجيع الأسرة كوهال على النجاح والتفوق. لكن العديد من النسوة اللواتي يخضن غمار العمل في مهن يهيمن عليها الرجال تقليديا في الهند تواجهنّ عقبات أكثر. وتقول بريتي كوهال إنها لم تصطدم بأي عقبات ناجمة عن التمييز ضدها على أساس الجنس، ولكن مثل هذه العقبات واجهت - ولا تزال تواجه - نساء أخريات يعملن في قطاع الطيران، فقط لأنهن إناث.
 
ففي عام 2009، استغنت شركة "آير إنديا" للطيران عن عشرٍ من المضيفات العاملات على متن رحلاتها الجوية، بدعوى أنهن بدينات على نحو مفرط. وفي عام 2013، أعلنت شركة (غو آير) للرحلات الجوية منخفضة التكاليف أنها لن تتعاقد سوى مع نساء صغيرات في السن والحجم معا للعمل مضيفات على متن رحلاتها، وذلك لإبقاء وزن الطائرة منخفضا، وهو ما سيقود لتقليص التكاليف الخاصة بالوقود خلال الرحلة.
 
بجانب ذلك، تتداول وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قصصا عن ركاب قدموا شكاوى أو تركوا ملاحظات على متن الطائرات التي كانوا يستقلونها، وذلك للإعراب عن انزعاجهم من أن قائد الرحلة كان سيدة.
 
رغم ذلك فلم تُعِدْ كوهال النظر قط في قرارها العمل في مجال الطيران. وتقول في هذا الشأن : "لم أر قط أن العمل في هذا المجال يختلف عن أن أكون مُهندسةً أو مُعلمةً .. لم تكن هناك حدود لما يمكن أن نقوم به".
 
رحلات أقصر، أوقات أطول مع الأسرة
 
عندما كان طفلا هذه السيدة أصغر سنا مما هما عليه الآن، كانت لا تعمل سوى على متن رحلات لا تتجاوز مدتها ساعة أو ساعتين. فقد كانت تستيقظ في الثالثة والنصف فجرا؛ لتطعم طفلها – الوحيد حينذاك - ثم تضعه في الفراش ليستكمل نومه، قبل أن تتجه للمطار في حدود الساعة الرابعة.
 
وعادة ما كانت كوهال تنهي رحلتها وتعود إلى منزلها في حدود العاشرة والنصف صباحا، لتقضي ما تبقى من ساعات اليوم مع طفليها.
 
وتقول هذه السيدة إنها لم تغب قط عن أي حدث مهم أو اجتماع مدرسي يخص طفليها، اللذين يبلغان من العمر الآن 14 عاما و11 عاما على الترتيب، وذلك بفضل الالتزام بهذا النظام الصارم والتخطيط الدقيق.
 
وترى كوهال أن العمل في مجال الطيران يشكل – بخلاف ما قد يبدو في الظاهر - "مهنةً ملائمةً للغاية" للموائمة ما بين أداء متطلبات الحياة العملية والوفاء بالمهام المنزلية، ولكن ذلك يتطلب تخطيطاً على مستوى استراتيجي.
 
وقد قررت اختيار الرحلات الجوية التي تعمل عليها على نحو يجعل بوسعها قضاء وقت أطول في منزلها مع طفليها. وتقول في هذا الشأن إنه بوسع المرء إنجاز عمله والعودة لقضاء جانب كبير من ساعات النهار في منزله، طالما كان لا يمانع في الاستيقاظ في ساعة مبكرة من الصباح.
 
ومع تقدم الطفلين في العمر قليلا، طرأ تغير ما على مواعيد عمل كوهال كذلك؛ إذ سيصبح بوسعها قيادة رحلات جوية طويلة، لكنها تحاول ألا يتجاوز عدد ليالي العمل شهريا أربع ليالٍ.
 
مكمن التضحية هنا يتمثل في أن كوهال لن ترى زوجها بنفس الوتيرة التي اعتادتها. ويعمل الزوج طيارا وقائدا للطائرات من طراز بوينغ 777، لحساب شركة "آير إنديا".
 
وعادة ما يعمل زوج كوهال أربعة أيام متواصلة تتلوها ستة أيام من الراحة. وعندما يكون في المنزل، تحرص كوهال على عدم العمل ليلا.
 
