اكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل انه "كلما زاد التحدي، كلما زادت الصلابة لدينا اكثر داخل المؤسسات وخارجها، لانه اذا كان من احد يعتقد اننا اناس نتراجع عن امور مبدئية فهو مخطىء، لاننا نشكل ما تبقى من امل للحفاظ على الحقوق المسيحية، ولن نتنازل عنها لان النوايا واضحة بعدم القبول بالشراكة في ظل كل هذا المشهد الداخلي الموجود، خصوصا ان هناك ارهابا يدخل علينا بلباس طائفي بالسلاح وبالسيف وبلون لا يمثل حقيقة الدين، انما يتكلم معنا بلغة الدين بهدف قتلنا وازالتنا البشرية، ويترافق مع هذا الامر ارهاب سياسي لازالتنا السياسية ولازالة دورنا في البلد، وهذا يزيدنا خوفا وقلقا على موضوع الشراكة، ونقول هنا ان الكنيسة لا يمكنها الوقوف كمتفرج او كمعبر عن الرأي، ونحن نعتبر انه لا يكفي التعبير عن الرفض للارهاب والرفض للمس بالاقليات في الشرق، وكذلك وبنفس المقدار عليها ان تعبر عن رأيها ازاء عملية الالغاء السياسي الذي نتعرض له ويحاولون ممارسته علينا".
كلام باسيل جاء خلال القائه محاضرة في الكلية الشرقية في زحلة تحت عنوان "الشراكة والميثاقية"، وقال: "اننا من هنا من عاصمة الكثلكة من زحلة، نقول ان الكنيسة الكاثوليكية لا يمكن ان تقف متفرجة ومحايدة على ما يحصل من عملية الغاء سياسي للمسيحيين في لبنان، والكنيسة الكاثوليكية لا يمكن ان تكون محايدة بين الشر والخير، ولا يمكن ان تكون متفرجة بين الاصلاح والفساد، ولا يمكن ان تكون محايدة ومتفرجة، وبموقف واحد بين المسيح وصالبي المسيح، واننا اذا لم نجد من يشهد للحق سنشهد نحن مهما كانت كلفة هذه الشهادة، وهذا افضل مكان للتعبير عن هذا الرأي".
وتابع: "اننا اليوم في معركة مواجهة ووجود سياسي وبشري، لان من يلغينا في السياسة يلغي بشرنا وناسنا ونفس التصفية لا بل ابشع، ونحن لا نموت بكرامتنا ولا نقبل بالتنازل عنها، لذلك وعلى هذا الاساس اننا مدعوون كما الكل للقيام بهذه الشهادة للتعبير عن رفضنا لما يقومون به عبر اقصائنا ورفضهم لموضوع الشراكة التي تطالنا في رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي وادارات الدولة وفي الاقتصاد والارض والهوية والجنسية وحتى في سوكلين وفي معامل الكهرباء والسدود وفي النفط وفي الغاز، ويجب ان نكون شركاء فعليين في هذا البلد ولن نقبل بعملية إلغائنا، لذلك عندما نقبل بالخروج من دورنا يصيبنا امران، اولا قبولنا لخضوعنا وخضوعنا، وهذا ما ليس نحن عليه من اناس متمردين، وثانيا يصيبنا الفساد واطاحة بمفهوم الدولة، نحن واولادنا وكل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، يتعرضون لهذا الامر، ويصبحون سلعا للخارج".
واردف: "هذا هو حجم الموضوع الذي نحن بصدده، والذي نعبر عنه بثبات وبتصميم، ولن نقول بقلق وبخوف بل بارادة بأننا اذا كنا على قدر المواجهة حتما اننا منتصرون، لان الظروف الداخلية والخارجية هي لنا"، داعيا الى "عدم قراءة الاحداث بشكل خاطىء وان يتم التفكير بأنها مرحلة تسويات ستأتي على حسابنا، بل انها مرحلة تشكل فيها التسوية لصالحنا، وان اتت على حسابنا ولن تأتي، فلن تكون هزيمة لنا بل تكون انتصارا لداعش علينا وعلى المسيحية في العالم. مثلا يستطيع تيار المستقبل ان يقول لا حكومة دون تعيين مدير عام قوى امن داخلي، وهذا ما حصل في الحكومة الحالية، ولكن لا يمكننا نحن ان نقول لا حكومة دون تعيين قائد للجيش، وفي موضوع الرئاسة نريد رئيسا منتخبا من جميع اللبنانيين، انتخاب مباشر او تصويت او استفتاء، وهم لا يريدون بل يجب ان يكون لنا رئيس مفروض علينا من الخارج".
