Clik here to view.

أمام هول مجزرة الإرهاب التكفيري في برج البراجنة، و التي خفف منها كثيرا فعل البطل الشهيد عادل ترمس، مع إحباط تفجير طرابلس، يومها، و لولاهما لكان عدد شهدائنا ضعف عدد شهداء باريس، عادتني ثلاثة أمور:
الأول: ما قلته لصحفيين أوروبيين إلتقيتهم سنة 1977، إذ نبهتم من الخطر الإرهابي الذي يتهدد بلادهم، و كيف نظروا إلي ، غير مصدقين، و كمن يقول: مزاح في غير موضعه..
الثاني: ما ينطبق على أوروبا، و فرنسا، وهو ما قاله، بالفرنسية، الكبير فوأد أفرام البستاني للسفير البابوي، الذي كان يوجه إنتقادا لحبر عينه الفاتيكان، و لم ينتخب، و هو: هناك نظرية لاهوتية تقول:
On est puni par là où on a péché
"نعاقب من حيث خطئنا"(أي ارتكبنا خطيئة).
فأوروبا التي كانت مسيحية، قبل قرنين، فصلت الدين عن الدولة و أطلقت الحرية الشخصية الفردية، فتفلتت الأخلاق حتى وصلت إلى زواج المثليين و حرية الإجهاض، و بذلك قضت على أهم خلية في المجتمع: العائلة. و فرنسا، التي كانت تسمى بنت الكنيسة (الكاثوليكية) البكر، لم تكتف ثورتها الجمهورية بمصادرة الكنائس و الكاتدرائيات... بل ركزت و تركز حقدها و حربها المستمرة على الكنيسة الكاثوليكية بالتحديد، بحجة العلمنة، الني تحولت إلحادا يسقط معظم جوهر القيم الإنسانية.
و كان من نتائج تنامي "الحرية" الإنفلاتية أن خفت الولادات ، مما أدى إلى تنافص شعوب أوروبا، التي عانت من حربين عالميتين، خلال ثلاثة عقود، فلجأت إلى استقبال المهاجرين، الذين تدفقوامن بلدان العالم الثالث، و خاصة أفريقيا، التي كانت بلدانها مسعمرات أوروبية. فجأها المهاجرون حاملين حقدا شديدا علىيها، معتفدين أن غناها يعود، فقط، لسرقتها ثروات بلادهم.
ثم برز تملق الأحزاب اليسارية أصوات المجنسين، كي تفوز في الإنتخابات، وبعد الفوز شرعت باب إستقبال المهاجرين على مصارعيه، فوصلوا جماعات، و أقاموا لهم :الغيتوهات". و بدلا من الإندماج و التحول إلى أوروبيين، تناموا متقوقعين يستفيدون من التقديمات الإجتماعية الغزيرة، بمنطق من يستفيد أو يسترد حقا سليبا .
صدمهم الإنفلات باسم الحرية، و هم القادمون من مجتمع متشدد، فتشرنقوا. و هكذا أصبحوا حالة إجتماعية سريعة النمو تجاور حالة إجتماعية أوروبية قليلة الإنجاب. و
عقلية الغيتو تمتاز بالخوف و الكره و التعصب، التي تنفجر إجراما و إرهابا. و استفاد المهاجرون من تملق اليسار لهم، كقوة ناخبة، فراحوا يفرضون عاداتهم على المجتمعات التي استقبلتهم.
باسم الحرية فقدت أوروبا روحها التاريخية، و باسم الديموقراطية تنزلق نحو فقدان ذاتها: هويتها، شخصيتها،ثقافتها و تاريخها، و هي تتجابن أمام الإرهاب التكفيري، الذي غذته في منطقتنا"و من يجعل الضرغام للصيد بازه......................تصيده الضرغام فيما تصيدا"
و بأوروبا، و خاصة فرنسا، يصح جواب الكبير فوأد أفرام البستناني للسفير البابوي.
أما الثالث، فهو ما كنا نردده، منذ نهاية ستينات القرن الماضي، و الوارد في نبؤة زكريا: "إفتح يا لبنان أبوابك فتأكل النيران أرزك (زكريا، 11:1). و كما صحت في لبنان قهي تصح في كل لبنانات الغرب.
عباد زوين