
نقاء شيت
في تحليلها للخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، نهار الثلاثاء، نشرت صحيفة "ذا تايمز اوف إسرائيل" مقالًا للكاتب "تمار بيلجي" تحدث فيه عن ما أدرجه الأمين العام لحزب الله في خطابه حول قدرة الحزب على هزيمة "إسرائيل" في أي حرب جديدة، عبر استهداف مخازن الأمونيا في حيفا، ما سيتسبب بأعداد هائلة من الضحايا، كما لو كان الهجوم نوويًا. وأضاف كلامٌ لمسؤولٍ إسرائيلي لم يذكر اسمه جاء فيه "هذا الامر كقنبلة نووية تمامًا، أي أنّ لبنان اليوم يمتلك قنبلة نووية، ما يعني أنّ أي صاروخ ينزل بهذه الحاويات هو أشبه بقنبلة نووية". واعتبر المسؤول الإسرائيلي أنّ "حزب الله، الذي ورد أنه فقد العديد من مقاتليه في الحرب الأهلية في سوريا، يستمر في تعزيز قدراته". واستكمل "تمار بيلجي" في مقاله الكلام عن ردود الفعل الإسرائيلية، حيث صرح وزير حماية البيئة "آفي غاباي" أنه أمر بنقل منشآت تخزين الأمونيا إلى صحراء النقب، بعد ساعات على تهديد السيد.
وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية صباح الأربعاء، إفتتاحية جاء فيها "لم يكن ينقص سكان حيفا سوى الاستماع الى تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله كي يتذكروا من جديد حجم خطر وجود مستودعات غاز الأمونيا والمصانع الأخرى في المدينة، التي تساهم في تلويثها وتشكل خطرًا كبيرًا على حياة السكان في أوقات الحرب". ونقلت الصحيفة عن أحد سكان حيفا قوله "[السيد] نصرالله يعرف كما يعرف جميع سكان حيفا أننا نعيش مع قنبلة نووية موقوتة. في حين اعربت احدى السيدات عن شعورها بالهلع يوميًا من العيش في مكان يشبه العيش في ظل بركان".
كذلك قال وزير الصحّة الإسرائيلي، يعكوف ليتسمان، أن "إسرائيل" تعمل منذ أشهر على نقل حاويات الأمونيا إلى مكان آمن. بدورها لفتت مديرة جمعية "تسلول" الإسرائيلية التي تعنى بشؤون البيئة، مايغ غايكوبس، أنّ "[السيد] نصرالله لطالما حذر الإسرائيليين من هكذا خطوة وهو دائمًا على حق، وإن حصل فعلًا ما تحدث عنه [السيد] نصرالله من قصف لحاويات الأمونيا، سيتسبب ذلك بمقتل عشرات الآلاف وإصابة مئات الآلاف من الإسرائيليين"، وأضافت " [السيد] نصرالله قال ما حذرنا منه منذ اعوام، والخبراء يقولون انه في حال تسرب فقط 2000 طن من الامونيا من الخزان فإنّ هذا سيؤدي الى مقتل عشرات آلاف الاشخاص واصابة الكثيرين، فخزان الامونيا منتهي الصلاحية وغير محصن ضد الصواريخ، وهو يحوي 12000 طن، وفي حال اصيب فإنّ إسرائيل سترد بطريقة غير مسبوقة ستجر المنطقة بأسرها لحرب خطيرة".
خطاب السيد نصر الله أثار عاصفة في الوسط الإسرائيلي، خصوصًا عندما أكد الخبراء صحة كلامه. وفي مقابلة مع إذاعة جيش العدو الإسرائيلي، صرح البروفسور عاموس نوتاع، أحد قادة الصراع ضد حاويات الأمونيا، أن السيد نصرالله صادق في أقواله، وعليه يجب أخذ كلامه على محمل الجد وإخلاء حاويات الأمونيا بشكل فوري.
بدوره، علق محلل الشؤون العربية في القناة الثانية الإسرائيلية إيهود يعري، قائلًا إن " [السيد] نصرالله توجه إلى رئيس الأركان غادي أيزنكوت، وقال له أنت لديك أفضل سلاح جو وأنت قادر على فعل ما يحلو لك في لبنان، لكن أنا استطيع أن أضرب حاويات الأمونيا وهو ما لم يفعله في حرب لبنان الثانية". في حين علقت القناة العاشرة على خطاب الأمين العام لحزب الله بالقول إن "حزب الله يحلم بقنبلة نووية ويزيد من إشاعات السرطان في حيفا".
