أمين أبوراشد -
خلاصة لقاء النائب سليمان فرنجية بسماحة السيد حسن نصرالله، وَرَدت على لسان فرنجية عند المغادرة: "أنا ملتزم بالخط السياسي الذي أنا عليه منذ زمنٍ طويل، والتزام الإتفاق على ترشيح العماد عون، لكني أسأل: الى متى سوف نستمر في هذا الموقف؟".
وكشف فرنجية بتصريحه عن خلاصة الخلاصة: "الى متى سوف نستمر في هذا الموقف"، ومن هنا بدأ السيناريو الذي شاءه الرئيس سعد الحريري لمسرحية تسويق توافق أميركي فرنسي سعودي على ترشيح النائب فرنجية، على ضوء الإخفاقات الإقليمية وتحديداً في سوريا، وانتفاء إمكانية البحث بمرشح من 14 آذار، فكان القرار: ممارسة سياسة الحدّ من الخسائر لدى هذا الفريق، وعلى قاعدة "عليّ وعلى أعدائي"، جاءت ما ظنَّها الحريري ضربة معلِّم عبر ضرب الأقطاب الموارنة الأربعة ببعضهم وتحديداً عبر النائب سليمان فرنجية.
المسرحية انتهت، لكن تداعياتها انسحبت مزلزلة على فريق 14 آذار، وعلاقة القوات اللبنانية بتيار المستقبل، ومزَّقت تيار المستقبل الممزَّق أصلاً بسبب غياب الحريري عن لبنان والأزمة المالية التي يُعاني منها في السعودية وفي لبنان، فكانت الإتصالات الهاتفية العاجلة يوم الأحد الماضي، لمحاولة ضبضبة "عدَّة المسرح"، وكان الإتصال على الخط الساخن بين السيد سمير جعجع والرئيس الحريري لمدة ساعة، لمواجهة التصدُّعات في العلاقة ليس بين الرجلين فحسب بل بين جمهورَي القوات والمستقبل، اللذين أشعلا وسائل التواصل الإجتماعي بتبادل الإتهامات والسبّ والشتم، ثم جاء الإتصال الثاني من الحريري لفرنجية للإعلان عن تجميد المبادرة مؤقتاً، لكن الواقع أن هذه المبادرة قد دُفِنت وغرق الحريري في بحيرة بنشعي بعد أن احترقت آخر الأوراق للعودة الى لبنان وتنصيب نفسه في السراي طيلة ست سنوات من "عهد فرنجية" كما هو الإتفاق.
نحن لا ننكر أن ترشيح النائب فرنجية أدَّى الى بعضٍ من الجفاء بين جمهوريّ التيار الوطني الحر والمردة، لكنه بقي ضمن الضوابط، نظراً لموقع النائب فرنجية لدى جمهور التيار، وانتظار المناصرين للِّقاء الذي حصل في الرابية بين الزعيمين، وهدأت الأمور الى حدّ الإسترخاء لأن حسم موضوع وحدة الفريق المؤيد للمقاومة والخروج بموقف موحَّد كان في الضاحية وحُسِم الأمر كما أسلفنا.
لكن المشكلة تبقى لدى فريق 14 آذار الذي خسِر فريقه المسيحي فرصة الإستمرار بترشيح السيد سمير جعجع، وفريقه المُسلم المتمثِّل بتيار المستقبل باح بما لا يُباح، سواء غبر مواقف الوزير أشرف ريفي والمقرَّبين منه الرافضة لترشيح فرنجية، و"اللقاء المُكهرب" بين ريفي والحريري في الرياض، ثم في إعلان النائب أحمد فتفت أن ريفي ليس من تيار المستقبل وأنه فقط "حريري الهوى"، ثم جاء اعتراف النائب محمد قباني في تبرير تخطِّي الحريري لجعجع وترشيحه لفرنجية دون إبلاغ الحلفاء شفهياً على الأقل، ما مُفاده أن جعجع ذهب بعيداً عن "طاعة" المستقبل عندما تقارب مع العماد عون في وثيقة "إعلان النيَّات"!
وفي الوقت الذي انتصر فيه فريق 8 آذار ومعه التيار الوطني الحر، عبر التماسك المُذهل بين القادة وحرصهم على الموقف الموحَّد في الإستحقاق الرئاسي وفي سائر الإستحقاقات الأخرى، يجدر بفريق 14 آذار محاولة إعادة الترميم أولاً، وثانياً عدم الإستمرار بالرهانات على الخارج، واعتبار مكالمة هاتفية لمدة ربع ساعة بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والنائب فرنجية أنها سوف تحسِم الأمور وتُعزِّز فرص فرنجية بالرئاسة وينتصر الرئيس الحريري، لأن كل مكالمات زعماء الدنيا لن تأتي برئيس، إذا رأت الضاحية ومعها الحلفاء أن هذا الأمر سوف يضرب وحدة فريقٍ دفع من الدماء من مقاوميه وجمهوره الكثير الكثير طيلة غياب الحريري عن جمهوره وعن لبنان.
الأمور الى نقطة الصفر من جديد، ولا قرار بانتخاب رئيس الآن، حتى ولو كان العماد عون أو النائب فرنجية، لأن التطورات الميدانية في سوريا لم تحسِم الأمور بعد، ولو أنها لا تبدو لصالح المراهنين على هزيمة الأسد للإنتصار على الشركاء في الوطن، وإذا كان لا بدَّ من رئيسٍ لتمرير الوقت بانتظار دخانٍ أبيض من قصر المهاجرين بدمشق، ينبىء بعملية سياسية في سوريا تنسحب على لبنان تفاهمات على ضوء النتائج الميدانية في الإقليم، فإن شخصية رئيس تصريف أعمال لا تنطبق لا على العماد عون ولا على النائب فرنجية، وكان على الحريري أن يُدرك بأنه اختار التوقيت الخاطىء لإغراق المقاومة وحلفائها في بحر النزاعات فغَرِق هو في بحيرة بنشعي...