
حسان الحسن -
منذ اندلاع الأزمة في الجارة الأقرب، راهنت كل الدول والجهات الداعمة للمجموعات المسلحة على سقوط الحكم في دمشق في غضون أشهر، واستخدموا الوسائل المتاحة لديهم كافة لتحقيق هذه الغاية؛ من تحريض مذهبي وشغب، ثم اللجوء إلى الأعمال الإرهابية، وفي سياقها استهداف الأمكان الآمنة بالسيارات المفخخة والانتحاريين، وصولاً إلى المطالبة بإقامة مناطق عازلة، ومؤخراً محاولة تطويق العاصمة وعزلها.. غير أن كل أشكال الحرب على سورية لم تحقق مبتغاها لأسباب عدة، أبرزها بإيجاز:
أولاً: لم ينزلق الشعب السوري إلى فخ الصراع المذهبي، الذي حاولت الجهات الشريكة في "الحرب" إيقاع السوريين فيه، ثم تهجير الأقليات؛ في محاولة لتكريس واقع ديمغرافي جديد، يشكّل منطلقاً لإقامة فدراليات مذهبية، غير أن النتائج جاءت معاكسة، فعلى سبيل المثال: نزح الجزء الأكبر من المواطنين في المناطق الساخنة في محافظتي إدلب وحلب باتجاه الساحل السوري ذي الغالبية العلوية، حيث احتضنتهم الدولة والمنظمات الإنسانية والأهالي.
ثانياً: فشلُ المسلحين في تطويق العاصمة وعزل المناطق عن بعضها، فقد حاولت المجموعات المسلحة تقطيع أوصال البلاد، وحصر نفوذ الحكومة في الساحل، كذلك إقامة حزام أمني بإدارة التكفيريين، لحماية الكيان "الإسرائيلي" وجعله يمتد من الغوطة الشرقية إلى درعا - القنيطرة.
ثالثاً: تآكل المجموعات المسلحة، وفي هذا الصدد يسجَّل نجاح أمني نوعي للجيش السوري الذي تمكّن من تطويق المسلحين في بقع جغرافية واسعة، ومنعها من التمدد باتجاه المناطق الآمنة، وهي الآن تأكل بعضها على خلفية فرض النفوذ داخل تلك البقع.
رابعاً: تأقلُم السوريين مع الوضعين الاقتصادي والمعيشي الراهن. لاريب أن للحرب الكونية على سورية، لاسيما في شقها الاقتصادي، أثراً سلبياً كبيراً على حياة السوريين، لكنها ليست المرة الأولى التي يُشن فيها عدوان اقتصادي على بلدهم، فبعد مضي خمسة أعوام على بدء الأزمة، اعتاد السوريين التعايش مع "الاقتصاد الحربي"، خصوصاً بعد الحصار الذي فُرض عليهم ثمانينيات القرن الفائت.
خامساً: "التدخل الروسي": بعدما استُنفدت كل الوسائل الآيلة إلى إسقاط الدولة السورية، لاسيما بعد التدخل الروسي المباشر على خط الأزمة، بدأت الدول الشريكة بالعدوان بالتراجع عن مواقفها بعض الشيء، لاسيما في شأن تنحّي الرئيس بشار الأسد، حسب ما أعلن مؤخراً وزير الخارجية الأميركية جون كيري: "إن مسألة تنحي الأسد ليست بالضرورة الآن"، كذلك فرنسا، فقد قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لصحيفة "لو فيغارو"، إن بلاده لن تطالب برحيل الرئيس بشار الأسد شرطاً مسبقاً لمحادثات السلام.
الثبات