فيما تصر المملكة العربية السعودية على المضي في قرار إلغاء الهبة المخصصة للجيش اللبناني، لم تُخفِ واشنطن انزعاجها الصريح من الموقف السعودي حيال الجيش الذي تراهن عليه الولايات المتحدة لإقامة توازن نسبي مع «حزب الله»، على المدى الطويل، وهذا ما عبّر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عند ما قال أمس الأول إن المساعدة للقوات اللبنانية المسلحة وغيرها من المؤسسات الشرعية «أساسية للمساعدة في تحجيم حزب الله ورعاته الأجانب»، مؤكداً أن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني ستستمر «ولا نريد ترك الساحة خالية لحزب الله أو رعاته».
وكان الوفد النيابي اللبناني الذي زار واشنطن مؤخراً قد تبلغ من المسؤولين الأميركيين إصراراً على دعم الجيش، وسمع الوفد في وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي تأكيداً بإن الإدارة الأميركية ستتواصل مع الرياض لمناقشتها في قرارها والتعبير عن الامتعاض منه.
يشعر الأميركيون والأوروبيون أن المملكة تكاد تهدد بتصرفاتها، التي لا تخلو أحياناً من بعض المراهقة أو الانفعال، مصالحهم الاستراتيجية، وهو الأمر الذي عكسته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية التي نقلت عن مسؤولين عرب قولهم إن إدارة الرئيس باراك أوباما تضغط على السعودية حتى لا تقوم بخطوات إضافية لمعاقبة لبنان اقتصادياً انتقاماً من الدور السياسي المتصاعد لـ «حزب الله» المدعوم من إيران.
واعتبرت الصحيفة أن الخلاف بشأن لبنان يمثل أحدث انقسام في السياسة الخارجية يظهر بين واشنطن والرياض الحليفين منذ عقود، خصوصاً في ما يتعلق بالدور الإقليمي الذي تلعبه إيران ووكلاؤها.
وكشفت عن أن دبلوماسيين أميركيين رفيعي المستوى ومن بينهم وزير الخارجية جون كيري حذروا سراً السعودية ودول خليجية أخرى من أنهم يبالغون في رد الفعل ويخاطرون بزعزعة استقرار اقتصاد لبنان.
ووفقاً لمسؤول أميركي مطلع على الاتصالات مع السعودية فإن الولايات المتحدة تعتقد أن الإجراءات متهورة وتخاطر بقيادة لبنان بشكل أكبر إلى أيدي إيران، مضيفاً أن رد الفعل يبدو مبالغاً فيه بشكل كبير. وتابع: أنا أتفهم الغضب السعودي.. عندما يفشل أحد ما فإنه يغضب، وأقلّ ما يمكنه فعله هو الغضب.
وأشارت الصحيفة الى أن الحكومة الفرنسية بقيادة الرئيس فرانسوا هولاند أثارت هي الأخرى المخاوف بشأن لبنان في الاجتماعات الأخيرة مع الحكومة السعودية، وذلك وفقاً لمسؤولين أميركيين وعرب.