Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

ردّ روسي متدرّج على تركيا: ردع.. وعقوبات

$
0
0


بدا، أمس، أن روسيا قد حددت إطار ردها المتدرّج على الاستفزاز الجوي التركي، من خلال سلسلة خطوات مؤلمة لنظام الرئيس رجب طيب اردوغان، على المستويين العسكري والاقتصادي.


وبالرغم من أن الإجراءات العسكرية التي اتخذتها القيادة الروسية لم تخرج عن طابعها الدفاعي المتمثل في تأمين مظلة حماية صاروخية وجوية لطائرات «عاصفة السوخوي» في سوريا، إلا أنها ستثير، بكل تأكيد، حنق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ذلك أنها ستشكل حجر عثرة كبيراً أمام كل مخططاته في شمال سوريا، لا سيما حلم المنطقة العازلة الممتدة من جرابلس حتى البحر الأبيض المتوسط، وقد ترغمه كذلك على أن يسير على أطراف أصابعه في كل خياراته المتعلقة بالصراع السوري، وربما تدفع حلفاءه الدوليين إلى كبح اندفاعاته المقبلة، بالنظر إلى التداعيات الخطيرة لأي صدام جوي مستقبلي بين روسيا وتركيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي.


وإذا كانت التدابير العسكرية الروسية ما زالت تندرج حتى في إطار تحقيق الردع، فإنّ الإجراءات التي بدأت القيادة الروسية باتخاذها تبدو أقرب إلى إعلان حرب اقتصادية، ومن شأنها أن تمثل صفعة قوية من «قيصر» الكرملين على وجه «سلطان» القصر الأبيض، رداً على «الطعنة في الظهر»، برغم تكلفتها الباهظة للطرفين في آن معاً، وربما هذا ما دفع باردوغان يوم أمس إلى تطعيم تصريحاته النارية المعتادة، بتراجع، وإن محدود، في الموقف إزاء أزمة الـ «سوخوي» مع روسيا، حين سعى إلى تبرئة نفسه من تهمة «الكمين الجوي»، بقوله إن الطيارين الأتراك لو علموا أن المقاتلة المستهدفة روسية لتعاملوا معها بطريقة أخرى!


وفي موازاة شد الكباش الروسي ـ التركي، برز تطوّر جديد زاد من تعقيدات المشهد في الشمال السوري، حيث تحدثت مصادر كردية عن وصول مدرّبين أميركيين إلى مدينة عين العرب (كوباني)، بغرض التخطيط لمعارك جرابلس والرقة والتنسيق مع طيران التحالف الدولي والقوات المقاتلة على الأرض. وفيما لم تتضح بعد تفاصيل بشأن هذا التدخل الأميركي البري في سوريا، فإن ربط هذا التطوّر بإنجازات «عاصفة السوخوي» والتوتر القائم بين موسكو وأنقرة، يوحي بأن الهدف منه استباق سيناريوهات مثيرة للقلق لدى إدارة الرئيس باراك أوباما، ولعل أبرزها قيام روسيا بفتح خط عسكري مباشر مع أكراد سوريا، مع العلم أن القيادة الروسية سبق أن لَمَّحت على لسان الرئيس بوتين شخصياً، إلى أن التعاون مع وحدات الحماية الكردية، خيار قائم.


وفي الوقت الذي كانت فيه العلاقات بين موسكو وأنقرة تتدهور، كان التقارب يتزايد بين روسيا وفرنسا، حيث اتفق الرئيسان فلاديمير بوتين وفرانسوا هولاند على ضرورة التعاون ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

 

إجراءات عسكرية

وبعد يومين على إسقاط طائرة الـ «سوخوي» عند الحدود السورية - التركية، بدأت روسيا تُخرج ما في جعبتها للرد على الاستفزاز الجوي.
وفي هذا الإطار، نشرت روسيا، أمس، منظومة الدفاع الجوي «أس 400» في قاعدة حميميم الجوية، وذلك بعد يوم على تشغيل منظومة «أس 300» على متن الطراد «موسكو» أمام السواحل السورية، وإصدار الأوامر لطائرات القتال الجوي بمواكبة العمليات الجوية كافة في سوريا.


وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، نشر منظومة الدفاع الجوي «أس 400» في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنه «وفقا لقرار القائد الأعلى للقوات المسلحة (بوتين)، تم تسليم ونشر منظومة الدفاع الجوي (أس 400)، ونحن على استعداد لاستخدامها بفعالية في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا».
ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من طلب بوتين نشر هذه البطاريات من أجل «ضمان أمن وسلامة طائراتنا القتالية في سوريا».
ونشرت وزارة الدفاع الروسية صوراً لهذه المنظومة المتحركة والمتطورة للدفاع الجوي.