وسأل: "وفي الحكومة اين هي الشراكة المفترض ان تكون مجتمعة على صلاحيات رئيس الجمهورية، فيما نجدها بالعكس تسلبه هذه الصلاحيات، ولو لم نكن حراسا على هذه الصلاحيات ونقف في وجه من يريد انتزاعها. ونحن كما وقفنا سابقا سنقف اكثر واكثر اليوم" .
وقال: "ان الواقع الذي نعيشه اليوم في البلد يجعلنا نسأل اين نحن اليوم من الشراكة الفعلية لناحية المفهوم والخوف والمصير والتفكير والاحساس، واننا فعليا على ارض واحدة في وطن واحد، وعند تعرضنا لاي خطر لا يجوز ان نفكر الا بلبنانيتنا وليس بطوائفنا، ولا نريد الا هوية شعبنا، لا نريد لا اوروبا ولا الشرق ليحتلوا لبنان. كذلك وفي هذه الحكومة لا تعبير عن الشراكة لا في التعيينات الامنية ولا في القضاء. وان الشراكة هي في التعبير عما يزعجنا وعما يزعج غيرنا، ولا نريد ان ينزح اي شعب الى ارضنا لاننا نريد الحفاظ على هوية شعبنا وهذه هي الشراكة التي نفهمها.
واليوم في هذه الحكومة، لا تعبير عن الشراكة. وان الشراكة تشكل موضوع اساس فكرة لبنان لانه دون الشراكة ليس هناك لبنان، لان لبنان قد قام على الجمع بين المسلمين والمسيحيين في مرحلة تنازل كل منهما عن شيء في سبيل خلق الوطن والكيان اللبناني حيث وضعوا الصيغة والميثاق، فالشراكة نتكلم عنها كموضوع ميثاقي، وعندما تنتفي، ينتفي الميثاق الذي يشكل عهدا بين اللبنانيين ولا يعود هناك من لبنان، لذلك عندما نتحدث عن الشراكة، لا يحق لاحد داخل مجلس الوزراء او حتى خارجه ان يستخف بالموضوع. واتى اتفاق الطائف الذي وضع صيغة جديدة لهذه الشراكة، اخذت ما سمي بالمناصفة وحصل طبعا اجحاف بموضوع الصلاحيات ولم يتشكل مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وحدث ايضا اجحاف في المواضيع الكيانية. ونحن فريق لم نوافق على اتفاق الطائف لا من ناحية الاجحاف الميثاقي في الدستور ولا من ناحية الاجحاف الكياني، وانما بعد العودة عام 2005 ارتضيناه كأمر واقع وكدستور موجود".
واعتبر باسيل ان "الممارسة في هذا الدستور ما قبل ال 2005 وما بعد ال 2005 لنزيد من الخلل الميثاقي الموجود حيث طبق اتفاق الطائف الذي عرف بدستور الطائف لاحقا وحتى تسميته شكلت خطأ بحمله اسم مدينة غير لبنانية ، وهو ما فرض علينا وارتضيناه وطالبنا بتطبيقه لانه يحتوي على بعض البنود الايجابية كالامركزية الادارية والمحافظات والنسبية في الانتخابات وغيرها انما لم يحدث حتى هذا الامر، وذهبنا في المنحى غير المتوازن في مرحلة ما بعد الطائف، مما يدل على ان المسار لم يكن مسارا لبنانيا بالكامل وشكل كل هذه الانحرافات".
واشار الى ان "مرحلة ما بعد الطائف تقسم الى قسمين من ال 1990 الى 2005 ومن ال 2005 حتى يومنا هذا، وقد طغى عدم التوازن على المرحلة الاولى ولعدة اسباب تشكل من خلالها عاملا نفسيا حيث تم ابعاد الممثلين المسيحيين وبعدها مقاطعة القيادات للسلطة مما زاد الابتعاد، بالاضافة الى الدور السوري الذي كرس هذا الخلل.
اما بعد ال 2005 انتهى العامل النفسي وكانت العودة المجيدة للقيادات المسيحية الممثلة لشرائح مجتمعنا، بالاضافة الى الانسحاب والخروج السوري وكانت قد انتهت المقاطعة تدريجيا في الانتخابات الفرعية والبلدية، حيث عدنا الى السلطة عام 2005 في المشاركة الشاملة في الانتخابات النيابية لاول مرة، ولكن بوجود حواجز عديدة خصوصا بعد خروج السوريين حيث كان من المفترض فينا جميعا كمشاركين في هذا النصر الوطني الشامل في 14 اذار ان نعود الى لعب الدور في الدولة، لكن للاسف تبين وجود عوائق عديدة بدأت بقضية التحالف الرباعي الذي وضع امامنا".
