
أمين ابو راشد -
قبل أن يراهن المُراهنون الخائبون، على انقسامٍ داخل التيار الوطني الحرّ، نتيجة رغبة القيادة وبعض القاعدة عدم الدخول في أجواء إنتخابية في هذه الظروف، فلا بدَّ بداية من الإعتراف، أن انقسام الرأي الحرّ ضمن القاعدة العونية ليس إبن ساعته، وليس خلافاً على اختيار الوزير جبران باسيل أو النائب آلان عون، لأن البعض منذ تأسيس التيَّار يرغبون بالإبقاء على تسميتهم "عونيون"، ويفضِّلون أن تبقى هذه التسمية خارج التأطير الحزبي كي لا تغدو الحزبية والتنظيمات والهيكليات البنيوية طاغية على هالة "المدرسة العونية" أو "أنصار ميشال عون" كما كانت ترغب بعض القواعد الشعبية وما زالت.
بناء عليه، فإن أولى نقاط القوة لدى العونيين وأبناء التيار الوطني الحرّ، أنهم واجهوا منذ وقفوا في قصر الشعب خلف قيادة العماد عون وما زالوا يواجهون، كل أنواع التحدِّيات والمتاعب من أجل السيادة اللبنانية... السيادة الحقيقية، ولن تقدِّم أو تؤخِّر مسألة وجود تيار سياسي يؤطِّرهم، طالما يضمن استمرار الحالة العونية ضمن حزب سياسي له أنظمته الأساسية والداخلية وقوانينه المرعية، وليس لدى العونيين أي مانع مبدئي على قيام التيار الوطني الحر كحزب، طالما أنه يراعي حرفياً أبجدية خطاب وفكر ورؤية القائد الرئيس ميشال عون، وبدون أي مقابل مادي أو وظيفي لأنهم ليسوا من جماعات "بون البنزين"، ولأنهم أبناء كرامة... كرامة لا نظير لها.
ثم ما هو هذا الخلاف "الخطير" الذي راهن عليه خصوم التيار بتزكية الوزير جبران باسيل بعد التشاور مع القيادات وفي طليعتها النائب آلان عون الكبير في فكره وخطابه، وإذا كانت ردود فعل البعض تحمل بعضاً من اعتراض على حرمانهم من الحق الديموقراطي، فلأن الظروف التي يجتازها لبنان حالياً وارتداداتها على الجميع من الأفضل عدم إجراء انتخابات في ظلِّها، والرئيس الجديد للتيار الوطني الحرّ إذا كان ذنبه أنه صهر العماد عون، فهو قبل حصول علاقة النسب، أبن حَسبٍ ونَسَب، وشابٌ لبناني طالع من النبض الشعبي ومنفتح على الجميع، وهوعصاميٌّ ومهندسٌ ناجح، وهو من أوائل المناضلين والقياديين العونيين، وهو الوزير المميِّز الذي ما تسلَّم وزارة إلَّا وجعل منها وزارة سيادية، وتشهد له إنجازاته في الوزارات التي تحمَّل مسؤولياتها، وكان مثال المجتهد الصابر العنيد لتحقيق إنجازات بمستويات ومعايير عاليمة يتشرَّف بها العونيون وأبناء التيار الوطني الحرّ ويتشرَّف بها لبنان، ولا مجال الآن لشرح نضالاته في مواضيع الطاقة وإنشاء السدود وتحريك ملف التنقيب عن النفط.