وتتصف منظومة «أس 400» بقدرتها على تدمير كل أنواع الأهداف الجوية، بما في ذلك الصواريخ المجنحة التي تحلق بمحاذاة سطح الأرض، والطائرات من دون طيار، والصواريخ البالستية التي تسير حتى خمسة آلاف متر في الثانية. وهي قادرة على التصدي لجميع أنواع الطائرات الحربية الإستراتيجية التي تحمل رادارات وإدارة العمليات من الجو، بما فيها طائرة «الشبح».
وتستطيع المنظومة كشف الأهداف على بعد 600 كيلومتر ورصد ومتابعة 300 هدف في وقت واحد، وتدمير 36 هدفا في وقت واحد. كما أن المدة الزمنية لجهوزيتها لا تستغرق خمس دقائق.


من جهة ثانية، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف إن القوات المسلحة الروسية قطعت جميع الاتصالات مع القوات المسلحة التركية، حيث تم سحب ممثل الأسطول الحربي الروسي من تركيا، الذي كان ينسق عمل أسطول البحر الأسود والبحرية التركية، كما تم وقف الخط الساخن الذي أنشئ لتبادل المعلومات بخصوص الضربات الجوية الروسية في سوريا.

حرب اقتصادية؟

وفي الجانب الاقتصادي، شرعت روسيا في اتخاذ سلسلة خطوات عقابية، أبرزها تشديد إجراءات فحص الواردات الغذائية والزراعية من تركيا، في وقت تشير التوقعات إلى أن موسكو قد تصعد عبر وقف التعاون في مجالات السياحة ومشاريع الطاقة التي تشمل أنبوب الغاز ومحطة ذرية.
وأعلنت وزارة الزراعة الروسية عن تشديد إجراءات فحص الواردات الغذائية والزراعية من تركيا. وأمرت الحكومة الروسية «وكالة سلامة الغذاء» بتشديد الضوابط بعدما أظهر بحث لوزارة الزراعة أن نحو 15 في المئة من الواردات الزراعية التركية لا تتفق مع القواعد الروسية.
وتكتفي «وكالة سلامة الغذاء الروسية» عادة بفحص بعض شحنات الواردات.
ويعني قرار البدء في فحص كل الواردات من تركيا أنها ستستمر، لكنها قد تتأخر كثيرا.


وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الحكومة لا تعتزم فرض حظر على الواردات التركية، مضيفاً: «بالطبع اتخذت إجراءات رقابية إضافية، وهذا شيء طبيعي خاصة إذا وضعنا في الاعتبار التصرف غير المسبوق من جانب الجمهورية التركية».
وأدت الإجراءات على الحدود الروسية إلى ظهور طوابير من الشاحنات التركية.
وقال مسؤلوون في الجمارك الجورجية إن الشاحنات التركية منعت من المرور عبر جورجيا إلى روسيا، وإن مئات الشاحنات علقت في المنطقة المنزوعة السلاح بين جورجيا وروسيا.


وتساهم تركيا بحوالي أربعة في المئة من إجمالي واردات الغذاء الروسية، وهي تمد روسيا بالفاكهة والخضروات والمكسرات في الأساس.
وتشير بيانات الجمارك إلى أن قيمة الواردات الزراعية والغذائية من تركيا بلغت مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من العام 2015، مع العلم أن حوالي 20 في المئة من الخضروات التي تستهلكها روسيا تأتي من تركيا.


وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أمر حكومته بإعداد سلسلة إجراءات اقتصادية، في غضون أسبوعين، ردا على العمل العدائي لتركيا. ولَمَّح إلى إمكان تعليق مشاريع مشتركة وزيادة التعرفات الجمركية وتقييد تحركات الطائرات التركية في المجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الإقليمية الروسية. كما قد يتأثر تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا. وقال إن «اتفاقات ومشاريع استثمار قد يتم تجميدها أو إلغاؤها ببساطة».


وأمس، قال وزير التنمية الاقتصادية الروسية ألكسي أولوكاييف إن بناء المحطة الكهروذرية (أك كويو) ومشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا قد يقعان تحت إجراءات الحظر الروسي على تركيا».


ويمكن أن يقوض قرار موسكو وقف تنفيذ مشروع «السيل التركي» الهادف لنقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، والذي من المتوقع أن تبلغ قدرته نحو 63 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، مساعي تركيا في التحول إلى مركز إقليمي لتوزيع الطاقة.
وقال أولوكاييف إن الإجراءات التي تأتي في إطار الرد على قيام تركيا بإسقاط طائرة حربية روسية قد تشمل قيودا على الرحلات الجوية من تركيا وإليها ووقف الاستعدادات الجارية لإقامة منطقة تجارة حرة. وأعلنت وكالة السياحة الروسية أنه «من المؤكد» وقف التعاون بين البلدين في مجال السياحة، فيما دعت وزارة الخارجية الروسية الروس الموجودين حاليا في تركيا إلى العودة إلى بلادهم، مشيرة إلى مخاطر «إرهابية».

بوتين – هولاند

وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في مؤتمر صحافي مع بوتين في موسكو، أن فرنسا وروسيا قررتا «تنسيق» ضرباتهما في سوريا ضد «داعش»، كما اتفقا على عدم استهداف أولئك الذين «يحاربون» التنظيم المتشدد.


