
لفت دولة الرئيس العماد ميشال عون إلى أنّ المطالب المطروحة في التظاهرات اليوم، سبق وناضل التيّار من أجلها لسنوات عديدة، مشيراً إلى أنّه يؤيّد الحراك القائم، ولكن لديه علامة استفهام كبيرة على من يحرّكه.
كلام العماد عون جاء بعد الإجتماع الأسبوعي لتكتّل التغيير والإصلاح في دارته في الرابية حيّث شدّد على أنّ التعميم الذي يعتمده المتظاهرين ليس ببريء، وهو أبعد بكثير من التغطية على الفاسدين الحقيقيين، لأنه يهدف إلى ضرب ثقة الناس ببعضها، وثقة الناس بكلّ المؤسّسات تحضيراً للفوضى الخلاّقة التي تظهّرت صورها البشعة في كلّ الدول التي مرّت عليها.
وإذ عبّر العماد عون عن خشيته على لبنان من الربيع العربي الذي كان حقيقةً جهنم العرب، وكوى بناره شعوباً كثيرة، شدّد على أنّ الحلّ ليس بالفوضى، داعياً اللبنانيين إلى المطالبة بأن ينتخبوا بنفسهم رئيس دولتهم، كما ودعاهم أيضاً إلى المطالبة بقانون انتخاب يعبّر عن إرادتهم، وبالتالي انتخاب أشخاص نظيفين لتمثيلهم، لأنّ الانتخابات هي وحدها القادرة على تنظيف الفساد.
وأضاف: تفضّلوا وشاركونا المطالبة بالتنظيف، ولاقونا يوم الجمعة عند الساعة الخامسة والنصف على ساحة الشّهداء لكي نميّز بين المحسن والمسيء.
نص كلمة العماد عون:
أخاطب اليوم جميع اللبنانيين، أحزاباً وطوائف، وكلّ المكونات اللبنانية، والمؤسّسات، وخصوصاً المتظاهرين.
إنّ المطالب التي تطالبون بها اليوم نحن معها، وناضلنا من أجلها عدّة سنوات.. تريدون الكهرباء، لكم الحق.. تريدون المياه، لكم الحق.. تريدون شوارع نظيفة، لكم الحق.. تريدون أن تتخلصوا من الفساد والفاسدين، أيضاً لكم الحق.. كما لكم الحق في أمور كثيرة أخرى.
لن نسألكم اليوم لماذا لم تدعمونا عندما قاموا بعرقلة خطّة الكهرباء التي وضعناها ومشاريع السدود وخطط الغاز والنفط التي أوقفت، لن نسأل لماذا لم تكونوا معنا عندما طالبنا بإنشاء محكمة خاصّة بالجرائم المالية، أو عندما نشرنا كتاب الإبراء المستحيل المليء بالفضائح، أو عندما قدّمنا ملف الهدر والسرقة في وزارة الإتصالات الّذي ناهز المليار، أو وعندما طالبنا بتوزيعٍ عادل لأموال البلديّات، لن نسأل لماذا لم نسمعكم عندما طالبنا أن يختار الشعب رئيسه له عبر الانتخابات المباشرة.. هذه الأسئلة لم تعد مهمّة، فما يهمّ اليوم هو استفاقتكم!
نحن نؤيد من يتظاهرون اليوم، ومتأكدون انّ نيّتهم في التظاهر سليمة، ولكن علامة استفهام كبيرة تُطرَح على من يُحرَّك هذا التحرّك، وهناك عدّة أسباب وراء طرحنا لعلامة الإستفهام هذه..!
فعندما يساوون بين من وضع مشروع الكهرباء وبين من يعرقله.. وبين من وضع مشاريع المياه والسدود، والغاز، والنفط وبين من عمد دائماً إلى عرقلة كلّ المشاريع.. عندما يساوون بين من وضع مشروع لضمان الشيخوخة وبين من تركه "قابعاً في الجوارير".. بين من رفض التمديد لمجلس النوّاب وقدّم شكوى للمجلس الدستوري، وبين من ضغط على المجلس الدستوري وسار بالتمديد..! وعندما يساوون أيضاً بين من رفض التمديد لشركة سوكلين وصندوقها الأسود، وطالب بإلغاء الإتفاقية معها، وبين من وقّع التمديد لسوكلين بالقلم العريض.. أو بين من أعاد للبلديّات حقوقها، ومن رفض أن يدفع لها...
مقاربة الأمور بهذا الشكل تطرح علامة إستفهام كبيرة، فهذا التعميم ليس ببريء ولا هو نابع عن عدم إدراك، ولا يهدف فقط الى تجهيل الفاعل؛ هدفه أبعد من ذلك بكثير، أبعد من التغطية على الفاسدين الحقيقيين، لأنه يهدف إلى ضرب ثقة الناس ببعضها، وثقة الناس بكلّ المؤسّسات تحضيراً للفوضى.. الفوضى "الخلاّقة" التي أخبرونا عنها، الفوضى التي رأينا صورها البشعة في كلّ الدول التي مرّت عليها..!