وجبران باسيل وزير خارجية لبنان في الزمن المشرقي الحالك، الذي لا بدَّ للبنان خلاله من ديبلوماسيٍّ يعكس هويته المقاوِمة السيادية، ومواجهة المشاريع الدولية في عقر دار صُنَّاع الفِتَن، ووقف سيادياً سيداً على منابرهم وقَارَعَهُم، وخاطب الجميع بشموخٍ لبناني في زمن الوهن العربي وثورات الشياطين والتكفيريين التي تمزِّق الدول والكيانات، والتي يدفع لبنان بنتيجة مواجهتها شهداء من أمن كيانه وجيشه ومقاومته وشعبه، ويدفع أكثر وأكثر من أمنه الإجتماعي والإقتصادي وبناه التحتية، نتيجة الزحف المليوني للنازحين السوريين الذي تصدَّى له الوزير باسيل برؤيته الموضوعية وتعرَّض ومعه قيادة التيار الوطني الحر للتخوين من المراهنين الخائبين أنفسهم.
وطالما أننا في معرض الحديث عن الميزات الديبلوماسية في شخصية الوزير جبران باسيل، وقدراته الحوارية الخارقة، فلن ينسى العونيون وأبناء التيار واللبنانيون جميعاً، الدور الكبير والمميَّز لجبران باسيل في الإنفتاح على حزب الله، والعمل الشاق والمضني الذي بذله مع الحاج غالب أبو زينب لوضع الخطوط العريضة لورقة التفاهم التاريخية بين التيار الوطني الحر وحزب الله، والتأسيس لهذا التقارب الشعبي الصادق بين مناصري أكبر حزبين في لبنان مما فوَّت على مفتعلي الفِتن المذهبية والراغبين بالكانتونات والدويلات كل الفرص الجهنمية المشبوهة، وتجاوز جبران باسيل ومعه سائر قيادات التيار التحالف الرباعي عام 2005 بتوجيهٍ رؤيوي من العماد عون، وانخرطوا في التأسيس للبنان السيد الحر المستقل من خلال تحالفٍ استراتيجي لا يضمن الوجود المسيحي في هذا المشرق الموبوء بالمذهبية والتكفير فحسب، بل التأسيس للبنان العيش الواحد الضامن للإختلاف بعيداً عن أي خلاف.
أيها السادة، إذا خيَّرتم العونيين بين جبران باسيل أو آلان عون أو ابراهيم كنعان فالإختيار عبر الإنتخاب صعب، لأنه كما لجبران باسيل صولاته وجولاته المشرِّفة، كذلك لإبراهيم كنعان كنائب ورئيس لجنة المال إنجازاته التي تحدَّث فيها بالأرقام عن الفاسدين ممَّن "إبراؤهم مستحيل"، وكذلك نسجِّل للنواب آلان عون ونبيل نقولا وسيمون أبي رميا وزياد أسود وسواهم من نوابنا إنجازاتهم التشريعية والبرلمانية والوطنية والشعبية ...وصدِّقونا أننا كنا سنكون محتارين أمام صناديق الإقتراع في اختيار واحدٍ من هؤلاء النخبة من الأوادم.
لا خوف على العونيين طالما قرر ميشال عون اختبار أدائهم الحزبي، والتيار الوطني الحر الذي يضم مختلف الأعمار من الذين رفعوا شعار "العونية" على جباههم، مستمرون منفردين ومجتمعين، ضمن التيار كملتزمين حزبيين وخارجه كأنصار، لا يُساومون على حرفٍ من أبجدية تعاليم ميشال عون، والتيار باقٍ لأنه ضرورة مسيحية لبنانية ومشرقية، والتيار باقٍ لأنه ضرورة أخلاقية سياسية، والتيار باقٍ شعبيةً متدفِّقة الى جانب المقاومة وكل السياديين في هذا الوطن، وإذا كان الذنب الوحيد لجبران باسيل أنه صهر الجنرال، فلن نقبل أن يدفع ثمن النَسَب الوزير جبران باسيل كما يدفع ثمنه الآن القائد اللبناني الكبير شامل روكز، ولن يستمر العونيون طويلاً في دفع الأثمان، بل سيدفعها خصومهم خاصة أولائك الذين لا تذكرة عودة لهم الى لبنان والى الحياة السياسية اللبنانية إلا عن طريق الرابية والآتي قريب...