جهاد نافع-
ما هو سر انفتاح الرئيس سعد الحريري على القيادات السياسية السنية بعد سنوات الالغاء السياسي منذ العام 2005؟ وما هي المعادلة التي تتحكم بهذا الانفتاح المفاجئ الذي طبعت حركته منذ عودته الى لبنان؟
بعد زيارة الوزير السابق عبد الرحيم مراد الى بيت الوسط برفقة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان وسيطا بين الحريري ومراد، وزيارة الوزير السابق النائب محمد الصفدي، تأتي مؤخرا زيارة الوزير فيصل كرامي الى بيت الوسط ملبيا دعوة الرئيس الحريري، وهي ليست الزيارة الاولى له بل هي استمرار لتواصل بين الرجلين وللعلاقة الطيبة التي طبعت مسيرتهما منذ ايام الرئيس الراحل عمر كرامي لا سيما ان كرامي سبق له أن زار الحريري في مقر اقامته في السعودية في زيارة خاصة له.
مصدر سياسي مطلع لفت الى أن الحريري عائد بتوجيهات سعودية نصحته بالانفتاح على كل القيادات السياسية السنية غير المستفزة او المعادية للمملكة العربية السعودية،لا سيما الشخصيات السياسية الى حافظت على علاقات مميزة مع الادارة السعودية .
ومن جهة ثانية ـ حسب المصدر ـ ان انفتاح الحريري على الشخصيات السنية هو ترجمة لسياسية السعودية التي اعترفت بالحيثيات السياسية والشعبية لتلك الشخصيات وبالتالي ترجمة لانقلاب في المفهوم السياسي بعد أن كانت تعتبر ان الحريري وتياره هو الممثل الشرعي الوحيد للسنية السياسية، وادركت متأخرة أن في الطائفة السنية شخصيات وقيادات لها وزنها الشعبي على الساحة اللبنانية وخاصة في الوسط الاسلامي السني، وانه من غير الجائز الاستمرار في تجاهل هذه الشخصيات التي اثبتت حضورها ودورها، كما ليس من مصلحة الادارة السعودية تراكم شخصيات معادية لها في مرحلة صعبة وحرجة تحتاج فيها السعودية الى استيعاب قيادات الطائفة السنية في لبنان التي تلعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية اللبنانية.
يرى المصدر السياسي الطرابلسي ان كرامي لبى دعوة الحريري في الوقت الذي كان فيه بعض انصار وقيادات تيار المستقبل تشن حملة على كرامي وتصفه بالوزير «الفارسي» وحليف «محور الممانعة والمقاومة» للنيل من علاقته بحزب الله وايران. ويشير المصدر الى ان كرامي لبى الدعوة من باب حرصه وانفتاحه هو الآخر على القوى السياسية اللبنانية بمعزل عن علاقاته السياسية الاخرى لا سيما حرصه على الثوابت القومية ونهج المقاومة التي يعتبرها البوصلة في حركته السياسية المحورية.
غير ان احد المصادر اعتبر ان للحريري مآرب اخرى في انفتاحه على كرامي ودعوته وتكريمه كما في انفتاحه على الوزير مراد ...
تلك المآرب يمكن تلخيصها وبحسب المصادر بالاتي:
اولا ـ ان الحريري يسارع الى لملمة شمل الشارع السني واستيعابه بعد تلمسه خسارة حجم لا يستهان به من هذا الشارع وانتقاله الى شخصيات سنية اخرى في الشمال والبقاع وان محاولته هي التفاف لاستعادة هذا الشارع مع استعادة قيادته للطائفة التي باتت «منزلا ببيوت متعددة»...
ثانيا ـ ان الحريري يتبع في طرابلس سياسة خاصة .. هاجسه محاصرة الرئيس نجيب ميقاتي وسحب كل مكامن القوة لديه للاستفراد به ومن ثم الانتقام منه... ولذلك استقبل الصفدي ، ثم كرامي، ويحاول مد الجسور الى قوى وتيارات اسلامية في طرابلس والشمال كما استقبل مفتي طرابلس الشعار ويعتقد انه بذلك سيفضي الى خوض اي استحقاق انتخابي مرتاحا بعد أن لاص في الافق تحالفات انتخابية يقودها ميقاتي وبعد تمدد وتوسع شعبية ميقاتي التي باتت تنافس شعبية الحريري ومن ثم دخول شعبية الوزير المستقيل اللواء ريفي الى حلبة التنافس السياسي في المدينة.
برأي المصدر ان الحريري بحركته السياسية المنفتحة ظاهريا يظن انه يستطيع ان يحتوي كرامي ويستوعبه خاصة عشية الانتخابات البلدية التي كانت طبقا رئيسا في اللقاء الذي انعقد بين الرجلين في بيت الوسط وان الحريري ضمن التوافق على لائحة يعود فيها تيار المستقبل من خلال مجلس بلدي دون خوض معركة حادة ستكون نتائجها حاسمة لصالح تيار ميقاتي بالكامل ومن شأن هذه النتائج ان تنعكس سلبا على مجمل الاستحقاقات الاخرى وتزيد من حالة الاحباط لدى قواعد المستقبل الشعبية وتفاقم من ازمته السياسية محليا وخارجيا حيث تنفضح حالة المستقبل في ما يعتبره الحريري مخزونه الشعبي الاول الذي لطالما راهن عليه وشكل قاعدته السياسية وعمود حركاته الشعبية.