
شُرِّعت الأبواب لكلّ أنواع الحلول، ولن نسمح بعد اليوم بالتمديد للوضع المستمر منذ العام 90
العماد عون في ذكرى الرابع عشر من آذار:
سنستعمل جميع الوسائل المتاحة للوصول إلى الغاية المنشودة.. فجهزوا سواعدكم
ألقى دولة الرئيس العماد ميشال عون كلمة في العشاء السنوي الذي أقامه التيار الوطني الحر في ذكرى الرابع عشر من آذار، جاء فيها:
أحبائي وأصدقائي،
أبدأ بالترحيب بسعادة السفراء، السيد ألكسندر زابسكين سفير روسيا، السيد جونغ يونغ سفير الصين، السيدة أنيتا نايار سفيرة الهند، السيد بيلين مايلز سفير أوستراليا، السيد خوسيه ميغيل مانجاكا سفير تشيلي، وممثل الاتحاد الأوروبي ماتشيه كولومبياسكي، وممثل فرنسا جان كريستوف أوجيه.
نحن اليوم نحيي الذكرى الـسابعة والعشرين لـ14 آذار ، وقد سلمنا الأمانة إلى الوزير جبران باسيل، والهيئات المنتخبة. نهنئ قيادة الحزب الجديدة، خصوصاً وأنّ هذا هو اليوم الأول لبدء تطبيق النظام الداخلي الجديد، الذي ترتكز قواعده على مبادئ الديمقراطية.
تجدر الإشارة، إلى أننا حتّى يومنا هذا، لم نستطع أن نفهم في لبنان معنى الديمقراطية والمساواة والإنصاف. وكذلك الأمر بالنسبة للشرق، الذي لم تقم فيه بعد مثل هذه التجربة، أي أن يكون هناك حزب ديمقراطي يبدأ من القاعدة ويصل الى القمة.
نحن نعمل في التيار على توسيع قاعدة الثقافة الديمقراطية، فحزبنا كبير، ويستطيع الأولاد إلى جانب أهلهم أن يتعلموا معنى الديمقراطية الحقيقية، لربما نستطيع أن نرفع مستوى الثقافة السياسية في مجتمعنا، ونتمكّن من تحسين الصورة بشكل أكبر، فيأتي الجيل الجديد، ويساهم بدوره بتحسينها أكثر فأكثر.
وبالعودة إلى المناسبة التي اجتمعنا من أجلها اليوم، مناسبة 14 آذار، ونسأل من نحن من 14 آذار؟! لقد كنتُ رئيس حكومةٍ انتقالية، إلى جانبي جيش وشعب، ولكننا كنا مطوّقين في بقعة صغيرة مع قوة محدودة، تقابلها قوّة غير محدودة، وقادرة على أن تزيد من قوتها بقدر ما تشاء. كنت محاصراً مالياً وعسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً، وكانوا يريدون أن يفرضوا عليّ أمراً واقعاً، يقضي بأن أرفع يديّ وأستسلم من دون قيدٍ أو شرط. انطلاقاً من هنا، وُضعتُ أمام خيارين: إما أن أستسلم وتُفرض علينا الإرادات الخارجية على مدى الدهور، أو أن أقاوم، وحتى لو خسرت في مقاومتي، أكون قد حافظت على حقنا بالاستقلال والمطالبة به، وبعودة السيادة؛ فرفضنا الاستسلم، وعندها بدأت النيران تنهمر علينا من كل الجهات المحيطة بمركز قيادة الجيش والقصر الجمهوري.
لقد أُنقذنا بأعجوبة، لا سيّما أن الضربات كاانت مباشرة وقوية جداً. ولكننا قاتلنا من أجل مبادئنا، وللمحافظة على سيادة وحرية واستقلال جميع اللبنانيين. كما أننا حاربنا أيضاً من أجل قيمٍ، منها حرية المعتقد وحق الاختلاف مع الآخر، وحرية التفكير والتعبير. وجودنا يفرض علينا أن نعيش أحراراً. لذلك قلنا في حينه "إن الحياة خارج إطار الحرية هي شكلٌ من أشكال الموت".
كنا ولا زلنا نتعاطى مع الآخر على أساس هذه القيم، سواء كان هذا الآخر من الداخل أو من الخارج. مع الخارج، نحن نبحث عن صداقة الجميع، ونحاول أن نكون ندّيين، بحيث نتعامل مع الدول الأخرى باحترام متبادل ونتحاشى العداء، مفضلين أن نكون متفاهمين معها. ولكن عندما ينكر علينا البعض حقنا المشروع في الدفاع عن أنفسنا، فهذا الأمر غير مقبول. نحن سندافع عن أنفسنا أينما شئنا، وكيفما أردنا، لأن هذه القضية تتعلق بنا، وبنا فقط.
