Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 175209

يومَ أصبح رئيس لبنان...غبّ الطلب!

$
0
0


الياس قطار - 

يوم قرّر المتحاورون في عين التينة الدخول في لعبة تحديد مواصفات الرئيس، لم يذكر أيٌّ منهم أنه يمكن أن يصبح ذات يومٍ أجيرًا مياومًا أو حتى عاملاً غبّ الطلب في قصر بعبدا. ذكر هؤلاء ما طاب لهم من مواصفات باستثناء تلك التي لا يمكن أن تتجسّد إلا بتقصير ولاية مفاجئ يُحوِّل الرئيس من مداومٍ في القصر طوال ستّ سنوات الى مداومٍ لسنة واحدة يسابق الوقت قبل أن يغدره من دون أن يُنجِز... ولن يُنجز.

يكثر الكلام في الآونة الأخيرة على طرحٍ ينظر اليه بعضهم من مسوّقيه على أنه قد يكون خشبة الخلاص المنشودة لإنهاء الشغور. طرح يبدو أقرب الى “اليوتوبيا” منه الى التحقّق إذ يقول بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية عامًا يتيمًا يتولى خلاله “تعيس الحظّ” تعبيد الطريق لخلفه على أن ينتخبه مجلسٌ نيابي جديد تنتهي مدّته هو الآخر مع انتهاء العام الرئاسي. ذاك الطرح الذي يُروّج له ويُدعَم في دوائر غربيّة كفيلٌ لمجرّد طرحه وتسرّبه على مسامع الكتل السياسية بشقّ الصفوف مجددًا بين ناظرٍ بعين “الخلاص” وناظرٍ بعين الريبة والسخرية. تبدو الرابية أقرب الى المعسكر الثاني علنًا ركونًا الى حقائق مبنية على تساؤلات منطقية مفادُها: من يستطيع انتخاب رئيس لسنةٍ واحدة سيعصى عليه انتخاب رئيس لستّ سنوات؟ ثمّ من هو ذاك الذي سيقبل بأن يتذوّق طعم الرئاسة 365 يومًا قبل أن يخسرها في ليلة قمراء من دون أن يتمكن من تحقيق إنجازٍ طفيف؟ عدا ذلك، ما الظروف التي تستدعي تقزيم الرئاسة وشخص الرئيس الى هذه الدرجة طالما أننا لسنا في ظروف حربٍ لنتحدث عن رئاسة انتقالية “هجينة”؟

طرحٌ وهمي
كلّ تلك الأسئلة المشروعة لا تلقى جوابًا لدى من يعتقد أن الفكرة ساقطة من أساسها شأنها شأن الطروح الأخرى التي قرر طارحوها العبث بالدستور تعديلاً لا إطاحة، ولو كان لهذا الطرح عمرٌ أو فرصة لسبقته الى النور مبادرة التيار الوطني الحرّ العائدة الى الشارع لانتخاب رئيس. لا ينطبق هذا الرفض الضمني على الرئيس نبيه بري أيضًا على ما علمت “البلد” وهو الباحث عن إعادة الحياة الى مجلسه بشتّى الطرائق، من دون أن يستبعد كثيرون أن يكون أحد عرابي هذه الفكرة التي ناقشها مع الحريري في لقائهما الأخير، قبل أن ينقلها رجل بيت الوسط الى السراي، وربما حملها معه تحت عنوان “زيارة خاصة” الى المملكة. كلّ تلك السيناريوهات تبقى في إطارها الفرضي بالنسبة الى قوى 14 آذار التي ترفض مصادرها البناء على “فول لم يصِر بالمكيول”، وعليه عندما تُطرَح الفكرة رسميًا وتخرج من إطار التداول فيها على أنها طرحٌ وهمي يصبح التعليق عليها مشروعًا ومنطقيًا.

