كمال ذبيان-
كانت «اللبننة» التوصيف الذي يُطلق على الدول التي تشهد حروباً اهلية، تيمنا بالحرب التي اندلعت في لبنان 1975، والتي اطلق عليها صفة «القبرصة»، لانها كانت ستتطابق مع ما حصل قبل سنوات في الجزيرة التي انقسمت الى شطرين تركي ويوناني.
و«السورنة» هي التي بدأ التداول بها في الاشارة الى الحرب التي تخاض في سوريا، ولاسباب عدة، تداخل فيها العامل الداخلي بالخارجي، وهي الاكثر عنفاً ودوموية وتدميراً، في الحروب التي تعيشها بعض دول المنطقة منذ بدء ما سمي «ربيع عربي»، الذي اندلع تحت عنوان محاربة الفساد، اسقاط الانظمة، وتغيير الطبقة الحاكمة التي تتوارث السلطة وترفض تداولها.
هذا العرض الوصفي لحروب وازمات وقعت منذ اكثر من اربعة عقود، يقدمه قيادي حزبي بارز في احد الاحزاب التقدمية، ليخلص الى قلق من «سورنة» الحراك الشعبي، مع المشهد الامني الذي نُقل من وسط بيروت بين المتظاهرين وقوى الامن الداخلي، اذ ان الطرفين يقدران خطأ برأي هذا القيادي، باسقاط بعض منظمي الحراك الشعبي لسلميته، والمواجهة مع السلطة مباشرة عبر اداتها الامنية، لتزخيم الحراك، وتفعيل مطالبهم والحصول على حقوقهم.
والسلطة ايضاً وقعت في التحليل الخاطئ، عندما قررت قمع الحراك، والتشدد في استخدام القوة، لوقفه، او تخفيض نسبة التجاوب معه، ومحاصرته شعبياً، يقول القيادي، الذي رأى في موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد التعرض للمتظاهرين، واعتقال العشرات منهم، وتسمية الجهة التي تحركهم، وهو الحزب الشيوعي، هو قرار بالمواجهة الدامية بين السلطة والمتظاهرين، والاقتداء بالاسلوب نفسه لسلطات في انظمة عربية، انتقدها المشنوق، ووقف الى جانب «الثورة السورية»، وعليه ان لا يقع في الخطأ الذي ادى الى اهراق دم، لن يتوقف سيله، اذا ما وقع الطرفان في المحظور باستخدام العنف، وافراط السلطة فيه، اذ يخشى ان يقود هذا الوضع الى صدام، وقع في منطقة اللعازارية، ليس بين السلطة ومعارضيها، بل بين معارضين ومؤيدين لها، وهو المشهد نفسه الذي شاهدنا في سوريا، يقول القيادي المذكور، الذي يحذر من «سورنة الحراك»، والاتجاه به نحو المجهول، اذ يكفي التنبه الى ما ورد في بيان المديرية العامة للامن العام عن اعتقال اشخاص اندسوا في صفوف المتظاهرين، ليتبين وفق البيان انهم ينتمون الى تنظيم «ارهابي» لممارسة التخريب، والتحريض المذهبي، بالكتابة على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري عبارات نابية توحي انها من فعل جهة سياسية مذهبية، لاشعال فتنة، تخوف النائب وليد جنبلاط من ان يودي الحراك في ظل توظيف بعض وسائل الاعلام له، الى حدث امني كبير، سيغير مسار الحراك، ويذهب لبنان الى الفوضى.
فهذه التطورات والاشارات، يتوقف عندها القيادي ليخلص الى ضرورة ان يعقلن الحراك خطابه، ويخفض سقفه، ويحدد مطالبه في برنامج واضح وقابل للتطبيق، وان يبني على الانجازات التي يحققها، لان عشوائية التحرك، وتعدد القيادات وتشرذم هيئات الحراك، ستؤدي الى افشاله او تفشيله، كما ان السلطة بدأت تدخل من ثغراه، وجمّعت معلومات حول من يديره وينظم نشاطه، ليتبين لها من التقارير، انه ليس بالحجم الذي تم تصويره بالاعلام، لذلك قررت القضاء عليه، وهو ما قد يؤدي الى الوقوع في محظور عدم السيطرة على الارض لامن المتظاهرين ولا من السلطة، لان اطرافاً اخرى تنتظر سيادة الفوضى لتطل على الساحات، وهي جماعات منظمة ولها خلايا نائمة ومدربة، وتنتمي الى حالات اسلامية اصولية، قد تخطف هذا الحراك المدني، لتحوله الى حراك عسكري، يقول القيادي مستنداً الى ما حصل في سوريا، حيث بدأت التظاهرات بهتاف «سلمية سلمية»، وتنتهي بحرب مدمرة، انها «السورنة» فليتعظ اللبنانيون.