- رضوان مرتضى -
خنق صابر العميري والدته حتى الموت. لم يحتمل صوتها. لم يقوَ على سماع دعائها عليه، فخرج من غرفة الحمّام وانقضّ عليها. أسكتها بالقوّة، وضع يده على فمها ثم شدّ وشاحها على رقبتها. فقد أعصابه فاستمرّ على هذه الحال حتى خارت قواها. كتم أنفاسها حتى سقطت أرضاً. لم يعِ صابر أنّه قتل والدته الخمسينية بيديه. لم يدرِ ماذا يفعل. رشّ وجهها بالماء، لكنّها لم تستيقظ.
عندها عمد إلى سحبها نحو سريرها. مدّدها على فراشها ثم غطّاها ليوحي بأنّها نائمة ثم خرج. سبب الشجار كان تراكمات سابقة بين الابن ووالدته منيرة شحيتلي (لبنانية)، فصابر الذي يعيش في فقر مدقع كان يعمد إلى بيع المساعدات الإغاثية التي تصلهم. وذلك كان يثير غضب والدته. وكان أقاربهم يوصلون له أنّ أمّه تتناوله بالسوء دائماً. وذلك كان يفاقم حالته النفسية المتأزمة أصلاً بسبب الوضع المتردّي. وفي صباح الثلاثاء الماضي، يوم وقوع الجريمة، دخل صابر إلى المنزل. فوجد هرّة سوداء، فبدأ بملاحقتها لضربها. هنا ثارت ثائرة والدته عليه. يروي صابر خلال التحقيق، أنهما تلاسنا لترفع صوتها بالدعاء عليه. توقّف عن ملاحقة الهرّة ثم دخل إلى الحمّام. زادت الوالدة من الدعاء. وقفت أمام باب الحمّام «تتغضّبُ» عليه لتزيد من حنقه. فخرج وهاجمها ليقتُلها.
وكأنّ شيئاً لم يكن، خرج صابر سوري (سوري الجنسية، مواليد ١٩٨٢) من المنزل قاصداً عمله، لكونه يعمل في توزيع الدخان. فشاءت الصدفة أن يلتقي شقيقته مريم التي كانت آتية لزيارة والدتها في منزلها في بلدة الشيخ حبيب، لكنّه أخبرها أنها ليست موجودة. وأنّها توجّهت إلى رياق. فعادت مريم أدراجها. وهذا ما عزّز شكوك المحققين لدى مواجهة الشقيقة مع شقيقها.
عاد صابر إلى المنزل عند السادسة مساءً. تفحّص والدته ثم توجّه إلى منزل شقيقته في بعلبك. قال لشقيقته: «إنشالله بتسلمي.. توفّيت الوالدة». حضرت شقيقاته ثم نقلوا جثة والدتهم إلى المستشفى الحكومي في بعلبك. ولدى كشف الطبيب الشرعي على الجثة، استوقفه خدشٌ في وجهها. ثم لاحظ آثار كدمات على رقبتها ليخلص إلى أنها توفيت نتيجة تعرّضها للخنق. هنا أمر المدّعي العام لبعلبك القاضي كمال المقداد بتوقيف الابن، باعتباره الوحيد الذي يقيم معها في المنزل. لم يقرّ صابر بجريمته. مكث يومين في المخفر ثم أُحيل إلى مفرزة الشرطة القضائية. هناك اعترف خلال ٢٤ ساعة.
وبحسب المعلومات، كان صابر قد سُجن في سوريا أربع سنوات. أما التهمة، فكانت ترويج المخدرات. كذلك شهدت هذه العائلة فاجعة أخرى قبل سنوات. فقد أقدم شقيقه الأكبر على قتل شقيقته، بحجة «أخلاقية»، كما ذكر صابر خلال التحقيق. وينقل أحد الحاضرين أثناء تمثيل الجريمة أمس، بحضور القاضي كمال المقداد وآمر مفرزة بعلبك القضائية المقدم فادي الحلاني ومساعد آمر المفرزة النقيب مهدي حسن، أن الجاني أجهش بالبكاء وعبّر عن ندمه قائلاً: «بدي ضل عمري إبكي على اللي عملتو بإمي». كان صابر منهاراً أثناء إعادة سرده تفاصيل الجريمة. وكل همّه أن يتركه القاضي ليُكمل حياته قبل أن يُضيف: «ما رح ضل بلبنان بدي سافر».