غطّ.. طار
قد لا يخرج ذاك الطرح الذي طهاه على ما يبدو بري وجنبلاط نفساهما عن إطار الجولات والصولات التي تشهدها بيوتات القرار، والتي يشكل بطلَها بلا منافس الرئيس سعد الحريري. غطّ الحريري. طار الحريري. عاد الحريري. ولكن قبل كلّ هذه الديباجة، أبى أن يخيّب الأقلام المحللة والأفواه المتوقّعة، فالتقى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حيث كان كلامٌ كثير وتسريبٌ قليل، وما بينهما جمودٌ مُمدَّد له. أغرب ما في اللقاء ظروفه وتوقيته الضائع بين فرضيّة-سؤال: هل التقاه قبل مهاجمته تلفزيونيًا على خلفية قرار الجامعة العربية أم بعدها؟ لم يعد التوقيت مهمًا بالنسبة الى أبناء الرابية وبيت الوسط بقدر ما ينتظرون مفاعيل هذا اللقاء التي تُضاف اليها مفاعيل لقاءٍ آخر جمع الحريري بوزير المال علي حسن خليل. وما علاقة هذه اللقاءات بطرحٍ نبت أخيرًا يقوم على انتخاب رئيس سنةً واحدة يُعدّ خلالها كلّ ما يتعلق بقانون الانتخابات ويمهّد الطريق لانتخاب خلفه؟

كلاسيكي...
لم يكن الطرح بعد بطلَ لقاء الحريري وباسيل الأخير، إذ لم يترك تمسّك الرجلين بطرحيهما مجالاً لهما للذهاب بعيدًا في مناقشة الأمر. وعلمت “البلد” أن “اللقاء كان كلاسيكيًا أكثر من المتوقع بحيث لم يخرج بأي جديد ولم يحمل أي فجوة في الجدار الرئاسي، بل بالعكس أكد الحريري أمام باسيل تمسّكه بترشيح سليمان فرنجية فيما جدّد باسيل رفضه للموضوع، مشيرًا الى أن التيار الوطني الحر لن يقبل إلا برئيس من الصف الأول لا من الصفين الثاني والثالث” في إشارة الى فرنجية.

تعديل بأكثرية موصوفة
دستوريًا، ربما يدري المروّجون لهذا الطرح ماذا يفعلون وربما لا يدرون ماذا يفعلون، والأكيد قبل الغوص في الرأي الدستوري أن الرئاسة الأولى غدت ألعوبة قائمة على رمي الخيارات والطروح ليقول الحظّ والقدر كلمتيهما. وفي هذا المجال، يشير المرجع الدستوري والقانوني ورئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية بول مرقص لـ”صدى البلد” الى أن “أي تقصير لولاية رئيس الجمهورية وبصرف النظر عن كونه انتقاصًا لموقع الرئيس، يحتاج الى تعديل دستوري بأكثريّة موصوفة، وهو يفرض مع بدء ولاية الرئيس تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق تشكيلها هي الأخرى أشهرًا عدّة، على اعتبار أن النصوص الدستورية مقيِّضة لهاتين الجهتين: إن لجهة مدة ولاية الرئيس الإلزامية المنصوص عليها في الدستور لستّ سنوات، أم لجهة تشكيل الحكومة مع بدء ولاية كلّ رئيس جديد للجمهورية”. ولكن هل يمكن أن تكون مرحلة انتقالية في مفهومها الدستوري؟ يجيب مرقص: “هي مرحلة هجينة دستوريًا لأنها تجعل من ولاية الرئيس ولاية غبّ الطلب وتخضعه لوهنِ كبير لمعرفته المسبقة بأن ولايته قصيرة جدًا ولا تحتمل أيّ إنجاز باستثناء ما يكون قد أعطِي له حصرًا لجهة إقرار انتخابات نيابية جديدة فتغدو صلاحياته أقلّ مما هي عليه اليوم".
صناعة غربية وتجميع عربي
إذًا، مع استبعاد إفلاح مسوّقي الفكرة في إقناع رافضيها نظرًا الى ارتباطها بتعديلات دستورية مجنونة، يبدو أن مدرسة بعبدا باتت تخرّج أيضًا رؤساء غبّ الطلب من صناعةٍ غربية وتجميع لبناني...


Viewing all articles
Browse latest Browse all 175209

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>