جورج ابو معشر -
مهما علت الشجرة في الجو، فلا تنقطع عن جذورها.
وهذا ما يجب ان ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين، وعلى النازحين السوريين وعلى كل لاجئ قرع الباب اللبناني هارباً من ظلم عاشه في وطنه الام. ليجد من ساواه بنفسه في بلد كلبنان، يُحسد على من له فيه مرقد عنزة.
ولان الساكت في الحق، مثل الناطق بالباطل، لن نسكت عن التخاذل، الذي «تربع» بحضن اللبناني، ثم اشترك مع الاعداء، بالطعن في الظهر والبطن، كما هو الحال على الارض اللبنانية.
فاللاجئ الفلسطيني جاءنا قبل 70 عاماً هارباً، من القتلة الصهاينة، ليجد في لبنان رعاية وعناية.
كما جاء اخواننا من سورية الهاربين، من الذبح «الوريدي» ليجدوا ان «الصديق عند الضيق» هو لبناني ابن اب عن جدّ.
ومع ان عدد اللاجئين الفلسطينيين القاطنين، في المخيمات الممتدة على طول الجمهورية وعرضها مع الاخوة السوريين نصف عدد سكان لبنان البالغ اربعة ملايين مواطن يعيشون كفاف يومهم، كرمى عيون الضيوف... الذين «عبوا» البئر حجارة، بعد ان ارتووا بمياهه العذبة، وحولوا بعض المخيمات الفلسطينية الى مخيمات «اسيرية» اصولية، داعشية، على صحوة «اسلامية حيوانية» لان الاسلام الاصيل غير مرتهن، للصهيونية، ولا لاسرائيل المعتدية على المقدسات الاسلامية والمسيحية.
عرف لبنان الدهر، ومر بفرح وقهر، وعاش في يوم له، كما في يوم عليه. وكان يرى في القرد احياناً غزالاً، حتى بانت له نتائج الافعال الافضل من شهادات الرجال، فقرر على ضوء ذلك: ان «النعم» للتصدي بعد «لا» افضل من قول «لا» بعد نعم.
اعتمد لبنان ثوب الاعارة ليدفأ. فكان ما كان، من برد قاس، مروراً باتفاقات القاهرة، والطائف والدوحة، ولم يدم من اخ بعيد او جار قريب غير النصح بطول البال والصبر على الايام الحامل لمخاطر المؤامرة الام على الامة العربية طولا وعرضاً لشرق عربي كبير.
ولان الذهاب كان في الماضي الى الشام لفرج الهموم، فصارت الشام مليئة بالهموم، و«الداعش» من كل حدب وصوب يفترس المؤمنين ويترك العظام لجبهة «النصرة».
ان وقفة سريعة امام ما يجري في «جنيف» كحل سوري برعاية دولية، لن يتوافق مع اي حل لبناني، لأي نزاع دولي او اقليمي لضلوع الجهات الخارجية في النزاعات الداخلية اللبنانية، لأن الدولة تخضع للاقليات الوطنية والمجموعات الروحية، والاحزاب او الغرف المسلحة، ناهيك بالمذهبية السنّية - الشيعية والطائفية، التي ترسخّت في عقلية الشعب اللبناني عبر عقود وليس ضمن اقاليم او كانتونات مستقلة ولو في اطار اللامركزية الادارية التي عمرها من عمر الطائف...
ان الحكم في لبنان هو توافق طوائف، ولا حل في غير التفاهم والاستفادة من خبرة سوانا في حل نزاعاته، بدءاً من فوق فوق الى ما تحت الارض، تاركين لـ «بان كي مـون» المكلف «بدور» اشبه بدور «الاخ انطون في غسل الصحون»، وعند توزيع الغنائم «كي مون» عند انطون نائم !!
في الخلاصة المؤلمة - لبان كي مون - انه جاء لكي تستحي العين، بعد اكلة لا تشبع ولا تغني عن جوع، ولكنها في خلاصتها تبحث في سبل ابقاء النازحين في لبنان في ظل ظروف جيدة، بينما وزارة الخارجية اللبنانية تؤيد عودتهم بشكل آمن الى سوريا، تفادياً للمشروع الصهيوني الهادف الى دمج الفلسطينيين بالسوريين، بعد اغراء مشبوه يكــشف بما لا يقبل الشك ان المؤامــرة على لبنان خطيرة، وخطورتها تكمن في احقاد السـياسيين الذين يدعمون بالسلاح والمال، بعضاً من قرى الشمال، وطرابلس، ووادي خالد ومن في المخيمات الفلسطينية، والخيم السورية لمقاتلة القوى الامنية اللبنانية والجنود الابطال الذين يستشهدون دفاعاً عن ناكر الجميل وفاقد الاخلاق و«العاق» الذي حرمه القانون اليوناني من الدفاع عنه، لان العاق لا يستحق رحمة.