حسان الحسن- الثبات-
أثار "الحراك المدني" في بيروت وبعض المناطق اللبنانية موجةً من الشكوك في شأن أهدافه الحقيقية، خصوصاً بعد ورود معلومات عن ارتباط بعض منظمي هذا "الحراك" بالسفارة الأميركية، إضافة إلى تغطية شبكة "CNN" له، التي وصفته بدورها بـ"ربيع لبنان"؛ أسوة "بالربيع العربي"، كذلك وجود "معارضين سوريين" مشاركين فيه، كانوا على علاقة بالسفارة الأميركية في دمشق.
لاريب أن المخاوف من استغلال هذا "الحراك" لتحقيق أهداف سياسية تتماهى مع توجهات خارجية أمر مشروع، لاسيما بعد خروج "التحرك المدني" عن أهدافه المطلبية، بعد محاولة بعض المحتجين احتلال أحد المرافق العامة، وإثارة الشغب، ما قد يؤدي إلى فوضى، قد تستغل لتمرير سياسات خارجية.
وفي الوقت عينه، لا يجوز تعميم الاتهامات على جميع المجموعات الحزبية والنقابية والمستقلين في "الحراك"، الهادفين قولاً وفعلاً إلى "تأمين حقوق المواطنين المسلوبة من الحكومات المتعاقبة منذ توقيع اتفاق الطائف وما قبل"، على حد قول أحد منظمي حملة "بدنا نحاسب".
ويشير إلى أن هذه الحملة انطلقت قبل نحو شهر من أزمة النفايات، لكن حملة "طلعت ريحتكن" طرحت شعاراً أكثر استقطاباً للمواطنين، على أثر وقوع أزمة النفايات، دفعتهم للنزول إلى الشارع، وشاركت فيها حملة "بدنا نحاسب"، بغض النظر عن ما يحكى عن ارتباطات بعض المشاركين في "طلعت ريحتكن".
ويؤكد المنظّم رفض "الحملة" لأعمال الشغب والتخريب التي طاولت بعض الأملاك العامة، داعياً منسقي الحملات المدنية إلى تحمّل مسؤولياتهم في ضبط تحركاتهم؛ أسوة بمنظمي "بدنا نحاسب"، لأن التحركات المطلبية تتطلب وعياً وانضباطاً، كي لا تُستغل من أي "طابور خامس"، كذلك لأن الفقير المحروم في أي دولة في العالم غالباً ما ينفس احتقانه بطريقة فيها شيء من العنف.
ويلفت إلى أن لدى حملته أهدافاً عدة، جوهرها إعادة الحقوق إلى أصحابها، ووقف إهدار المال العام على المحسوبيات، كما حصل أخيراً في "عين المريسة"، حيث تم وضع عدادات "باركميتر" على الكورنيش البحري الذي يشكل متنفساً للطبقة المحدودة الدخل بشكل خاص، فقامت مجموعة من شباب "الحملة" بتعطيل هذه العدادات غير الشرعية، لأن الشاطىء هو ملك للشعب، ولا يحق لأحد التعدي على حقوقه.
وعن عدم لجوء الحملة إلى الأجهزة الرقابية، لاسيما التفتيش المالي، لإزالة المخالفات ووقف التعدي على الأملاك العامة، خصوصاً في شأن "باركميتر" عين المريسة، يلفت المنظم إلى أن حركة الشعب طالبت رئيس الحكومة بتحريك أجهزة الرقابة التابعة له، خصوصاً التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، لوقف إهدار المال العام، في ظل رأي صادر عن التفتيش المالي يعتبر فيه أن العقد بين الجهات الرسمية المختصة، لاسيما مجلس الإنماء والإعمار والشركة المشغلة لـ"الباركميتر"، وتقاسم الأرباح بين الدولة والأخيرة غير قانوني، وهذا الرأي القانوني ملزم كمختلف القرارات الصادرة عن الأجهزة المذكورة، لكن مع الأسف لم يوضع حيز التنفيذ، نظراً إلى الضغوط السياسية، على حد قول المنظم.
في المحصلة، يجزم المنظم ألا خلاص من "السلطة الفاسدة" إلا باقرار قانون انتخابي نسبي خارج القيد الطائفي، يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، يعيد إنتاج سلطة منبثقة من الشعب، تشرف على عمل مختلف مؤسسات الدولة، عملاً بمبدأ المساءلة والمحاسبة.