لدينا حدود وأرض وشعب، وهي غير مرهونة لأحد. من واجبنا أن ندافع عنها بكل الوسائل المتاحة لدينا، من دون أن يشكل ذلك أي أذى لغيرنا. نحن كما قلنا نريد الصداقة مع الخارج، ولكننا لا نريد صداقة يترتّب عنها فرض إرادة معيّنة علينا، فأي محاولة تنكر حقنا في الدفاع المشروع عن أنفسنا هي أبشع بكثير من الاعتداء المسلّح علينا.
أما مع الداخل، فيجب أن تكون هناك شراكة مطلقة في القيم التي ندافع عنها، ونعني بها حرية المعتقد، حق الاختلاف مع الآخر، حرية الفكر، وحرية التعبير. وهذا ما يميّز من لديه تبعية للخارج عمّن لديه صداقة حقيقية. ونحن نفضّل الأصدقاء الأصحّاء، وهؤلاء هم أساساً من نتعاطى معهم. كثيرون خسروا التضامن مع محيطهم الوطني لكي يحفظوا صداقات أو بالأحرى تبعية معيّنة للخارج. وهؤلاء أيضاً، هم اليوم من يعرقل مسيرة الحكم الوطني الداخلي، ومسيرة الإصلاح، لأنهم لا يستطيعون أن يتصرّفوا من خلال ما تمليه عليهم واجباتهم الوطنية، وحريتهم، إنما هم يعيشون تبعية معينة تقوم بتخريب كل ما له علاقة مع الداخل والخارج.
لقد اتفقنا مؤخراً مع القوات اللبنانية لرغبة داخلية عندنا، ولرغبة اللبنانيين ولنداءات من غيارى على مصلحة لبنان، من رجال دين ودنيا وحتى من دبلوماسيين موجودين معنا اليوم.
نحن حلمنا ونحلم، وعملنا ولا زلنا نعمل كي يكون لدينا وطن مزدهر ومتماسك، إلاّ أنّه تعذّر علينا التقدّم في هذا المضمار لأسباب عديدة، وكلّ ما حققناه كان نسبياً محدوداً، وكان لجهة منع الأمور السيئة أكثر منه لجهة تحقيق أمور إيجابية، وما عرقلنا هو الفساد المستشري في الحكم. كانت هناك مقاومة كبيرة لأيّ تدبير إصلاحي، سواء كان يتعلّق بالأشخاص أو بالنصوص القانونية؛ فمؤسساتنا مهترئة، والدستور والميثاق والقوانين منتهكة.. والتمديدات التي حصلت غير دستورية وغير شرعيّة، لمجلس النوّاب، وكذلك الأمر بالنسبة للتمديدات لكبار الموظّفين الأمنيين.. تمّ انتهاك القانون بكلّ هذه الأمور، ولم يبقَ لدينا لا معالم ولا مراجع نتّبعها في إدارة الحكم وإدارة البلاد ومصالح الناس. كلّ هذه الأمور لا تزال مستمرّة ونحن نرفضها...!!
عندما ننتقد شخصيّة معيّنة فاسدة أو إدارة فاسدة، يقولون إنّ هذا الفساد ناتج عن الطائفية، ونحن لا نريد أن ندافع عن الطائفية كنظام لأنّنا علمانيون، ولكن إلى حين أن يقبل مجتمعنا النظام العلماني، يجب أن يعلم الجميع أنّ هناك أناساً شرفاء في كلّ الطوائف، وهؤلاء هم من يجب أن يستلم الإدارات، لأنّ الفساد الموجود اليوم في الحكم وفي الإدارة، يعكس صورة من عيّنه، وكلّ من تجدونه فاسداً في الدولة، إسألوا عمّن عيّنه، وستجدون أنّ من عيّنه فاسدٌ أيضاً..
لدينا الكثير من الشرفاء والكفوئين، وإذا تابعنا بنفس النهج في إدارة الحكم، سنصل إلى جهنّم وقد أصبحنا على مشارفها..!!
يجب أن نعرف الداء لنصف الدواء، وإلا لن نستطيع الإصلاح، والداء الذي ينخر جسم الوطن هو قانون الانتخاب..
