وضع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل امام المشاركين في اعمال المؤتمر الدولي الذي انعقد في باريس تحت عنوان "دعم ا ﻻقليات اﻻتنية والدينية في الشرق اﻻ وسط"النموذج الذي نمثله في حماية تنوعنا ضمن امة مو حدة. وقال ان النموذج اللبناني الذي يشكل مختبرا للديموقراطية التوافقية يقدم فرصة للركون الى خيارات الشعب، المصدر الوحيد للشرعية، وصوته هو السبيل الوحيد لضمان الحل السياسي للنزاعات.
ورفض كل تسوية على حساب المصالح المشروعة لمكوناتنا، وللتوازنات التي قام عليها لبنان، كما رفض المساومة على قيمنا المبنية على التسامح والتعددية.
وقال الوزير باسيل ﻻ يمكننا تصور منطقتنا خالية من اقلياتها ﻻسيما مسيحييها، سائلا ماذا سيبقى عندها من الشرق اﻻوسط، وماذا سيبقى من العالم في غياب التنوع؟ مقترحا 3 حلول مرتبطة باعادة احياء نظام اﻻمن الجماعي عبر اﻻلتزامات الدولية، وانشاء وتطوير آليات التنسيق لمﻻحقة مرتكبي الجرائم الدولية،وتنسيق الجهود العسكرية مع الجهود الوطنية، واﻻقرار بان الضمانات لدول المنطقة تكون عبر دينامية داخلية دون اي تدخل خارجي.
مؤتمر باريس الذي عقد اليوم بدعوة من وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس ووزير الخارجية اﻻ ردني ناصر جودة،
شارك فيه الرئيس الفرنسي فرانسوا هوﻻند وحضره وزراء خارجية دول اوروبية وممثلين عن 60 دولة ،واﻻمم المتحدة والوكاﻻت المتفرعة عنها، واﻻتحاد اﻻوروبي ،وجامعة الدول العربية،اضافة الى ممثلين عن الطوائف المسيحية واﻻسﻻمية.
وشدد الرئيس الفرنسي في كلمته اﻻفتتاحية على ضرورة ان يحصل لبنان على مساعدات جراء ازمة النازحين.وقال لبنان انهكت قواه وهو ضعيف، ويعمل من اجل التعايش. ودورنا المحافظة عليه ومساعدته، وهذا ماسنبحثه في اﻻجتماع المرتقب في نيويورك.
كلمة الوزير باسيل
اتقدم بالشكر لكل من فرنسا و الأردن لتنظيم هذا المؤتمر، كما أشكر الرئيس هولاند على كلمته الداعمة للبنان.
ها نحن نجتمع مجدداً حول مسألة ضحايا التطهير العرقي والإضطهاد الديني في الشرق الأوسط التي تبقى أولويتنا المطلقة. إذ لا يمكننا تصور منطقتنا، ولو للحظة، خالية من أقلياتها و لا سيما مسيحييها، فماذا سيبقى عندها من الشرق الأوسط؟ و ماذا سيبقى من العالم بغياب التنوع؟
ففي ظل الهجرة المتدفقة والغفيرة للشعوب المحلية، تفرغ الأراضي من سكانها وتترك لمقاتلين إرهابيين أجانب.، ما يسهم بتغيير نهائي غير قابل للرجوع عنه في هوية المنطقة. كما أن استقبال هؤلاء المهاجرين واللاجئين القادمين من الشرق الاوسط لا يمكن أن يشكل حلاً مستداماً للنزاعات التي تزعزع هذا الأخير، بل على العكس، فتسهيل رحيل المجموعات الإثنية والدينية، يفقد المنطقة جوهرها المبني على قيم التسامح وقبول الآخر. إذ أن الشرق الأوسط بحسب تصور داعش والنصرة وداعميهما يفترض أن يتألف من مجموعة كيانات طائفية، مغلقة على نفسها، ومحكومة بالصراع والعنف أبداً في ما بينها. وحده تجذر المجتمعات في أرضها هو ما يؤمن ضمانة لدوام التنوع الثقافي و الديني والإثني الذي لطالما ميز هذا الشرق الأوسط. ودون ذلك، لن يمكن للمنطقة تفادي انفجارها الذي سينعكس انهياراً داخلياً لجوارها الأوروبي.
يزيد من مخاوفنا على المنطقة هذا العجز الذي أصبح القاعدة. فمن يصدق أن 80 دولة تعجز عن القضاء على مجموعة تتألف من بضعة آلاف من المرتزقة؟ ورغم ذلك، نشهد عاجزين على تهجير الشعوب و على تدفق غير مسبوق للاجئين، فضلاً عن تفتت النسيج الإجتماعي للدول، و انحلال الحدود واقتلاع و تدمير حضارتنا و تراثنا، وعلى إذكاء مشاعر الكراهية والانتقام بين مختلف المجموعات، وهو شعور تغذيه جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي يتم ارتكابها. وهنا نسأل من يستفيد من تعطيل الماكينة القانونية الدولية؟ وألسنا مدعوين لتشجيع تفعيل عمل المحكمة الجنائية الدولية؟ لقد حان الوقت ليتسلح المجتمع الدولي بالإرادة السياسية ليتم استخدام الترسانة القانونية الدولية بالشكل الأمثل من أجل محاكمة مرتكبي الجرائم وحماية الضحايا.
