يجب الدخول بعملية تفاوضية كاملة سياسية مع المجتمع الدولي والحكومة السورية حيث يلزم لتنظيم العودة والبدء بتنفيذها تدريجياً وجزئياً.
آن الأوان لتطبيق اللامركزية في ملف النفايات وتشجيع البلديات والاتحادات وإعطائها حقّها من عائدات الخليوي دورياً وبشكل كامل ومن دون أي حسم.
القرار السياسي المطلوب هو وقف الإستفادة من النفايات وأن نتعاطى مع هذا الموضوع بمنطق التساوي ليس العددي أو المناطقي إنّما العلمي.
عقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمراً صحافياً تحدّث فيه عن أزمة النازحين التي بحثها خلال لقاءاته مع المسؤولين الأوروبيين، متطرّقاً الى الحلول في ملف النفايات. وقال: "أردت أن يكون هذا اللقاء الصحافي للحديث عن النازحين في أعقاب عودتنا من الجولة التي أجريناها في أوروبا، ولقائنا مع وزراء خارجية ومسؤولي كلّ دول أوروبا. وبالتالي يمكننا القول إنّ أزمة النزوح قد تخطّت الازمة السورية وأصبح لها بعداً إقليمياً ودولياً، والتفكير في حلّها الذي لطالما قلنا إنّه يجب أن يكون حلاً سياسياً لإنهاء الحرب في سوريا، أضحى اليوم أبعد من هذا الأمر، لأنّ عوامل الدفع التي تجعل النازح يذهب من آسيا وأفريقيا باتجاه أوروبا لا تنتهي إلا بحصول مساواة بين أوروبا ومنطقتنا، إما بالإرتفاع من جانبنا أو بالانخفاض من جانب أوروبا. لذا، فإنّ أي تفكير أوروبي أو غربي بخلفية إبقاء السوريين في أماكن وجودهم في البلدان المضيفة في الجوار السوري، هو تفكير قاصِر عن معالجة الأزمة لأنّ الدوافع السياسية لإبقائهم كثيرة ومنها إنتخابية، أي عامل الانتخابات في سوريا والبعض يفكر في الاستفادة من هذا الموضوع. وبسبب هذه الدوافع السياسية نجد ممانعة إزاء مساعينا الديبلوماسية لإدخال التعابير التي تناسب لبنان ولحذف عبارة " العودة الطوعية".
وعلى هذا الأساس وإدراكاً منا للبعد السياسي الكبير هذا، وحيث لا يمكن للبنان بحجمه وبقدرته ان يتحمل مثل هذه الازمة من النزوح غير المسبوق في العالم من حيث الحجم، طرحنا حلاً على ثلاثة مستويات:
أولاً، على المدى الطويل لا حلّ إلا بعودة السوريين النازحين الى سوريا، ويجب أن تكون هذه العودة جزءاً أساسياً من الحلّ السياسي في سوريا، لا بل ممهّداً وليس لاحقاً له، أي ان تكون عاملاً مساعداً للحلّ السياسي تماما كما حصل في دول البلقان، وأتت ضمن قرار دولي بشكل تمهيدي.
ثانياً، على المدى المتوسط، كما تعلمون هناك حديث متلازم عن إحالة المساعدات الى سوريا مع وقف الإعتداءات، والترجمة العملية لهذين الأمرين هي الهدوء والاستقرار وعودة النازح وعودة الاعمارالى سوريا، لذا فإنّ النازحين يجب أن يعودوا مع تثبيبت الاستقرار واستتباب الامن ولو تدريجاً وبشكل جزئي ومرحلي. ويمكن لهذه العودة ان تكون الى أماكن معينة في سوريا لفترات متلاحقة وفقاً لقدرة الاستيعاب المتزامنة مع عودة الهدوء.