هذا القانون خلق عدم توازن وعدم إنصاف وعدم مشاركة في إدارة الوطن، فيما لبنان مبنيّ على التوازن والمشاركة. قانون الانتخاب هذا منبثق عن مجلس نيابي باطل لأنّه انتُخب بنسبة 13% من أصوات اللبنانيين في العام 1992، وهذا النسبة لا يمكنها أن تتنج مجلساً شرعياً في كلّ بلدان العالم..!! هذا المجلس وضع قانوناً انتخابياً مفصلاً على أساس أنّ تحوز الطبقة التي كانت حاكمة في حينه، على الأكثرية بشكل مستمر، والمؤسف أنّهم استعملوا التوزيع الطائفي الخاطئ لتمثيل الطوائف. فالمعروف أنّ القانون ينصّ على المناصفة في عدد النوّاب بين المسلمين والمسيحيين، وهذه حقوق وطنية للمسيحيين وليست حقوقاً طائفيّة يطالبون بها، لأنّهم لا يطالبون بتخفيض عدد النواب المسلمين أكانوا شيعة أو سنّة أو دروزاً أو غيرهم، إنّما يطالبون باحترام القانون، لأنّ هناك خلل في التوزيع الديمغرافي على الأرض، و"خطيئة" المسيحيين كانت بانتشارهم على 22 قضاء حيث عاشوا وتداخلوا مع كلّ الطوائف، وبهذا باتوا أقليّة مع الطوائف الأخرى في كلّ قضاء، بالرّغم من أنّ الأعداد اليوم متساوية بين المسيحيين والمسلمين، مع فائضٍ بسيط للمسيحيين.
إذاً، عندما يكون التوزيع طائفياً وتكون الدّائرة الواحدة ذات أغلبية طائفة معيّنة، سيكون تمثيل الطائفة التي تشكّل الأقلية في الدائرة ناتج عن أصوات الأكثرية، وبالتالي يتحتّم على هذه الأقليّة أن تتبع سياسة الأكثرية سواء كانت توافقها أو تعارضها، وهذا ما هو حاصل في وطننا اليوم.. نحن لا نتحدّث طائفياً ولا نطالب برفع عدد النواب المسيحيين، إنّما نطالب بتوزيع عادل في الدوائر، فالمواطن في البترون يصوّت لنائبين، وفي كسروان يصوّت لخمسة نوّاب، وفي المتن يصوّت لثمانية نوّاب، وفي بيروت الثالثة يصوّت لعشرة نوّاب، وفي البقاع أيضاً يصوّت لعشرة نوّاب.. إذاً، صوت اللبناني في دائرة معيّنة يوصل نائبين اثنين فقط إلى المجلس، فيما صوت لبنانيّ آخر في دائرة أخرى يوصل عشرة نوّاب، وكلّ ذلك انطلاقاً من قانون انتخابي أكثري، ما يعني أنّ فارق صوت واحد بين لائحتين متنافستين كفيل بإنجاح عشرة نوّاب في دوائر معيّنة، فيما اللائحة التي حصلت على تصويت النصف ناقص واحد، لا يحقّ لها أن تتمثّل بأيّ نائب.. لذلك، نحن طالبنا ونطالب ونريد أن نطبّق قانوناً انتخابياً يقوم على النسبية، لأنّ هناك أقليّة وأكثريّة داخل كلّ طائفة، والقانون النسبي يعطي كلّ منها التمثيل العادل، وبهذا يتمثّل الجميع بمجلس النواب، ليصبح صورة كاملة ومتكاملة عن خريطة الشعب اللبناني.. هم يرفضون هذا القانون لأنّه ينقذنا من امتياز يجعل منهم أسياداً علينا..!! ومن هنا ينتج عدم التوازن وعدم المشاركة، كما تنتج النزعة إلى سيطرة طائفة على طائفة أخرى، وهذه هي المشكلة.. نحن أمام هذه المشكلة بصرف النظر عن الفساد الذي سنحاربه وعن الأموال المهدورة وعن كلّ المشاكل التي تعترضنا يومياً..
هذا الغبن الناتج عن قانون الانتخابات لا يلحق فقط بالمسيحيين، إنّما بكلّ لبنانيّ، وخصوصاً عندما قاموا بالتمديد للمجلس النيابي.. تمديدهم للمجلس يعني اغتصابهم للسلطة، لأنّه ما من شرعيّة لأيّ سلطة غير مُستمدَّة من الشعب مباشرة، وهذا يرد في الفقرة "د" من الدستور اللبناني التي تنصّ على أنّ الشعب هو مصدر السلطات ويمارسها من خلال المؤسسات الدستورية..