نحن اللبنانيون، نضع أمامكم النموذج الذي نمثله. نموذج حماية تنوعنا ضمن أمة موحدة. هذا النظام للتقاسم المتساوي للسلطة بين المسيحيين والمسلمين، مناصفة في البرلمان والحكومة والوظائف العليا للدولة، هو قانون متجذر في دستورنا الذي يعكس ميثاقاً وطنيا تاريخياً وتصوراً اجتماعياً و سياسياً أوسع:هو تصور لدولة أريد لها منذ نشأتها أن تكون مساحة للحرية والتسامح والحياة المشتركة وللإنسانية. ونرى أنه يجب العمل فوراً للحؤول دون انهيار الحصن البناني، دولة وشعباً، تحت وطأة التهديد الديموغرافي الذي يشكله نزوح مليون ونصف نازح سوري على أرضنا، مقابل تعداد لسكان لبنان لا يتجاوز الملايين الأربعة أي ما نسبته 35% منهم، وذلك على وقع ضربات وهجمات الإرهابيين.
نقترح حلاً قائماً على محاور ثلاثة:
على الصعيد الدولي: إعادة إحياء نظام الأمن الجماعي عبر الإلتزامات الدولية، بما فيها القرارات الأممية الخاصة بمحاربة المنظمات الإرهابية
على الصعيد الإقليمي: إنشاء وتطوير آليات التنسيق (الاستخبارات والقضاء) لملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية وتنسيق الجهود العسكرية مع الجيوش الوطنية التي تبقى على أهبة الإستعداد للإنخراط ميدانياً.
على الصعيد المحلي: الإقرار بأن الضمانات لدول المنطقة تكون عبر دينامية داخلية ولا يمكنها أن تكون نتيجة لأي تدخل خارجي. فبناء مؤسسات فاعلة يكون على قاعدة المشاركة الحقيقية لكل المكونات الإثنية والدينية، كما على أساس احترام الخيارات الشعبية في اختيار ممثليهم السياسيين.
إن نموذج لبنان الذي يشكل مختبراً حياً للديموقراطية التوافقية يقدم فرصة للركون إلى خيارات الشعب، المصدر الوحيد للشرعية.وهنا نلاحظ بأن المجتمع الدولي غالباً ما دفع الأقليات لتقديم تنازلات سياسية تغليباً للاستقرار، ولكن في اللحظات التاريخية، لا تكفي الترتيبات والتسويات المؤقتة لتفادي الاسوأ.وعليه، نرفض، في مواجهة الخطر الوجودي الذي يتهددنا، كل تسوية تكون على حساب المصالح المشروعة لمكوناتنا وللتوازنات التي قام عليها لبنان منذ نشأته، كما نرفض، كما دائماً، المساومة على قيمنا المبنية على التسامح والتعددية.
وهنا استعيد جواب البابا شنودة الثاني لدى سؤاله عن الأقليات المسيحية في مصر و الشرق الأوسط إذ كان يردد بأن المسيحين في المنطقة بخير طالما أنهم بخير.في لبنان.
فالمسألة الأساسية بالنسبة لنا حالياً تكمن في أن يشعر مسيحيي الشرق بأنهم بأمان وأؤكد لكم بأن ذلك يتحقق متى اطمأنوا لوجود سياسي قابل للحياة ويعول عليه.
إن الاستماع لصوت الشعب هو السبيل الوحيد لضمان الحل السياسي للنزاعات، وهوالذي يوصلنا للسلام والإزدهار ولحماية الأقليات.
شكرا لكم.
وكان الوزير باسيل ترأس طاولة مستديرة حول النقاش القضائي ، وقال في مداخلة له ان لبنان هو اول من بادر الى طرح فكرة مكافحة آفة اﻻرهاب وداعش والتنظيمات اﻻرهابية من خﻻل عمل جنائي دولي بالتنسيق ما بين الدول، وقد راسل مدعي عام المحكمة الجائية الدولية ، لفتح القضية في تموز2014.وقال ان الجهود اللبنانبية اضافة الى جهود الدول اﻻخرى ادت الى طرح موضوع المكافحة الجنائية للتنظيمات اﻻرهابية على طاولة مستديرة الى جانب المواضيع السياسية واﻻنسانية التي يتداولها المؤتمر المعني بحمابة ومساعدة ضحايا اﻻرهاب اﻻتني والديني.
وشرح الوزيرباسيل اسباب ظهور التنظيمات اﻻرهابية ، واعتبر ان اي مبادرة جنائية ستقوم على ركيزتين: اوﻻ حماية الضحايا ،وثانيا مقاضاة ومحاكمة المرتكبين. اضاف هناك ازمتان تؤديان الى تمدد آفة اﻻرهاب ازمة النزوح التي تشكل حاليا خطرا على استقرار اوروبا ونحن نعاني من اعباءها، و ازمة اﻻرهاب وادوات تمويله وتجنيد المقاتلين اﻻجانب.
وقال ان القانون الدولي يحفظ بنصوصه وقواعده الدستورية والجنائية حقوق اﻻقليات وحمايتهم من اﻻضطهاد. فما نﻻحظه ان القواعد القانونبة المحلية والدولية تنتهك على حساب حماية حقوق اﻻ قليات ، وان هذه القواعد القانونية والقضائية تنتهك بسبب عدم وجود ارادة سياسية لتحريك حمايتها دوليا من خﻻل المؤسسات الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية، او داخليا من خﻻل وضع قوانين انتخابية تؤمن التمثيل الحقيقي وتتيح للشعوب اختيار ممثليها.واعتبر ان هناك تردد سياسي يؤدي الى انتهاك حقوق اﻻقليات ، وان اﻻقليات اﻻكثر انتهاكا هي نموذج الشرق اﻻوسط والفسيفساء ما بين الطوائف واﻻتنيات والعرقيات.
ودعا وزير الخارجية الى عقد مؤتمر دولي لمتابعة الجهود اﻵيلة لمقضاة المسؤولين في التنظيمات اﻻرهابية، وقد ﻻقت هذه الفكرة ترحيبا من جميع المشاركين، وعلى راسهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية .