وجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في مؤتمر صحافي عقده في معراب نداءين الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري، فقال لبري: "أنت أبو الميثاقية بمفهومها الحديث، ولا أظن أن أي أب يتخلى عن ابنه، فكيف بالحري أن يقتله؟". أما للحريري فقال: "أهم إرث تركه الرئيس رفيق الحريري هو ما قاله: لقد اوقفنا العد بين المسيحيين والمسلمين، نحن مع المناصفة والاعتدال والشراكة والميثاقية، وأنت الأحرص على الحفاظ على إرث ابيك".
وأكد جعجع في المؤتمر الذي عنونه: "خدونا بحلمكن"، أن "القوات اللبنانية هي من أول الأحزاب التي ساهمت بمفهوم "تشريع الضرورة" والسير فيه قدما، وهناك بنود مالية نتفق جميعا عليها، إضافة إلى أننا بدأنا بنقاش قانوني الانتخابات النيابية واستعادة الجنسية، ولكن فوجئنا بشن حملة مبرمجة علينا وصلت إلى أوجها مع نهاية الأسبوع الماضي، مما استدعى عقد هذا المؤتمر الصحافي، مع العلم أنني كنت آليت على نفسي أنا وقيادة "القوات" في الأشهر الماضية تجنب المؤتمرات إلا للضرورة القصوى".
واستغرب جعجع كلام بعض الصحافيين الذي حملوه مسؤولية أخذ البلد الى المجهول، وسأل: "هل نحن من يدق المسمار الأخير في نعش لبنان؟ لا شك ان الوضع المالي خطير ولكن تحميلنا المسؤولية بسبب مطالبتنا بقانوني الانتخاب واستعادة الجنسية أمر غير منطقي".
ونقل ما تتداوله الصحافة على لسان حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف لجهة خطورة الوضع المالي في البلد في حال تمت خسارة القروض والهبات المالية، فشدد على أن "الفساد في الدولة اللبنانية يكلفنا سنويا في أقل تقدير قيمة البنود المطروحة اليوم"، آملا "من الذين يريدون الاطلاع على معطيات الدخول الى الموقع الالكتروني لوزارة المال ليروا كم من قروض تنتهي آجالها وتكون الدولة غير مستوفاة لشروط الهبة".
وقدر جعجع قيمة القروض التي تخسرها سنويا الدولة اللبنانية "بتلك التي تنتهي آجالها قريبا والتي نؤيد إقرارها وإبرامها بشكلها النهائي، فلماذا تزايدون علينا؟ نحن همنا الوحيد هو إدراج هذين المشروعين لأهميتهما، فما الفارق بين إقرار القوانين المالية في 13 أو 14 من الشهر الجاري أو في أي يوم آخر ضمن المهلة المحددة؟"
وإذ انتقد القول إن "ما سيصدره المجلس من تشريعات سيجنب لبنان خطر انقطاع تحويلات المغتربين إليه"، سأل جعجع: "أيهما أهم، إعادة الجنسية للمغتربين أم أموالهم؟"
ورد جعجع على ما قيل إن القيادات المسيحية تقوم بانتحار ذاتي، متسائلا: "ما هو الانتحار الذاتي؟ هل المطالبة باستعادة الجنسية للبنانيين المغتربين من مختلف طوائفهم انتحار ذاتي؟ أليس القتال في سوريا انتحارا؟ نحن نفهم أن يقولوا اننا لن نسير بالقانون الانتخابي، ولكن ان يعتبروا الموضوع انتحارا فهذا أمر محزن و"خدونا بحلمكن".
وأكد "أن سبب الحملة علينا هو "حشرنا" أمام الرأي العام على خلفية رفضهم لقانون انتخابي جديد وقانون استعادة الجنسية، وما هدف مؤتمري اليوم إلا لعرض الوقائع أمام الرأي العام".