واشار الى ان "الاحداث كلها تدل على ان هناك قرارا بمنع المشاركة علينا، او عدم السماح بموضوع الشراكة في البلد ورفضنا الدخول الى حكومة اقصي خلالها الدخول لحلفائنا فيها، لانه امر غير محق، ومن هنا نؤكد كتيار على نفسنا التضامني في المكان الذي تتشكل فيه المواقف المشرفة وارتضينا ان نكون خارج الحكومة اذا لم يكن حلفاؤنا داخلها. وبعدها اتت عملية بتر الحكومة وخروج الشيعة منها.
وتابعت عملها حتى وصلنا الى 23 كانون واحداث 7 ايار واتت تسوية الدوحة التي شكلت تعبيرا عن رفضهم للشراكة بوصول ما يمثل 73% من المسيحيين الى رئاسة الجمهورية وارتضينا معتقدين اننا بنكران الذات نسعى الى تحصيل قانون انتخابي افضل من السابق وشراكة في الحكومة افضل من السابق، وطبعا قيادة الجيش التي اثبتت الايام انه عند اختيار اي موقع ، يجد الانسان ان لا احد يمثله الا نفسه في بلد يتعرض لهذا الكم من الاغراءات ومن العوامل الخارجية الضاغطة او المغرية، ودخلنا في حل الدوحة واتت الانتخابات التي امنت للمسيحيين كتلا ممثلة لهم اكثر انما لم تكن كافية وكان رفض الشراكة عند كل تأليف حكومة يحصل من حكومة الرئيس السنيورة وصولا الى حكومة الرئيس ميقاتي بسبب رفض الكتلة المسيحية الاكبر ان يكون لديها الكتلة الوزارية الوازنة التي من المفترض ان تشكل نصف الوزارة. ووصلنا الى القانون الانتخابي (الارثوذكسي) وكان من الطبيعي ان نطالب بالمناصفة وهو امر بديهي، حيث يشكل ذلك حقا مكتسبا لنا في الدستور وايضا تواجهنا بالرفض الكامل لاي قانون يؤمن المناصفة ليس فقط القانون الارثوذكسي ، فالفكرة بأساسها مرفوضة لذلك كنا مع اي قانون يؤمن عدالة التمثيل والمناصفة، حتى وصلنا الى رئاسة الجمهورية في المرحلة الاخيرة حيث ايضا واجهنا فكرة رفض الشراكة بعدم قبول الممثل الاول للمسيحيين حتى وصولنا الى مرحلة ما حدث اخيرا في حكومة الرئيس سلام.
ولذلك اننا امام عورة ميثاقية اساسية حيث ان لدينا شريكا يرفض مبدأ الشراكة، وهو امر قد تجلى في كل مسار حياتنا الوطنية في السياسة وفي المرحلتين ما بعد ال 90 في مرحلة ما قبل العام 2005 وما بعدها.
وفي رئاسة الجمهورية، قد رفض وجود الممثل الفعلي للمسيحيين وشهدنا رئيسين تم التمديد لهما وما بعد ال 2005 في اطار التسوية اتى رئيس اتضح خلال وجوده في رئاسة الجمهورية وما بعد هذا الوجود، انه لا يمثل ولكن يفرض على اللبنانيين.
ونذكر انه في السابق ايضا، لم يكن بامكان الكتل المسيحية ان تأخذ اكثر من وزير في الحكومة، فالافرقاء غير المسيحية كانت هي التي تأخذ وزراء مسيحيين في الحكومة كالمستقبل وغيرها.
واتى التيار ما بعد ال 2005 بكتلة تشكلت من ثلاث وزراء ومن خمس وزراء وعشر وزراء، ومن الطبيعي ان يزعج هذا الموضوع من اعتاد على عدم مشاركة المسيحيين، وكذلك الامر هو في مجلس النواب بالنسبة الى الاجحاف في الكتل المسيحية ولاول مرة تشكلت كتلة من 27 نائبا، لذلك تم رفض الارثوذكسي خاصة لانه لا يؤمن المناصفة فقط على المستوى العروبي انما ايضا يؤمن المناصفة على المستوى النسبي ويشكل كتلا نيابية كبيرة ويصبح هناك عند المسيحيين احزاب سياسية كبيرة ممثلة لهم كما عند الطوائف الاخرى ولا يعد هناك من استغلال للتشتت في القوى المسيحية لصالح توزيعها هبات ونثرها على الاطراف المسلمة المكونة للسلة اللبنانية".
