قرّرت تنظيمات المجتمع المدني أن تستمر بتحركها الذي بدأ منذ أسبوعين، وطلبت من اللبنانيين النزول إلى وسط بيروت تأييداً لمطالبها.
هذه المطالب التي بدأت مع أزمة النفايات التي تجتاح طرقاتنا منذ حوالي الشهر ونصف، وتحديداً تحت شعار "طلعت_ريحتكم".. لاقت إستحسان الكثير من المواطنين، وشعر الكثيرون بالغضب الشديد يوم تصرّف القوى الأمنية تجاه عشرات الشبان بطريقة وحشية قمعية، عادت بنا إلى تصرفات الماضي ليس بالبعيد.
مع إزدياد عدد المواطنين في الساحات، توسعت مطالب تلك التنظيمات لتطال إسقاط النظام والمطالبة بإسقاط الحكومة وحلّ المجلس النيابيّ، وغيرها من المطالب الكبيرة التي كان التيار الوطني الحرّ رأس حربتها منذ أكثر من ٥ سنوات.
يطالبون بقانون إنتخابي جديد على أساس النسبيّة.. أليس هذا ما طالب به العماد عون وحيداً يوم قرّر المسؤولون السير بالتمديد لمجلس النواب، من دون العودة إلى مصدر السلطلت في الأنظمة الديمقراطية، أيّ الشعب!!؟؟
يطالبون برئيسٍ للجمهورية.. أليس هذا ما طالب به العماد عون منذ أكثر من سنة ونصف، مع إنتهاء ولاية ميشال سليمان، ولكن ذهب العماد عون بعيداً في ديمقراطيته، فطالب بإنتخابات مباشرة من الشعب، وهل الثقة بالشعب أصبح جريمة العصر!!؟؟
يطالبون بحلّ لأزمة النفايات.. أليس تكتّل التغيير والإصلاح من طالب بوقف التمديد لشركة سوكلين منذ ٤ سنوات، وطالب بالإفراج عن أموال البلديّات من أجل أن تمارس وظيفتها كسائر أقضية لبنان؛ كزحلة والبقاع والجنوب!!؟؟
لقد تأخّرتم بإستفاقتكم في وجه الفاسد والسارق والمستولي على حقوق اللبنانيين، تأخّرتم كثيراً لركوب موجة النضال والإصلاح والتغيير..
رغم كلّ ذلك، لم نهاجمكم، ولم نتّهمكم بالتواطؤ مع الفاسد، علماً انّ السكوت عن الجريمة، هو أيضاً جريمة!
نزلتم إلى الساحات، وهذا حقّكم الديمقراطي المنصوص في الدستور والقوانين، ولكن كفاكم تعميماً للفساد على الجميع، فمن وقف في وجه الفساد، معارضاً عندما كان خارج السلطة، ومقاوماً شرساً من داخلها، لا يمكن تشبيهه بمن سيطر على أموالكم وحقوقكم، وسرق كرامتكم وشرفكم..
إبقوا في ساحاتكم، ولكن هذه الساحات، هي نفسها التي ناضل فيها شباب التيار الوطني الحرّ، هي نفسها التي شهدت على إعتقال وسجِن وضرب العونيين في وقتٍ تبرأ فيها الجميع من واجباته الوطنيّة.
إن تعميم مسؤولية الفساد على الجميع يغطي ويريح الفاسد فيستمر في فساده، كما وانّ عدم التمييز بين الفاسد والصالح يعرّي مجتمعنا من الحقيقة والتاريخ.
إبقوا في الساحات، ولكن إيّاكم والتنكّر للحقيقة، فإن هي رحمتكم.. لن يرحمكم لبنان.