قبل نحو أسبوعين، التزم لبنان خلال اجتماع القاهرة، بسياسة النأي بنفسه عن صراعات الأصدقاء والأشقاء، وإعطاء الأولوية لوحدته الوطنية... عقب الاجتماع، بادر وزراء الخارجية العرب، وبينهم ثلاثة خليجيين تحديداً، إلى إبلاغ لبنان تفهمهم لموقفه وقبولهم به، انطلاقاً من خُلق العرب بوجوب وقوف الأخ الكبير عند اعتبارات أخيه الصغير ...
اليوم تكرر الموقف اللبناني الحكيم والحريص نفسه، في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي. فكان التفهم نفسه إسلامياً شاملاً، في مقابل المزايدات اللبنانية السافرة ...
أبرز الاستعار وأخطر تخرصاته، جاء طبعاً على لسان فؤاد السنيورة... إذ سارع صديق كوندوليسا رايس إلى تهديد اللبنانيين، بأن موقف حكومتهم "يعرض مصالحهم للخطر في الدول الشقيقة والصديقة ولا سيما في المملكة العربية السعودية" ... انتهى كلام السنيورة. لكن ماذا يعني حقيقةً هذا التفوه؟ له معنى من اثنين، لا ثالث لهما. إما أن السنيورة يقول للبنانيين، أن أشقاءهم العرب هم أناس ثأريون كيديون انتقاميون، وهم لذلك سيعمدون، رداً لاعلى موقفهم الحكومي السليم، إلى ضربهم بشكل أعمى ... وإما أن السنيورة يدرك أن أصدقاء لبنان وأشقاءه ليسوا كذلك، فيسعى إذن لتحريضهم على مواطنيه، ولتشجعيهم على ضرب لقمة خبز اللبناني، اقتصاصاً من موقف سيادي صائب ...
هكذا تكون وطنية البعض ... وهذه هي عروبة بعض المستعربين في بيروت ... يبقى الضمان أن أشقاء لبنان ليسوا السنيورة، وأنهم لا يأخذون بتحريضه ولا يأخذوننا بإهانته المرفوضة لهم ...
فهي لعبة تشويش رئاسي مكشوف ومفضوح وساقط... تماماً كما لاعبها...
ليس التشويش الوحيد أصلاً ... فقبل التشويش الرئاسي، لنبدأ أخبارنا بالتشويش الخلوي