أنا اليوم نائب غير منتخب، ولذلك لا أملك شرعيّة النيابة، لأنّ الشرعيّة تٌعطى من الشعب، وليس من نوّاب صوّتوا لأنفسهم..!! هل يجوز لأيّ محامٍ أن يمدّد لوكالة من دون أن يوافق الموكّل؟ هذا الأمر لا يمكن أن يحصل.. إلاّ أنّه في لبنان، هناك أكثرية حاكمة لا تعمل وفقاً للقوانين ولا تعي كيفية التصرّف مع المواطنين، وهذه الأكثرية وُلدت في العام 2009 لمدّة 4 أعوام، وبعد انتهاء مهلتها، قامت بالتجديد لنفسها 4 أعوام أخرى..!! لا يحقّ لأحد اليوم أن يتحكّم بانتخابات رئيس الجمهوريّة، لأنّ الأكثرية الموجودة اليوم منتهية الصلاحية منذ العام 2013، وانتخابات الرئاسة كانت في العام 2014... لماذا يتهرّبون من انتخاب الرئيس ولماذا يتّهموننا بالتّعطيل؟ لماذا يجب أن نعطي الشرعية لمن ليس له شرعيّة؟؟!! كيف من الممكن لفاقد الشيء أن يعطيه؟؟!! كيف من الممكن لفاقد الشرعية أن ينتخب رئيساً شرعياً؟؟!! وبإسم من يريد أن يحكم؟؟!!
نحن لا نطالب بتغيير الطائف كما يدعّي البعض، بل نريد تفسير إتفاق الطائف تفسيراً صحيحاً، لأنّ كلّ الموجودين في السُلطة اليوم، لهم عدّة تصريحات، تفيد بأنّ الطائف جيّد ولكنّهم قاموا بتنفيذه بشكلٍ سيء وحتّى انّ هناك الكثير من البنود التي لم تُنفّذ. إنّكم تعترفون بهذه الأمور، بالإضافة إلى انّ النصوص ووثيقة الوفاق الوطني موجودون أمامنا.. أين المناصفة في التمثيل؟! أين قانون الإنتخاب الذي يجب أن يحافظ على صحّة التمثيل لمختلف شرائح الشعب اللبناني وعلى قواعد العيش المشترك؟!! ما أهميّة قواعد العيش المشترك في غياب مبدأ العدالة بين الجميع؟! تحرموننا من حقوقنا وتطلبون منّا أن نحترم قواعد العيش المشترك..؟!!
بعد تجربة 11 عاماً، لست مرتاحاً. لم أكن مرتاحاً قبل أن أعود إلى لبنان، مع انّ الأمل في داخلي كان كبيراً. بعض من هم في السُلطة اليوم جاءوا الى فرنسا قبيل عودتي إلى لبنان ودعوني الى تناول "الترويقة" في أحد فنادق باريس، وبعد إنتهاء الجلسة بيننا، ذهبوا إلى وزارة الخارجيّة الفرنسية ليطالبوهم بتأخير عودتي إلى لبنان إلى ما بعد الإنتخابات النيابية..!! وقد تحدث معي عدد من المسؤولين في هذا الموضوع، وقالوا لي إنّه يجب ألا نقسم المعارضة !.. فقلت لهم، كيف يمكنني أن أقسم المعارضة وأنا من أسسها؟؟ أنا جدّ المعارضة، ووالدها وإبنها..!
في ذكرى 14 آذار أيضاً، منذ بضع سنوات، قلتُ إنّهم سرقوا منّا هدف 14 آذار والتاريخ والشِعار.. وأخيراً نادوا بالحرية والسيادة والإستقلال، وأطلقوا على أنفسهم تسمية 14 آذار.. ولكن اليوم، سقطت 14 آذار التايوانية وبقيت الأصلية!!
نحن اليوم نحتفل بالذكرى الـ 27 لـ 14 آذار وسنبقى مئات وآلاف السنين، طالما هناك وطن إسمه لبنان. انّ المطالبة بالسيادة، والحرية والإستقلال هي من أجل هويتنا ومعتقداتنا، ومن أجل المحافظة على إسمنا. هذه الأمور التي تخصّ كلّ إنسان عاش معنا أو سيأتي بعدنا، لأنّ هذه القيم ملك له، وهي إرثه وتاريخه، ولا يمكن أن تموت. من يموت هو الذي جاء ليستغلّ حدثاً معيناً ويستثمر عطفاً مرحلياً كي يفرض نفسه على اللبنانيين.. ولكن لا بدّ لكلّ شيء سيء أن ينتهي..!
