رحلت ريتا تاركة وراءها حزنا عميقا وذكريات سعيدة وأخرى حزينة كانت فيها البطلة وصورة جميلة لفتاة لن ينساها كلّ من عرفها ومزارا للقديس شربل سعت الى انهائه قبل موعد السفر…
ريتا جرجس ابنة عين مجدلين في جزين احتفلت بأعوامها الثلاثة والثلاثين ورحلت..رحلت بعد صراع مرير مع المرض لم تشأ ان تعلنه خوفا من ان تحزن عارفيها باستثناء الاهل.
منذ ان قرع المرض بابها في 18 آب 2014، رافقتها أمها كلّ فترة العلاج وكان شقيقها روي الذي يعمل في القسم الذي وضعت فيه في المستشفى دائما الى جانبها فيما كان والدها عيد وشقيقها الآخر روني يقضيان معظم الوقت وحدهما بين المنزل والعمل ويقصدان المستشفى حيث الام والأخ والابنة المريضة فيما شقيقاها الآخران المتزوجان لم يغيبا عنها أيضا. وكانت تلك العائلة خير مثال لعائلة لبنانيّة لطالما كان شعارها الوحدة والتضامن والمحبة.
كل المحبّين زاروها في المستشفى ولكن من دون معرفة انها تعاني من ذلك المرض المستعصي وأصرّت على إخفاء الأمر كي لا تحزنهم و”تحمّلن همّا وكانت تقول للكل انو المرض بيروح بالدوا” كما تقول لنا قريبتها.
ومع الوقت، اضطرت ريتا الى ترك عملها وبقي الزملاء يتذكرونها حيث تركت بصمتها المميّزة وبقيت ريتا تردّد رغم ألمها “انا منيحة” ولم يشأ احد من القريبين أن يسألها عن المرض الذي بدت آثار علاجه واضحة عليها.
ريتا، التي صحيح انها لم تشفَ من مرضها الا انها كانت سبب شفاء روحي للكثيرين بفضل علاقتها المميّزة كل فترة مرضها مع الله، فتخبرنا نسيبتها:”كانت ريتا تتردّد دائما الى سيدة لبنان في حاريصا والى ضريح القديس شربل في عنايا، وأثناء زيارتها للضيعة لاخذ فترة من الراحة والنقاهة هناك علمنا بمرضها واضطرت ان تخبرنا بعد رؤيتنا آثار العلاج”.
ريتا كشفيعتها تبقى مثلا لاحتمال الآلام بصمت وصبر “كانت تتوجع وتتحمّل وهيي ساكتة وعم تضحك ودائما تقول انا منيحة” كما تشهد العائلة.
وتضيف قريبتها:”كانت تشارك في الذبيحة الالهية بشكل يومي في كنيسة القديسة ريتا في سن الفيل وكانت والدتها رفيقتها الدائمة”.
وعن قصة مزار القديس شربل، تقول قريبتها:”كان القديس شربل شفيعها الذي أحبته كثيرا وأرادت أن تصنع له مزارا امام المنزل في الضيعة وفعلا أبصر المزار النور قبل اسبوعين من وفاتها وفي الاسبوع الاخير زارت الضيعة واطمأنت الى ان العمل بالمزار انتهى وكانت فرحتها لا توصف ولكن للأسف اضطرت على العودة الى بيروت على وجه السرعة وتحديدا الى المستشفى بسبب التفاعلات وكان الاسبوعان الاخيران من حياتها شديدَي الصعوبة ورغم ذلك لم تفقد ايمانها وسلامها وكانت تردّد انا رايحة عند مار شربل وربما الصورة التي وضعتها على هاتفها خير دليل على ما كانت تقوله”.
ريتا غادرت هذه الحياة عشية الاول من تشرين الثاني دفنت في عيد جميع القديسين..هي التي احتملت الآلام بصبر ولم تنكر ايمانها حتى في أقسى اللحظات لا بل بقيت عيناها شاخصتين الى السماء ومعها عيون من أحبّوها..
مقال اردناه منا لفتاة أحبّها كلّ من عرفها..وعبرة لكل من يمرّ بتجربة سيّئة كي لا يفقد الأمل والرجاء..وضوءا على ايمان بقي متماسكا رغم الصعوبات!