سامي أبو فيصل -
ما نعيشه اليوم من فساد سياسى في لبنان ما هو إلا جزء من فساد الاخلاق الذي ترعرع في أدبيات الحريرية السياسية منذ عام 1992 وحتى يومنا هذا , فهي تتظهر يوماً بعد يوم وتنتشر هذه العدوى عند بعض النفوس المريضة المكبلة بالكراهية وإلغاء الاخر ، وها هم اليوم يريدون منا أن نتمرس على نوع جديد من الثقافات ومنها ثقافة الصمت ...
في هذا الزمن الرديء عليه العاقل صاحب الحق أن يصمت، وأن تتحول نبرته المطلبية الى نبرة يائسة مهزومة من اصلاح أو تغيير اي شيء في البلد ، يحاولون عرقلتنا بجميع الطرق والاساليب فهم أسياد تلك اللعبة وأبرز محترفيها ، يحاولون أن يصمتوا ضمائرنا وكبتها وتحجيمها، وأن يحوّلوننا الى حالة من الحياد السلبي تجاه قضايانا ومطالبنا المحقة ، فأحياناً يرموننا بالشائعات والاكاذيب لأنها الوسيلة الاسهل لهم لتحقيق اهدافهم وتحطيم الاخرين والثأر منهم.. وهنا نتأكد من تراجع منظومة الاخلاق عندهم ومعايير الحرمات واحترام الاخر ، فالثأر والكيدية لغتهم لا يعرفون الحوار ولا يرضون للرأي الاخر وجوداً ، يرفعون عنوانين كثيرة كالحوار والاعتدال وغيرها من عنوانين براقة ، ولكن في المحك الحقيقي والواقع المرير هم يفعلون العكس تماماً ويصادرون كل رأي أخر وكل فكر إصلاحي ما لم تتوافق وأهوائهم ومصالحهم ...
وفي أخر ابتكاراتهم المجيدة يأتون الينا بثقافة العنتريات والتسلط ، وها هم ينقلون هذا النموذج التسلطي من السلوك السياسي الخاص بهم لينشروها عند أصحاب النفوس الصغيرة اللاهثة وراء الكراسي ، فاصبح الجميع سلاطين زمانهم يشربون النخب والسيجار الفاخر ولم يعد للصالح العام مكان، ولا لأرواح الشهداء ذكرى ، ولا للأسرى وفاء قضية ، فهم لم يسكروا يوما بالقيم ... فثقافتهم ثقافة تفريط وبيع حتى أصبحوا يرون أن المجتمع كله للبيع ، فلم تعد مثلا كلمة بلا شرف مؤثرة اذا قيلت عنهم ، فلم تعد الالتزامات والعهود ملزمة أبدا عندهم ، ولم تعد حياة وصحة الناس مهمة ايضاً عندهم يحاصرونهم بنفاياتهم الفاسدة بأخلاقهم الخبيثة لا يعبرون الاّ عن ضعف مستوى فكرهم واخلاقهم .
نعم يا سادة نحن نعيش هذه الايام مع من تحركهم المصلحة ، وتوجههم المنافع ويحكمهم حب الذات والمادة ، لديهم القدرة على التلون كالحرباء ، يتقنون مهارة الثعلبة وقدرة القردة على التمثيل ، يغتنمون الفرصة ليسرقوا حقوق الاخرين ويتسللوا الى أهدافهم عن طريق بيع اخلاقهم بمصالحهم ومنافعهم .
لقد سئمنا كذبهم ... لا لن نصدق مجدداً واطلاقا أن من سرق الحقوق طيلة السنوات السابقة يمكن أن يؤمنوا بالتعددية وحق الاخرين في أن يكونوا أخرين .