Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

تشريع الضرورة، وشرعية المجلس

$
0
0


أمين أبوراشد -


أجمع بعض خبراء القانون الدستوري في لبنان، أن بدعة "تشريع الضرورة " في مجلسٍ نيابي قائم وغير مستقيل، تشبه الى حدٍّ بعيد حكومة مستقيلة لتصريف الأعمال، بصرف النظر عن أن المجلس النيابي الحالي مطعون في دستوريته وقانونية ممارسة مهامه، إضافة الى فقدان الشرعية الشعبية نتيحة تجديد الوكالة لنفسه بمعزلٍ عن الشعب لفترة ولاية كاملة حتى العام 2017، لكنه يعتبر مؤسسة قائمة وليست مستقيلة، ولا يجوز أن يستنسب في اختيار ما هو ضرورة في التشريع وما هو غير ضرورة، خاصة أن هذاالمجلس خلال ولايته الأصلية إجتمع للتشريع 4 ساعاتفقط خلال عام 2012 مقابل 800 ساعة للجمعية الوطنية الفرنسية- البرلمان-، وأدرجت منظمة الشفافية العالمية هذه "الفضيحة" ضمن تقييمها للأداء غير الشفَّاف لمؤسسات الدولة اللبنانية.

وقد ورد في دراسة للنائب نقولا فتوش، أن التشريع هو حق من حقوق السيادة، وأن لا وجود اطلاقا في الدستور لما يسمى "تشريع الضرورة"، وأن سلطة التشريع اصيلة ومطلقة وتتعلق بالسيادة، وبما أن مجلس النواب هو سلطة التشريع الاصيلة والمطلقة والدستور يحصر به وحده سلطة الاشتراع، وطالما ان حق الدولة في التشريع هو حق من حقوق السيادة، وطالما ان التشريع يرمي بحد ذاته الى تنظيم الحياة العامة ومصالح الافراد والمجموعات، وبما أن القول بتشريع الضرورة عدا عن كونه لا وجود له في الدستور وفي المراجع الفقهية يؤدي الى ضرب وانتقاص السيادة وهيبة الدولة وإضرار بمصلحة الشعب، لذا فإن القول بتشريع الضرورة بدعة وهرطقة ومخالفة للدستور ولِحَقّ السيادة والصالح العام.

ولا يجوز ان تتوقف سلطة دستورية عن القيام بمهامها في حال استقالة سلطة دستورية أخرى، لان الدستور ينظِّم ذلك وتشريع الضرورة مخالفة جسيمة لمبدأ فصل السلطات وتعاونها، ومخالفة لاحكام الدستور وتعطيل لمهام المجلس النيابي، وقد ورد هذا في المادتين 73 و 74 ضمن الباب الثالث من الدستور، "لا يجوز ان يكون التئام المجلس لانتخاب الرئيس ان يعطل بالمطلق سلطة المجلس في التشريع".

مجلس الوزراء ليست له الصلاحية لدعوة المجلس النيابي الى الانعقاد للانتخاب، والمجلس النيابي يستمر بالتشريع بصورة عادية، وفقا "للدعوة" و"الجلسة" وممنوع على ايٍّ كان أن يقول بانه يشرِّع في هذا الامر ويمتنع عن التشريع في أمرٍ آخر، والمادة 16 من الدستور صريحة والمجلس هو السلطة المشترعة الوحيدة، للتشريع الكُلِّي.

وقد أيّد المجلس المجلس الدستوري هذا الإجتهاد بتاريخ 1/2/2000، من منطلق الفصل بين السلطات إستناداً الى الفقرة "هاء" من الدستور، وأن شغور مركز في إحدى السلطات لا يُبيح تعطيل سلطة أخرى.

أمام هذه الحيثيات الدستورية والقانونية، فليس لرئيس مجلس النواب حق مخالفة الدستور وابتداع ما يُسمَّى "تشريع الضرورة"، طالما أن المجلس الدستوري لم يفتح باب الإجتهاد في هذا الشأن، والموضوع بات في غياب التطبيق الجزئي لدستور ما بعد الطائف أعطى لكل جهة حق استنساب ما تراه ضرورة، وتدعو لجلسة تشريعة لإقراره تحت عنوان "تشريع الضرورة"، وفَتَح رئيس مجلس النواب على نفسه مجال الإجتهادات أمام الفرقاء وبات كل فريقٍ يختار ما يُناسبه من "تشريع الضرورة" وسقط الدستور ومعه المجلس الدستوري وسادت الفوضى.

البطريرك الراعي يرى أن من الضروري هو انتخاب رئيسٍ للجمهورية، وتيار المستقبل يعتبر أن الأجواء لا تسمح حالياً لبحث قانون انتخاب، وأن قانون استعادة الجنسية يجب أن يُقابله منح الجنسية لعائلة المرأة المتزوِّجة من غير لبناني، وسط تجاذبات وكيديات ومقايضات بين الكتل البرلمانية، والجلسة التشريعية المُزمع عقدها يومي الخميس والجمعة 12 و13 من الجاري، سواء اكتمل عقدها بالنواب الـ 64 عبر طريقة عدّ حبَّات السُبحة التي يُتقنها الرئيس برِّي، أو لم يكتمل، وبصرف النظر عن ميثاقية الحضور أو عَدَمِها، فإن التسديد دائماً هو على الفريق المسيحي وتهميش مقصود للميثاقية، وإذا كان الرئيس برِّي- بنظر البعض- هو فاقدٌ مع مجلسه للشرعية الدستورية والشعبية منذ العام 2013، فهو قد يفقد السيطرة على المتصارعين نتيجة ابتداعه لتشريع الضرورة، وسيبقى مايسترو تمرير الوقت وطبخات البحص بانتظار جلاء الوضع السوري ولو دام الأمر سنوات ...

 

 

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>