ثالثاً،على المدى القصير، من خلال مساعدة الدول المضيفة للبنان، من خلال المجتمع اللبناني والاقتصاد اللبناني والدولة اللبنانية، مساعدة مباشرة لتأمين المطلوب في التربية والوظائف على أن تكون هذه الوظائف والمجالات المتاحة لعمل السوري ضمن القانون اللبناني، وفي القطاعات المسموح له العمل فيها ضمن القانون اللبناني أي في الزراعة والصناعة والبناء، من دون أي إضافة. على أن يكون هذا الامر مشروطاًً بعودته إلى سوريا وبقدر المساعدات التي ستؤمّن لتحقيق النمو في الاقتصاد اللبناني.
وقال الوزير باسيل: "لكي يتمّ كلّ هذا، علينا في لبنان مسؤولية، ولا بدّ من أن يكون هناك قناعة سياسية بأن موضوع السياسيين لا يجوز أن يُستخدم بعد اليوم لغايات سياسية ، أكانت داخلية او متعلقة بالازمة السورية. وهذه القناعة لا بد أن تستتبعها إجراءات حقيقية، وليس فقط الاتفاق على الموقف العلني، بل نحن مطالبون من قبل مواطنينا الذين يتأذّون بفعل الازمة السورية باتخاذ إجراءات فعلية أبعد من تلك التي اتخذناها حتى اليوم، وفقاً لما اتفقنا عليه في ورقة سياسة الحكومة ولم تنفذ حتى الآن، ألا وهو التمييز بين النازح الأمني والسياسي من جهة والنازح الاقتصادي لكي تذهب المساعدات الى مستحقيها من النازحين الفعليين، ووقف تشجيع السوريين على المجيء الى لبنان أو البقاء فيه. ويجب الدخول بعملية تفاوضية كاملة سياسية مع المجتمع الدولي حيث يلزم، ومع الحكومة السورية حيث يلزم، لتنظيم العودة والبدء بتنفيذها تدريجياً وجزئياً".
أضاف: "لا بدّ من التوقّف أيضاً عند موضوع النفايات. لقد تعمّدنا ألا نتحدث كثيراً في الاعلام حول هذا الموضوع كي لا يقال إننا نعرقل، لهذا اكتفينا بالاعتراض القوي وقلنا إنّه ليس بإمكاننا أن نعطّل موضوع ترحيل النفايات لأنّه أسوأ حلّ، وتعلمون أنّه حينها لم يقف الى جانبنا أحد ولم نستطع منع هذا القرار. لقد وصلنا الى هذه المرحلة ليس بفضل موقفنا أبداً، إنّما بفضل تقديرنا أنّ هذا هو الحلّ الأسوأ لأنّه الأكثر كلفة وبعكس المنطق ويضرّ بصورتنا ومعنوياتنا. في العادة، تقوم الدول بشراء النفايات للاستفادة منها في مسائل عدّة مثل الطاقة وسواها، فيما نقوم نحن اليوم بدفع الأموال لكي نُرحّلها. وبالتالي فإنّ هذا الأمر هو عكس المعتمد حتى ولو قال أحدهم إنّ ما يحصل هو حلّ جزئي، ليس هناك أي بلد في العالم يحلّ مشكلة نفاياته بتصديرها وترحيلها بهذه الكلفة العالية الى الخارج. إنّ البدائل موجودة دائماً، ولكي لا نكون نظريين نقول إنّه آن الأوان لتطبيق اللامركزية في هذا الموضوع بالذات حيث يُمكن، علينا تشجيع البلديات والإتحادات وليس منعها، من أجل إيجاد الحلول لأنّها أفضل من النفايات المرمية في الطرقات. وإنّ أفضل تشجيع لها هو إعطائها حقّها من عائدات الخليوي دورياً بشكل كامل وبدون أي حسم، وذلك كلّ ثلاثة أشهر، وقد اتفقنا على ذلك في مجلس الوزراء".