وتابع: "وكذلك هو الامر بالنسبة الى الادارة والمؤسسات فحدث ولا حرج ايضا، حيث اختصرت الدولة بعض الصناديق والمؤسسات الرديفة حيث اصبحت تأتي الهبات والقروض اليها والالتزامات وغيرها وكل المشاريع حصرت فيها بعيدا عن الوزارات التي من المفترض ان تقوم هي بالمناقصات والالتزامات، واثبتنا واظهرنا ان الوزارات باستطاعتها القيام بذلك. وهي امور من ضمن صلاحياتها وعملها الفعلي ولا يجوز اتباعها الى ادارات تختزل هذا العمل حيث يصبح الوزراء مشاركين صوريين في الحكومة كسلطة، وتجرد الوزارات تباعا من ادوارها الفعلية، وكذلك هو الامر بالنسبة الى الهيئات الناظمة والمجالس والصناديق وغيرها".
اضاف: "ان المواجهة التي قمنا بها في هذا الموضوع اثبتنا من خلالها ان وزارة الطاقة استطاعت القيام بالمناقصات في لبنان، وكانت من انجح المناقصات وحصلت بكامل الشفافية وسجلت التلزيمات بمبالغ 500 مليون دولا و400 مليون دولار على المستوى العالمي ونجحنا بالتمويل وبكل ما يلزم وبما يتناسب مع كافة الشروط الدولية اللازمة باعترافات البنك الدولي.
وكذلك هو الامر بالنسبة الى "سوكلين" ومعامل الكهرباء ومواقعها غير المتناسب مع متطلبات البلد في السابق حيث اتينا وطالبنا ونفذنا معامل في اماكن تتناسب مع المتطلبات، وعندما سرنا بالموضوع بدأت العرقلات ولا تزال كما تشردون جميعنا من ايقاف للمشاريع، وكل ما هو عابر للبنان كخط الغاز الساحلي وغيره لا يعبر، ومحطة الغاز لا تعبر، كل ما هو مفيد اما يكون في منطقة معينة او لا يكون ونحن فقط نعمل لنقدم".
وقال:" اننا لا نعمل بهذه الطريقة، انما نقول ان الغاز هو لكل لبنان والنفط لكل لبنان والكهرباء كذلك، ونوزع التوزيع العادل، انما من اعتاد ان المشاريع تقسم من دون اي شيء للمسيحيين يرفض لغاية الان ويوقف المشاريع على اساس هذا المفهوم وهذه هي المواجهة الحقيقية التي نقوم بها ليس لنأخذ حصة للمسيحيين بل لنوزع هذه الثروات لكل اللبنانيين، وهذا ما رفضناه وسنرفضه دائما، لكن هذا ما قد اعتادت عليه الطبقة في لبنان وهو امر طبعي ويتم وعندما تواجهه تجد انك في مكان ما تواجهه بمفردك.
وكذلك الامر بالنسبة الى الانماء والاقتصاد فحدث ولا حرج، والاجحاف الحاصل بالنسبة الى بعض المناطق من جبيل الى جونية والكورة وجزين وغيرها، والترتيب الشاسع في هذا الاطار وهي امور واقع قائم واجحاف، سعينا دائما الى ازالته لاجراء الانماء المتوازن ونقاوم ونحن في السلطة يوميا كل مشروع انمائي في ظل الذهنية التي لا زالت قائمة. وبالنسبة الى المواضيع الكيانية فالشراكة غير موجودة بتفهم الهواجس، حتى على مستوى التفهم غير موجود كالارض والهوية والجنسية وغيرها. وتتم محاججتنا ومواجهتنا ومن الوزراء الفقهاء المسيحيين بقضية الارض ويتنازلون عنها".
وختم باسيل: "الهوية هي الامر الاخطر، حيث يمس بهويتنا بدءا من موضوع اللجوء الفلسطيني وصولا الى موضوع النزوح السوري حيث التفاعل والواقع يوضحان مدى التفاوت بالاهتمام في هذا الموضوع، حيث اننا عندما تحدثنا عن خطر هذا الامر اتهمنا بالعنصرية، وعند الاتفاق في هذه الحكومة لم نشهد على التنفيذ اللازم والواجب القيام به للحد من موضوع النزوح عند بعض الوزارات تطبيقا لقرار الحكومة القاضي بالحد من النزوح وتقليص العدد والنتيجة اتت معاكسة حيث ازداد العدد الى مليون و200 الف من المسجلين".