وتقول: "كل الليالي الست (التي يقضيها الزوج في المنزل) مُكرسة لزوجي". ولكنها تقضي وقتها كما تشاء حينما يكون الزوج منهمكا في العمل. وتعلق هنا ضاحكة بالقول: "إنه لأمرٍ ينطوي على حرية بالنسبة لي"، في إشارة إلى الوقت الذي يكون فيه زوجها مُحلقاً في الأجواء.
 
وتضيف قائلة: "بوسعي القيام بما يحلو لي طيلة الساعات الـ 16 هذه، دون أن يستطيع الوصول إليّ". وعندما تكون بريتي كوهال وزوجها منهمكيّن في العمل، يعتني والدا كوهال – وهما متقاعدان الآن – بالطفلين.
 
وتقول كوهال إن ثمة ميلا لدى الأسر الهندية لأن يؤازر أفرادها بعضهم بعضا. وهناك اعتقاد مفاده أنه عندما يكون الأحفاد صغارا جدا في السن، يسعد الجد والجدة بتقديم العون لهم، ولكن عندما يكبر هؤلاء الأحفاد، يصبح من المتوقع أن يقدموا العون – في المقابل - لجديّهما المسنيّن.
 
وتقول كوهال إن حصول المرء على مثل هذا الدعم من أسرته الأوسع نطاقا مهم "نظرا لأن ذلك يخفف العبء المتعلق بجانب من جوانب حياتك يتعين عليك أن تتابعه بشكل مستمر".
 
نهج منضبط
 
وفي الوقت الراهن؛ يمضي يوم العمل التقليدي لـ"كوهال" على هذا النحو تقريبا: تستيقظ في الخامسة والنصف صباحا، وتُحضّر نفسها للذهاب إلى العمل الذي تصله في التاسعة، لتُخْطَر هناك بالرحلات المنوطة بها في ذلك اليوم.
 
وما لم يكن لدى كوهال رحلة جوية خلال الليل؛ لا تزيد فترة طيرانها يوميا عادة على بضع ساعات. ويعني ذلك أنه يمكن لـ"كوهال" العودة إلى المنزل بحلول الثانية والنصف بعد الظهر. وبعد ساعة من نوم القيلولة، تصبح في كامل اليقظة والانتباه لاستقبال طفليها لدى عودتهما من المدرسة.
 
وتتناول الأسرة عشاءها في الثامنة والنصف مساء، على أن يدلف الطفلان للفراش في التاسعة والنصف، ولا استثناءات في هذا الأمر.
 
وتقول كوهال: "أحد الجوانب المتعلقة بكون المرء طياراً يتمثل في (إدراكه) أنه لا يمكن كسر القواعد .. ليس بوسعك أن تعبث عندما يتعين عليك الوصول بالطائرة إلى وضع الاستقرار على ارتفاع ألف قدم. لذا لديّ بعض القواعد الصارمة في المنزل. يتعامل (الطفلان) مع الأمر بصرامة تفوق تلك التي كانت لديّ عندما كنت أصغر سنا".
 
وعادة ما تذهب كوهال إلى فراشها بحلول منتصف الليل. لكنها قد تظل ساهرةً تقرأ حتى الثانية والنصف صباحا، عندما يكون زوجها في عمله ليلاً، وحينما لا يكون عليها الذهاب للعمل في اليوم التالي. وتصف فترة القراءة هذه بالقول :"هذا هو الوقت الخاص بي".
 
العمل الشاق يؤتي ثماره
 
وتعزو كوهال نجاحها إلى أمر واحد؛ ألا وهو العمل الشاق. فعلى سبيل المثال، لا تتجاوز نسبة الناجحين في اختبارات القبول للعمل في وظيفة طيار نسبة 0.1 في المئة من المتقدمين لتلك الاختبارات التي تُجرى مرتين سنويا فحسب. وقد كانت كوهال الوحيدة في صفها التي اجتازت الاختبار.
 
وقد حققت هذه السيدة كل ما أرادت القيام به تقريبا، ولكنها عندما تنظر إلى ما حققته، لا تعتبر أنها فعلت أي شيء استثنائي، إذ تقول إن العديد من النساء المتعلمات في الهند ناجحاتٍ في حياتهن المهنية.
 
وتضيف بالقول: "بوسعك فعل أي شيء هيأت نفسك ذهنيا لفعله، وفي الغد سيكون أمر آخر".

Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>