تابع وزير الخارجية: "إنّ البديل الثاني بالنسبة لبيروت والمدن الكبرى حيث مع تأمين هذه الإمكانات لها، فإنّ حجم النفايات يتطلّب أن يكون هناك محرقة ويجب أن تنطلق عملية المناقصة فوراً، لكي نعوّض السنوات الستّ التي غبنا فيها في الحكومة خلال العام 2010، عندما أخذنا قراراً في هذا الشأن ولم يُنفّذ. هذا على المدى البعيد، أمّا على المدى الأقصر فيجب أن يكون هناك مطامر، فأياً يكن الحلّ يجب اعتمادها، وهي متوافرة، وسوف نقول ما هي شروط تنفيذها لاحقاً. أمّا على المدى الفوري والسريع، لدينا مطمر الناعمة الذي بإقرار الجميع يمكن أن يستوعب المزيد من النفايات. هناك حقوق وواجبات للدولة تجاه المنطقة عليها أن تؤمّنها، إنّما مطمر الناعمة يجب أن يتلازم فتحه مع المطامر الأخرى المتوافرة أيضاً وتبدأ العملية فوراً. وهي بحاجة الى قرار سياسي حينها تسقط الموانع السياسية ويُصبح بالإمكان تنفيذها".
وقال الوزير باسيل: "هذا الحلّ ليس حلاً تقنياً، إنّما هذا الحلّ هو سياسي، لأنّ القرار المطلوب ليس فقط سياسياً، لأن نقرّر وتُساعد كلّ القوى السياسية على فتح المطامر، إنمّا القرار السياسي المطلوب هو وقف الإستفادة من النفايات. هذه الاستفادة التي بدأت ولم نستطع إيقافها رغم كلّ مواقفنا المتتالية من العام 2009، والتي لم تدعنا نربح التصويت داخل مجلس الوزراء ضدّ "سوكلين"، والإتيان بمناقصة جديدة للنفايات وتخفيض قيمة العقد الخاص بسوكلين الذي كان 4% ولم يُنفّذ، رغم قرار مجلس الوزراء. كلّ هذه القوى السياسية التي تقف خلف موضوع النفايات والتي أوصلتنا الى هذه المرحلة اليوم، المطلوب منها اليوم أن تأخذ القرار السياسي بوقف التفكير بالاستفادة ممّا سبق وممّا سيلحق، حينها يتوفّر الحلّ".
أضاف: "المطلوب أيضاً أن يكون هناك قرار سياسي لأنّنا سنتعاطى مع هذا الموضوع بمنطق التساوي ليس العددي أو المناطقي إنّما العلمي. فأين يكون من الممكن علمياً ويُسمح أن تُطمر النفايات، يجب أن يتمّ هذا الأمر، وهناك أماكن كثيرة في لبنان يُمكن اعتمادها لطمر النفايات، وهي أفضل من بقائها على الطرقات. كذلك يجب أن يكون هناك منطق سياسي واحد، ومعيار واحد للتعاطي مع اللبنانيين، ولنكن واضحين هنا، نحن لا يمكننا ولن نقبل أن يُصار الى إقامة مطمر في جبل ما أو وادٍ ونمنع في الوقت ذاته إنشاء سدّ فيه لأسباب بيئية. لا يُمكننا الدفاع عن شركة "شينوك" والقول إنّها أعظم شركة في العالم، وأنا حقيقة لا أعرف ما هو وضعها، ولكننّي أعرف شركة "جي. إي"، و"جي. أند بي.أفاكس"، والتي يصل مدخولها وأعمالها السنوية الى مليارات الدولارات، ولديها عقود مع الدولة اللبنانية نوقفها وتدفع الدولة الغرامات وتذهب الى التحكيم، ونحرم اللبنانيين من الماء والكهرباء والغاز بعقود قائمة موقّعة ولها مفعولها الدولي وارتداداتها وانعكاساتها القانونية الخطيرة على اللبنانيين، وعلى الدولة وماليتها".
تابع الوزير باسيل: "لا نستطيع وقف مشروع صرف صحّي في البترون، أو في أي مكان آخر في لبنان وله كلّ المنافع البيئية ولا نستعمل هيبة الدولة لتنفيذه، وفي الوقت ذاته، نقول إنّنا اليوم سنفرض هيبة الدولة بمطمر نفايات. إنّ هيبة الدولة يجب أن تكون واحدة، لا تتفكّك ولا تُستعمل على منطقة، أو ناس أو مشروع إنتقائي، وينعم بها كلّ اللبنانيين في ظلّ القانون".