وسأل: "هل مطالبتنا بقانون انتخابي جديد وقانون استعادة الجنسية تجعلنا مسؤولين عن انهيار الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، وليس من يقاتل في سوريا أو من يعطل الانتخابات الرئاسية وما يرافقها من شلل على الصعد كافة؟"، مشيرا الى ان "حزب الله" يدعي انه يمسك واجبا مع "التيار الوطني الحر" في موضوع رئاسة الجمهورية أفلا يستحق قانون الانتخاب مسك هذا الواجب أيضا؟"
وأضاف: "خدونا بحلمكن يا شباب، فهل هذا منطق؟ وهذه بعض العينات من الحملة التي سيقت ضدنا، فنحن نؤيد القوانين المالية 100% ونقدر اهميتها ونعرف المهل ونتابع تماما الملف، وأتمنى على جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان والهيئات الاقتصادية بألا يستعملوهم مطية، فلو افترضنا أننا اقرينا القوانين في 13 او 17 الجاري "ما بيمشي الحال"؟ فالرئيس نبيه بري قال بنفسه ان آخر مهلة لإقرار القوانين هي نهاية كانون الأول، ونحن من أول المتحمسين لإقرار القوانين المالية قبل انتهاء المهلة".
ولفت الى انه "في الماضي وضع لبنان على اللائحة السوداء بسبب عدم إقرار بنود مالية، وحينها كان بعض من في السلطة اليوم حاكما في تلك الفترة، بينما أنا كنت "مشغولا" بعض الشيء في وزارة الدفاع والعماد عون كان سائحا في فرنسا"، لذا "خدونا بحلمكن"، هناك بعض المواضيع المطروحة غير مقبولة بمعزل عن القوانين المالية".
وسأل: "متى نناقش قانون الانتخابات النيابية ولا سيما أنها على مقربة سنة وبضعة أشهر؟ فالتمديدان للمجلس النيابي حصلا بذريعة القانون الانتخابي وعشرات اللجان بحثت القوانين على مدى خمس سنوات، ووفق المفهوم الديموقراطي إن لم يتم التوافق نذهب إلى التصويت".
وذكر جعجع "ان قانون استعادة الجنسية قابع في مجلس النواب منذ 2003 فهل يعقل هذا الأمر؟ لقد أصبحت مشاركتنا في الحياة السياسية على قاعدة ان الأمور التي تهمنا ومهما كانت كبيرة يضعونها على جنب والأمور الصغيرة التي تهمهم يقرونها، ففي عهد الوصاية السورية تم تجنيس الآلاف وهؤلاء كانوا يأتون من سوريا كل 4 سنوات للمشاركة بالانتخابات النيابية، فقانون التجنيس بت خلال عهد الوصاية السورية التي غيبت مكونات سياسية أساسية في البلد ومع انتهاء الوصاية يجب تنقية الشوائب".
وتابع: "إن قانون استعادة الجنسية يطال من خسروا جنسيتهم في آخر خمسين سنة بسبب الحرب والوصاية وسوء الإدارة آنذاك، فالهدف من قانون استعادة الجنسية إيجاد آلية إدارية معقولة للبناني الذي يعيش في الخارج لاستعادة جنسيته"، لافتا الى "أنهم يريدون أموال المغتربين من دون المغتربين، بينما نحن نريد الاثنين معا".
وتطرق الى اتفاق الطائف "الذي دفعنا ثمنا كبيرا لقناعتنا بضرورة إنهاء الحرب واعادة توزيع الصلاحيات لإرضاء المجموعات كافة، فالطائف منح المجموعة المسيحية المناصفة في مجلس النواب وقام عهد الوصاية بنسفها للتفريق بين اللبنانيين، فالمرتكز الأول للطائف هو بسط سلطة الدولة كامل سيطرتها على الأراضي اللبنانية، بينما وجود دويلة إلى جانب الدولة يضرب هذا المرتكز. اما المرتكز الثاني هو المناصفة وقد بحثنا هذا الموضوع مع الحلفاء للاقتراب بالحد الأدنى منها بحيث توصلنا إلى قانون مشترك مع المستقبل والاشتراكي، فيما العماد ميشال عون اتفق مع حلفائه على قانون آخر، ولكن يا للأسف لم يتم حتى الآن وضع اي مشروع قانون على بساط البحث، ولا سيما أن القانون الانتخابي هو أهمية وطنية ميثاقية".