منذ سنتين، كان الفراغ في رئاسة الجمهورية، في حين انّنا حاولنا بكلّ الوسائل إعادة تكوين السُلطة مجدداً. ومن أجل تكوين السُلطة بعد الفراغ، كان لزاماً إنتخاب مجلس جديد للنوّاب، وذلك بعد نهاية ولايته في العام 2013. قلنا لهم، إنّه لا يحقّ لمجلس غير شرعيّ أن ينتخب رئيساً للجمهورية، بل يجب إعادة تكوين السلطة من خلال إنتخابات جديدة. ماذا يمنعنا من إجراء إنتخابات نيابية وبعدها ينتخب هذا المجلس رئيساً للجمهورية؟ لكنّهم رفضوا وأصروا على الإتيان برئيس قبل الإنتخابات النيابية في حين انّ الإستحقاق النيابي يسبق الرئاسة! لقد تحججوا بسوء الوضع الأمني، في الوقت الذي شهدت سوريا والعراق، أيّ في الدول التي تخوض حروباً منذ سنوات، إنتخابات نيابية!! يقولون لنا إنّ الوضع الأمني في عرسال لا يسمح بإجراء إنتخابات نيابية.. أتذكّر جيداً انّ هناك بلدة في الشوف، تُدعى بريح، لم يتمكن أهلها من العودة إليها، فتمّ وضع صندوق إنتخابي لأبناء هذه البلدة في مدرسة الأنطونية في بعبدا.. ماذا يمنع من وضع صندوق إنتخابي بعيداً بضعة كيلومترات عن عرسال كي يتمكن أهلها من ممارسة حقّهم في الإنتخاب..!؟ليست الظروف السيئة وحدها تتحكّم بالقرار في لبنان، إنّما أيضاً هناك نوايا سيئة. ها هم اليوم، يرفضون إجراء إنتخابات نيابية، لأنّهم يخافون من الهزيمة، التي ستؤدي حكماً لإنتهاء "شهر العسل" الذي إمتدّ لأكثر من 26 عاماً!!
لقد طرحنا إنتخاب الرئيس من الشعب مباشرةً، لتخليصه من الإرتهان للدول، والإرتهان لمجموعات النواب التي تمثّل مصالح تتعارض مع تطلعات الشعب اللبناني. الانتخاب المباشر، كما يحصل في معظم دول العالم، أفضل وسيلة لانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك مع إحترام نظامنا الطائفي، حيث انّ هناك آلية معيّنة يمكن اتباعها.. ولكن جاء الرفض!
طرحنا أيضاً إجراء إنتخابات نيابية لتشكيل مجلس جديد للنواب الذي إنتهت ولايته، جاء الرفض أيضاً، إذ إنّهم يريدون الإتيان بالرئيس قبل الإنتخابات النيابية من أجل فرض الأكثرية التي يتمتعون بها على إرادة الشعب اللبناني، الذي لم يعطِ هذه الأكثرية أيّ تفويض لأنّه لم ينتخبها.
تنص الفقرة "د" من مقدمة الدستور اللبناني، على "انّ الشعب هو مصدر السلطات"، يمارسها بواسطة المؤسسات الدستورية التي ينتخبها، ولكنّه في هذه الحالة لم يقم بإنتخابها.. قلنا إنه لا يحقّ لكم التصرّف بهذه الطريقة! يحقّ للشعب اللبناني، نظراً لعدم قيامكم بواجباتكم، أن يستردّ السلطة كي يمارسها بنفسه.. إحترموا إرادة أكثرية الشعب اللبناني.. وهنا جاء الرفض أيضاً.
لا يريدون إلاّ ان ينتخبوا رئيس الجمهورية المناسب لهم، وعلى طريقتهم. لدينا ميثاق وطني، يقوم على تعيين الأكثر تمثيلاً لدى الطائفة السنية رئيساً للحكومة، والأكثر تمثيلاً لدى الطائفة الشيعية رئيساً لمجلس النوّاب، لماذا ترفضون الأكثر تمثيلاً لدى المسيحيين أن يأتي رئيساً للجمهورية؟؟!!.. شتاءٌ وصيف تحت سقف واحد!
أعتقد انّ كلّ هذه القصّة إنتهت، ولن نقبل بعد اليوم أن تكون كلّ مصالح الشعب اللبناني فريسةً للأهواء والمصالح التي تمنع من تنفيذ أيّ إصلاح وإعادة الأمور الصحيحة إلى مكانها.
لقد شُرِّعت الأبواب لكلّ أنواع الحلول، ولن نسمح بعد اليوم بالتمديد للوضع المستمر منذ العام 1990 حتّى الساعة.
لا تيأسوا ، فلدينا الإرادة كما الإمكانات اللازمة لتحقيق التغيير وحلّ المشاكل العالقة، وسنستعمل جميع الوسائل المتاحة للوصول إلى الغاية المنشودة.. فجهزوا سواعدكم.