عيسى بو عيس-
يتلهى اللبنانيون بتعدد هيئات المجتمع المدني وبوصولها الى العدد سبعين منظمة تتناوب على شاشات التلفزيون دون معرفة الحقيقة من وراء هذه التغطية الدائمة للحراك وحتى ولو كان عدد القائمين به لا يتجاوز العشرة، وبغض النظر عن نتائج هذا الحراك الذين لم ينتج حتى الساعة بمجرد التفاتة حكومية، الا ان الاسئلة تراود باستمرار المراقبين للساحة اللبنانية وللتظاهرات المطالبة بتحسين كل شيء في الدولة المنهارة والتباعد السياسي القاتل وتصاعد الخطاب المذهبي الذي لم تشهده البلاد سابقاً.
ويقول هؤلاء المراقبون ان اللبنانيين كادوا يتناسون المصيبة الاصلية لوجودهم والمتمثلة بانتقال الحرب اليهم من ضواحي المنطقة وصولاً الى نزاع من نوع آخر وجهه الوحيد ازمة النازحين السوريين التي تضاهي في مفاعيلها الفتن المذهبية، ويضيف هؤلاء ان على اللبنانيين التطلع نحو اوروبا وقدرتها المالية الكبرى وامكانياتها التكنولوجية الهائلة والتي غصت بآلاف اللاجئين السوريين وباتت القارة العجوز مستنفرة ليل نهار من اجل معالجة هذا التدفق الذي لا يمكن مقارنته بمليوني نازح على الاراضي اللبنانية دون معرفة وجهة نظرهم او استعمالهم الان او في المستقبل القريب، وما يؤكد هذه المقولة هو ما قاله رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون من السراي الحكومي بان دولته سوف تقدم المياه والكتب الى السوريين المقيمين في لبنان مضيفاً الى كلام ما يمكن استنتاجه ان بقاء النازحين في البلد سوف يستمر لسنوات طوال، حيث اكد ان «بريطانيا ستساعد هؤلاء لسنوات طويلة مقبلة»، وهذا يعني بحد ذاته قولاً صريحاً ان الازمة طويلة لسنوات وليس لاشهر معدودة ودون تقديم اي حل للدولة اللبنانية من تخفيف اعدادهم او مساعدتهم على الانتقال الى مناطق آمنة في بلادهم.
ويرى المراقبون وفق استشعارهم ان بريطانيا العظمى لطالما تولت تغيير الخرائط للدول وترسمها منذ اكثر من مئة سنة من الهند وصولاً الى لبنان على ان يتم التنفيذ بايد عربية او اسرائيلية وبشكل اوضح يلمس المراقبون ان عملية بقاء مليوني سوري في لبنان عملية مستدامة تمهيداً لحل الازمة السورية التي لا يعرف احد من المسؤولين في لبنان خريطة سوريا الحديثة، وبالتالي امكانية بقاء هؤلاء السوريين بشكل دائم في لبنان تمهيداً لتشريع اقامتهم كما حدث مع الفلسطينيين ابان استضافتهم لاسابيع معدودة ريثما يعودون الى موطنهم الاصلي، ويبدو ان اول سبعين سنة من اللجوء الفلسطيني كان كافياً لاعطائهم او المطالبة بتوطينهم من قبل المجتمع الدولي، والآن مرق خمس سنوات على النزوح السوري دون معرفة آفاق الاعداد التي ستأتي الى لبنان بعد، ولم يتحرك شيء ازاء وضعية سكنهم التي بدأت باقامة سنوية شرعية، ولكن الافق يبدو مسدوداً في لبنان لكيفية تطور هذه الاقامة الى دائمة وبعدها الى المطالبة بالهوية.
ويتخوف هؤلاء المراقبون من الزيارات الدولية للدول الغربية تحت عنوان وحيد زيارة مخيمات النازحين في لبنان مع خجل واضح في ملامسة قضايا البلد الاساسية فيتحدث كاميرون عن ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية كأي رئيس بلدية في لبنان، ويسافر سريعاً الى الاردن المكان الآخر للنازحين، وبعد اسابيع يطل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وعلى جدول اعماله بالتأكيد ملاحقة قضية النازحين ومن يتطلع الى مناقشة هولاند قضايا الرئاسة والازمة اللبنانية واهم الى حد كبير خصوصا ان آلاف المهاجرين السوريين يتمترسون في شوارع مدينة ليل الفرنسية تماماً كما يجلسون عند حافة ساحة النجمة في طرابلس او صيدا او جونيه، وهذا هو عنوان مجيئه الى لبنان فارغ اليدين حتى من المساعدات الاجتماعية للسوريين في لبنان سوى توزيع كتب مجانية تحاكي ادنى درجات الاهتمام بهذا البلد الذي يظن البعض انه موجود على الخريطة الدولية.
ويصف هؤلاء المراقبون الزيارات الغربية على مستوى رؤساء الدول بالخطيرة جدا على مستقبل لبنان حيث ان مجيء الرقم واحد من اوروبا يمكن ان يحمل وجهين من الاهداف:
1- اما التطلع نحو بلد مفلس ومنهار استطاع احتقان مليوني نازح ولم تقم قيامة المسؤولين فيه على غرار اوروبا.
2- او دراسة الارض عن قرب تمهيدا لبقائهم في لبنان وابعادهم عن اوروبا... وغير ذلك مجرد كوابيس.