وإذ انتقد من يتذرع بضرورة اتفاق التيار الوطني الحر والقوات على قانون انتخابي واحد للسير به، أكد جعجع استعداده "الآن للاتفاق مع عون على قانون انتخابي واحد إذا ما أعلنت كتلتان كبيرتان تأييدهما لهذا الطرح، ولكن نحن ندعو الى التصويت على القوانين الانتخابية المطروحة لأنه هناك 17 طرحا مقدما في المجلس، أما المطلوب فأمر واحد لا غير، هو إيجاد نية سياسية جدية بضرورة التوصل إلى قانون انتخابي جديد تماشيا مع الطائف".
وأعرب جعجع عن احترامه وتقديره للنواب المستقلين "الذين هم بأغلبيتهم الساحقة أصدقاء لنا، ولكن هذا شيء والتمثيل والمصلحة العامة شيء آخر تماما، فعلى سبيل المثال شارل مالك كان واحدا من اعظم المفكرين في لبنان، لا بل في العالم، وقد يمثل بأفكاره وطروحاته ملياري نسمة على الأرض، ولكن في الكورة كان يخسر في الانتخابات، لأن هذه هي اللعبة الديموقراطية".
وأشار الى ان "محازبي القوات والتيار والكتائب وحدهم يشكلون نحو 80 الى 85% من الرأي العام المسيحي"، داعيا من يرغب في المشاركة في الجلسة التشريعية المزمع انعقادها، الى عدم الادعاء أنه يمثل المسيحيين، فليقل انه يريد المشاركة لأنه صديق "أبو العبد"، هذا أمر ممكن، لكنه لا يستطيع إدعاء تمثيل غيره"، مستشهدا بمكانة النائب السابق باسم السبع "الذي هو بالنسبة الينا صديق وقيمة وطنية واستطيع الحديث عنه وعن إيجابياته لساعات، ولكن لا استطيع ان اقول انه يمثل الشيعة".
وتوجه جعجع الى النواب المسيحيين المستقلين: "إذا سكتنا فلا يعني ان "حيطنا واطي"، بل لأن معاركنا كبيرة ولا وقت لنا لـ"حزازيات" الحي، ونحن لم نتعامل يوما مع احد على اساس تمثيله، ولكن لا يجوز أن نرضى بالهم والهم لا يرضى بنا".
ووجه نداء الى الرئيس نبيه بري بالقول: "أنت أبو الميثاقية بمفهومها الحديث، ولا اظن أي أب يتخلى عن ابنه، فكيف بالحري ان يقتله؟ والخيار الفعلي هو الصحة وليس المرض، فليس بالمشاكل النقدية وحدها يموت المجتمع، فبلدان الجوار كسوريا والعراق لم يعانيا مشاكل نقدية وانظر أين أصبحا؟ بل هناك مشاكل أخرى قد تقتل أسرع من المشاكل النقدية، وهذا ما يجب ان نعالجه".
كما وجه جعجع نداء الى الرئيس سعد الحريري، قال فيه: "أهم إرث تركه الرئيس رفيق الحريري هو ما قاله: لقد أوقفنا العد بين المسيحيين والمسلمين، ونحن مع المناصفة والاعتدال والشراكة والميثاقية، وأنت الأحرص على الحفاظ على إرث أبيك".
وختم جعجع بالتأكيد "ان مشاركة القوات او عدمها في الجلسة التشريعية ستتم بالتنسيق مع التيار الوطني الحر".