Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170441

الصيغة قبل استحقاقات المراكز

$
0
0


عبد الله بوحبيب -

باستثناء تونس، لم تنجح دولة عربية واحدة في صوغ نظام جديد يقبل به شعبها أو معظمه. تجربة تونس ما زالت فتية ومعرّضة للتغيّرات، ونجاحها الحالي أتى بعد اتفاق مكوّناتها السياسية والمناطقية في مؤتمر وطني على صيغة جديدة تدير شؤون بلدها.

الى الشرق من تونس، تستمر الحرب والفوضى في ليبيا لانعدام التوصل إلى صيغة للحكم يقبل بها الليبيون. الاستقرار في مصر هش، والعودة إلى صيغة ما قبل 25 يناير 2011 لا تعني قبول كل المصريين بها، خاصة وأن المشاكل الأمنية مستمرة.

في الانتقال إلى عرب آسيا، بدءاً باليمن حيث تمّ في العام 2011 الاتفاق على فترة انتقالية لا تتعدى العامين، بمبادرة من مجلس التعاون الخليجي الذي تسلّم بموجبها برعاية أميركية نائب الرئيس وقتذاك، زمام الرئاسة. استمرت الفترة الانتقالية أربع سنوات من دون التوصل إلى صيغة جديدة لإدارة التعددية اليمنية، وبان الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي كأنه يعمل لاستمرار حكمه على طريقة سلفه، من دون أن تكون له الخبرة والحنكة والقاعدة الشعبية للرئيس السابق، فانفجر الوضع وتدخلت السعودية لمنع سيطرة إيرانية غير موجودة أصلاً على الأرض اليمنية. لم تنعقد حتى اليوم اجتماعات الحوار التي دعت إليها الأمم المتحدة.

الوضع في البحرين نار تحت الرماد. نجح القمع الأمني بمساعدة السعودية في المحافظة على استقرار هش، معرّض للاضطرابات في أي وقت.

في العراق ترك الاحتلال الأميركي شرخاً عميقاً بين المكوّنات العراقية الأساسية، فلم يعرف البلد استقراراً منذ أزيل صدام حسين في ربيع 2003. يعتقد معظم المراقبين أن الصيغة التي اتفق عليها بضغط الاحتلال منذ أكثر من عشر سنوات فشلت، وأن العراق سيقسم إلى ثلاث وحدات غير متجانسة في بلد واحد، مستقل بعضها عن بعض، ويحارب بعضها البعض الآخر.

سوريا في عالم المجهول. الحرب ذات الامتداد عربياً وإقليميا ودولياً مستمرة، ولا بصيص أمل في نهاية قريبة. مناهضو الرئيس بشار الأسد من الدول المعنية بالحرب يصرون على أن لا يكون له دور في مستقبل سوريا، والداعمون له يصرون على أن قراراً كهذا يعود إلى الشعب السوري. الحوار لم يبدأ بعد للوصول إلى صيغة جديدة، ومن المبكر التكهن بنتائج التدخل الروسي المباشر على الأرض السورية.

الدول الباقية في المشرق العربي، باستثناء لبنان، زادت فيها القبضة الأمنية على شعوبها بعد بدء الانتفاضات. في الدول البترولية خاصة، استُعمل المال لإغراء الشعوب وتدجينها. لكن التدابير الأمنية والمالية تؤجّل الاضطرابات والانتفاضات، ولا تضمن الاستقرار في المدى الطويل.

بكلام آخر، يحتاج كل بلد عربي قامت أو لم تقم فيه انتفاضة، إلى صيغة جديدة تدير التعددية الموجودة فيه. الصيغة التي يتبعها العراق لم تحل مشاكله، ولا أتت بالاستقرار المنشود. في سوريا واليمن لم يبدأ الحوار حول صيغة جديدة تجمع شعب كل من البلدين وتسمح له بالتمتع بالحرية والازدهار اللذين يتوق إليهما.

أخيراً وليس آخراً، لبنان الذي يشهد أزمات ومشاكل سياسية وأمنية منذ انتهاء عهد الوصاية السورية ربيع 2005. كانت هناك مشاكل رئيسية عند انتهاء عهد الرئيس إميل لحود في تشرين الثاني 2007، ولذلك حدث الشغور في الرئاسة. بعد حوادث أيار 2008 تصرّف معظم السياسيين كالنعامة، معتبرين أن إملاء الشغور الرئاسي مع تغيّرات طفيفة ينهي مشاكل الوطن. أتى الرئيس التوافقي ـ أي الذي لا لون له ولا رائحة ولا طعم ـ وزادت مشاكلنا وتأزمت.

الصيغة اللبنانية التي اتفق عليها في الطائف مقبولة من معظم اللبنانيين، والخلاف الراهن هو على تطبيق الاتفاق، خاصة وأن ما طبّق هو نقل معظم صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً. الطائف في حاجة إلى تطبيق كامل ينهي المشاكل، ومن المستحسن البدء بالاتفاق على قانون جديد للانتخاب يعتمد النسبية، ويؤكّد على التعددية السياسية في كل من المكوّنات اللبنانية، فتتحقق الميثاقية ويصبح في الإمكان تشكيل حكومة أكثرية تحكم، وأقلية تعارض.

لبنان في حاجة اليوم إلى حل مشاكله قبل انتخاب رئيس للجمهورية حتى يأتي الرئيس المناسب وينفذ ما اتفق عليه. هذا ما حصل في الطائف عام 1989: اتفق النواب على تغيّرات سياسية ودستورية، ثم انتخبوا رئيساً للجمهورية.

هل يمكن تحقيق اتفاق لبناني في حوار جامع أم ننتظر حرباً تفرض علينا تغيّرات جديدة كما حدث بعد حوادث 1958 وحرب 1975-1990؟ خاصة وأن الدول الإقليمية والدولية المعنية باستقرارنا لن تقدم على تسوية مشاكلنا؟

هل يمكن تقليد ما حدث في تونس فنستحق جائزة نوبل للسلام؟


Viewing all articles
Browse latest Browse all 170441

Trending Articles