أيها اللبنانيون
أنا أخشى ربيع العرب..
نعم، أنا أخاف على لبنان من "الربيع العربي"، هذا الربيع الّذي كان حقيقةً "جهنم العرب"، وكوى بناره شعوباً كثيرة، ورأينا بسببه مشاهد ما كنّا نتخيّل أننا سنراها في عصرنا هذا.
وما يخيفني أكثر هو "بشارة" تلفزيون الـ"CNN" لنا منذ بضعة أيام، بأنّ لبنان أصبح على أبواب الرّبيع العربي. فما هي الصورة التي يمكن أن تشجّعنا في هذا الرّبيع الجهنّمي؟ هل هي صورة تونس أو ليبيا أو سوريا أو مصر أو العراق؟؟
صحيح أننا منزعجون من رائحة النفايات ومنظرها، ولكن هل رائحة أو منظر الدماء التي يمكن أن تُهرق سُدىً أفضل؟ النفايات يأتي يوم وستُرفع، ولكن الخراب والدماء سيرافقها جراح لا تندمل.
الفوضى ليست حلاّ. إيّاكم أن تصدّقوا أن هناك فوضى خلاّقة أو فوضى تستطيع أن تبني، فكلّ فوضى هي خراب ودمار، ولن يسلم منها أحد.
إذا كنتم تريدون حلاًّ، طالبوا بالانتخابات. الانتخابات وحدها القادرة على تغيير الطقم السّياسي الّذي لا يعجبكم. انتخبوا نوّابكم أنتم، وطالبوا بقانون انتخاب يوصل صوتكم ويحترم إرادتكم ولا يزوّرها، وبعدها انتخبوا من يحلو لكم.
طالبوا بأن تنتخبوا انتم رئيس دولتكم، أنتم الشّعب، ومن دون ان يزوّر إرادتكم أحد. الانتخابات هي الحلّ، وليس ضرب المؤسسات وتهديم ثقة الناس بعضها ببعض، وترك كلّ شيء من دون مرجع أو ضوابط.
تريدون أن تتغيّر الطبقة السياسية؟ طالبوا بقانون انتخاب يعبّر عن إرادتكم.. تريدون أن يأتي رئيس يمثّلكم؟ طالبوا بأن تنتخبوه أنتم.. تريدون مؤسّساتٍ نظيفة؟ جيئوا بأناس نظيفين عبر صناديق الاقتراع..
وحدها الانتخابات تنظّف..
نعم، وحدها الانتخابات تنظف كلّ الفساد الّذي لا يعجبكم.
لذلك تفضّلوا وشاركونا المطالبة بالتنظيف، ولاقونا يوم الجمعة عند الساعة الخامسة والنصف على ساحة الشّهداء لكي نميّز بين المحسن والمسيء.
ثمّ أجاب عن أسئلة الصّحافيين:
س: هل ستشاركون بطاولة الحوار الّتي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي؟
ج: بكلّ تأكيد سنشارك، ولدينا مشاريع حلول لجميع القضايا المطروحة. نحن نريد أن نرسّخ شرعية ثابتة، وليس شرعية مزوّرة. وهنا نشير إلى أننا قمنا بدراسات قانونية ووجدنا المخرج القادر على تثبيت شرعية جديدة، من شأنها أن تتولى بوضع الحلول المطلوبة لهذه المشاكل المطروحة على الوطن والشّعب اللبناني.
س: هناك حديث عن التحضير لرئيس يفرضه الخارج على اللبنانيين..
ج: هذا الأمر لا يحلّ المشكلة، فنحن بحاجة إلى رئيس صُنع في لبنان وبرضى اللبنانيين. وهذا الأمر لا نستطيع الحصول عليه إلاّ بانتخاباتٍ مباشرة. لذلك لا يحاول أحدٌ أن يطبّقنا، فمن يفرض رئيساً من الخارج عليه أن يستمرّ في حجزه في الخارج، لأنه لن يعمل لصالح الشّعب اللبناني.
نحن نطالب بالانتخابات المباشرة من الشعب لكي نحرّره من الارتهان للخارج ومن الارتهان للداخل. لا يجوز أن يأتي رئيس للجمهورية يكون مرهوناً لأحد. وما من أحد غير الشعب يستطيع تحرير الرئيس من الارتهان، وذلك عندما ينتخبه بشكلٍ مباشر.
س: انتخاب الرئيس من الشعب يتطلّب تعديلاً دستورياً في مجلس النواب. هل هذا بالأمر السهل؟
ج: الأمر بسيط، فتعديل الدستور في هذه الحالة يكون عبر فقرة صغيرة لا تتعدّى السطرين، وهم أساساً قد "أهلكوا" الدستور لكثرة ما تلاعبوا به وتجاهلوا تطبيق مواده..