وقال هولاند: «سيتم تكثيف الضربات ضد داعش، وستكون موضع تنسيق» لاستهداف محدد لنقل المنتجات النفطية، مضيفا أن البلدين اتفقا أيضا على تكثيف تبادل المعلومات والتأكد من أن الضربات لا تهدف «الذين يكافحون ضد داعش».


من جهته، قال بوتين إن إسقاط تركيا لطائرة روسية عمل من أعمال الخيانة من بلد اعتبرته روسيا صديقا.
وأضاف أن روسيا لا تزال ملتزمة بالتعاون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي ينفذ عمليات عسكرية في سوريا، وإنها تعمل لتشكيل تحالف دولي أشمل يمكنه الاتفاق على طريقة لحل الصراع السوري.


وفي حين كرر هولاند أن الرئيس بشار الأسد «لا مكان له في مستقبل سوريا»، أكد بوتين أن الشعب السوري هو من يجب أن يحدد مصير الأسد، وأن الجيش السوري والأسد حلفاء طبيعيون في الحرب على الإرهاب.


وأشار بوتين إلى أن روسيا أبلغت الولايات المتحدة بمهمة طائرتها التي أسقطها سلاح الجو التركي، ما يعني أن أنقرة لا يمكن أن تكون على غير علم بهوية الطائرة كما زعمت.
وقال إن «الولايات المتحدة قائدة التحالف الذي تشارك فيه تركيا، تعرف مكان وتوقيت مرور طائراتنا، وتم ضربنا في المكان والتوقيت المحدد بالضبط».
و «استبعد» أن يكون سلاح الجو التركي لم يتعرف على طائرة الـ «سوخوي 24» كما أعلنت أنقرة، مضيفا: «هذا عبث. إنها أعذار».

اردوغان

وبدا أن تصريحات بوتين الأخيرة قد أتت رداً على محاولات رجب طيب اردوغان غسل يديه من تهمة نصب كمين جوي لروسيا.
وكان اردوغان أعرب عن أسفه لعدم رد بوتين على اتصالاته الهاتفية بعد أن أسقط سلاح الجو التركي طائرة روسية.
وقال الرئيس التركي لقناة «فرانس 24»: «بعد الواقعة اتصلت ببوتين لكنه حتى الآن لم يرد».
وأضاف: «ربما كنا منعنا بطريقة أخرى هذا الانتهاك للمجال الجوي، لو عرفنا أن الأمر يتعلق بطائرة روسية».

 

وبرغم نبرته الهادئة إزاء حادث الطائرة الروسية، إلا أن اردوغان رد بشدة على اتهامات بوتين للحكومة التركية بدعم «داعش».
وتحدى اردوغان روسيا أن تثبت أن بلاده تشتري النفط من التنظيم، قائلا: «عار عليكم. إن الذين يتهموننا بشراء النفط من داعش يجب أن يثبتوا اتهاماتهم. لا أحد يمكنه الإساءة لهذا البلد. إذا بحثتم عن مصدر الأسلحة والقوة المالية لداعش فإن أول مكان يمكن النظر إليه هو نظام (الرئيس بشار) الأسد والدول التي تعمل معه».


وانتقد ما وصفها بتصريحات «انفعالية» و «غير مناسبة» عن احتمال إلغاء روسيا مشروعات مشتركة مع تركيا. وقال: «نحن حلفاء إستراتيجيون.. (هم يقولون) قد يتم وقف مشاريع مشتركة.. قد تُقطع العلاقات، هل هذه الأساليب مناسبة لسياسيين؟».
وأضاف: «في البداية، على السياسيين وعلى جيشينا الجلوس معا والحديث عن مكامن الخطأ، ثم التركيز على تجاوز ذلك الخطأ من الطرفين. لكنك إذا أصدرت بيانات انفعالية كهذه، لن يكون هذا بالأمر الصائب».


واستبعد اردوغان تقديم اعتذار أو تعويضات عن إسقاط الطائرة. وقال، في مقابلة مع قناة «سي ان ان» الأميركية، «هؤلاء الذين انتهكوا مجالنا الجوي يجب أن يعتذروا، وطيارونا وقواتنا المسلحة قاموا بواجبهم فقط».
ورداً على اتهامات بوتين له بأسلمة تركيا، تساءل اردوغان: «بماذا سيرد إذا قلت إن الإدارة الروسية تقوم بتنصير روسيا؟».

الأميركيون في كوباني

إلى ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدرَين كرديَّين قولهما إن عسكريين أميركيين وصلوا خلال الساعات الماضية إلى مدينة عين العرب (كوباني) الحدودية مع تركيا لتدريب ودعم المقاتلين الأكراد في التحضير لعمليات مرتقبة ضد تنظيم «داعش».
وأكد مصدر من «وحدات حماية الشعب» الكردية وصول مدربين أميركيين إلى كوباني، موضحا أن «مهمتهم التخطيط لمعارك جرابلس والرقة والتنسيق مع طيران التحالف الدولي والقوات على الأرض».


Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>