من جهتها، قالت عضو الكنيست عن المعسكر الصهيوني، "ياعل كوهن بارن"، أنّ السيد نصرالله "يعلم جيدًا ما تحاول الحكومة الإسرائيلية إخفاءه"، معلقةً على كلام السيد بالقول "إنّ سكان حيفا يعيشون في خطر مزدوج، أمني وصحي، في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة في تأخير إغلاق حاوية الأمونيا، انكشف بنك أهداف السيد نصرالله" متسائلةً "هل يتعين وقوع كارثة حتى يستيقظ رئيس الحكومة ويدرك أن خليج حيفا سيشتعل؟".
وفي تعقيب نادر من قبل وزير في حكومة العدو على كلام الأمين العام لحزب الله، قال وزير البيئة الإسرائيلي "أفي غباي" "إن حاوية الأمونيا تمثل خطرًا بيئيًا وأمنيًا، نحن نعمل على إخراجها من حيفا من خلال إقامة مصنع لإنتاج الأمونيا في الجنوب".
ويكمل الموقع أنه، وبحسب صحيفة معاريف، فإنّ السيد نصرالله، على الرغم من عدم تصريحه المباشر حول استهداف المقاومة لحاويات الأمونيا، واكتفائه بنقل كلام الخبراء الإسرائيليين، إلّا أنّ القلق الشديد الذي تركه كلامه في الأوساط الإسرائيلية حول مخاطر استهداف حاويات الأمونيا وغيرها من المنشآت الاستراتيجية، يبين أن تهديداته ما كانت لتخطر على بال أحد.
في هذا الإطار، كان للجمعيات البيئية الإسرائيلية تعليقاتها أيضًا، وأولها جمعية "مواطنون من أجل البيئة"، حيث تحدثت الجمعية لصحيفة "معاريف" قائلة إنهم كانوا يعلمون بهذا الواقع منذ عام 2006 عندما وجهت المقاومة صواريخ نحو خزان غاز الامونيا في حرب لبنان الثانية، لكن مع الأسف وعلى الرغم من كل الخطوات التي اتخذت فإنّ هذه القنبلة لا تزال موجودة في حيفا وتهدد حياة عشرات الآلاف من السكان هناك.
كذلك لفتت رئيسة لجنة البيئة في "حركة اومتس" أليس غولدمان، الى أنّ "الحكومة الاسرائيلية ورؤساء البلديات في المنطقة يواصلون التصرف بعدم مسؤولية ويتهربون من هذه المسؤولية، ويهملون مئات الآلاف من السكان مقابل التهديد الذي تمثله آلاف الصواريخ الموجهة في هذا الوقت نحو مراكز المواد الخطيرة، ومن بينها خزان الامونيا".
في حين علقت "منظمة التوجه الاخضر" بانه "لا يوجد جديد تحت الشمس وعندما يتم الحديث عن خطر امني يطرح هذا الموضوع في العناوين، فتهديد [السيد] نصرالله فعلي وقابل للتحقق ويشكل خطرًا على مليون نسمة"، وتأكيدها أنّ "الإصابة بصاروخ لخزان الأمونيا هو خطر مميت مضاعف من كل صاروخ، فهذه المواد السامة والمشتعلة يمكن أن تتسبب بضرر لا يمكن وصفه ولا يجب المخاطرة ويجب إخلاء خزانات الأمونيا من المكان".
منظمة "غرين بيس اسرائيل" وصفت تصريح السيد نصرالله بالمرعب، وقالت "تهديد السيد نصرالله باستهداف تجمع المفاعل الملوثة للبيئة في خليج حيفا يتحول الى سيناريو مرعب محتمل، فالسكان يعانون منذ اعوام من خطر مضاعف وهو خطر التلوث المميت وخطر الصواريخ من الشمال". ودعت المنظمة الى ايقاف مشاريع توسيع محطات التكرير ومشاريع البيترو كيماويات في خليج حيفا.
- بيروت برس -