Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170058

كان يوما مروعاً، كان يوما قاسياً جداً.. محمد يروي قصّة الهروب من الموت: إنهم مصاصو دماء!

$
0
0



علي حسن


هو هدوء الموت والدم والإرهاب الداعشي الذي يخيم على حي البغيلية، مقابل تضحيات جنود الجيش السوري والدفاع الوطني واستبسالهم لاستعادة هذا الحي. هي قصة جديدة من قصص تنظيم داعش وتعطشه لدماء الأبرياء، هذه المرة كانت فريسته حي البغيلية الآمن في دير الزور.

 

بألم لا تصفه الكلمات يروي "أبو ماجد" محمد العبد الله، الأب لثلاثة أطفال قصة نجاته ممن أسماهم بـ "مصاصي الدماء". يتحدث كيف كان مع أطفاله وزوجته يسابقون الموت وقد سبقوه فكتب الله لهم عمراً جديداً.

 

موقع "العهد" الاخباري استطاع الاتصال بصعوبة مع "أبو ماجد" ليروي ما حصل في تلك الليلة الدامية. يقول ابو ماجد: كان يوما مروعا، كان يوما قاسيا جدا، تحديدا في الرابعة فجرا استيقظنا على أصوات تكبيرات. تبعتها مباشرة أصوات انفجارات ضخمة، عشرات الانفجارات سمعناها خلال دقائق معدودة، لم نكن نعرف ما يحصل، لكننا أدركنا أن هجوما مباغتا قد حصل من قبل إرهابيي تنظيم داعش على حي البغيلية. حاولت أن استجمع أفكاري للبحث عن طريق للنجاة، على الفور طلبت من أبنائي وزوجتي الانطلاق خارج المنزل. لم يسعفنا الوقت حتى للملمة ادنى حاجياتنا.."، يكمل أبو ماجد.

 

أبو ماجد الذي يتكلم بنبرة لا تخلو من التأثر ولا تستطيع بحة صوته إخفاءها، يقول: المشهد يدمي الذاكرة. خرجنا بثياب النوم، لم يكن لدينا أي متسع للتفكير أو للبحث أو لتغير ملابسنا ولا لأخذ أي من حاجياتنا الضرورية...... بعد الانفجارات المتتالية سمعنا أصوات اشتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش والدفاع الوطني القائمين على حماية البلدة ضد الإرهابيين, والأهالي المحاصرين هناك لا يحيطهم إلا إجرام تنظيم داعش فعرفوا سريعا ما الخطب.

 

وهنا يصمت قليلا.. يستجمع قواه لمتابعة الحديث، ويضيف "في الدقائق الاولى لم نكن نعلم ما الذي يجري تماماً، توقعنا أن هجوما خطيرا ينفذه تنظيم داعش كما تجري عادة بعض الخروقات ويصدها الجيش، لكن المشكلة أن تنظيم داعش هاجم المواقع والتحصينات الرئيسية والحواجز من جهة نهر الفرات بشكل متزامن.

 

وحسب رواية الشاهد على المجزرة، لم يتمكن مقاتلو الدفاع الوطني من صد الهجوم نظرا لأن الانتحاريين الذين نفذوا الهجمات كانوا بالعشرات، هناك من يقول أن أكثر من ثلاثين انتحاريا من المشاة نفذوا عملياتهم بالعربات المفخخة والقنابل الحية.

 

تفاصيل أخرى من الهجوم الإرهابي..

يوضح محمد ما جرى، عند بداية الهجوم سقطت تحصينات الدفاع الوطني، سقط شهداء مباشرة إضافة إلى كثير من الجرحى، العمليات الانتحارية مكنت إرهابيي داعش من اختراق دفاعات الجيش وتحصينات الدفاع الوطني فتم دخول المهاجمين إلى أطراف الحي.

 

المدنيون الذين كانوا يقطنون من جهة نهر الفرات لم يسعفهم الوقت للنجاة بأنفسهم، وصل إرهابيو داعش وبدأوا بالدخول إلى الأبنية السكنية، تزامًا مع دخول آخرين منهم الحي، ولكوننا في الخطوط الخلفية اصطحبت أطفالي الثلاثة وزوجتي، وخرجنا نركض من المنزل"، وهنا تظهر نبرة فيها اختناق الرجل وهو يسترجع أصعب ما في المشهد بالنسبة له "الحالة كانت مروعة جداً .. الخوف.. صراخ الأطفال.. هلع زوجتي الشديد؛ كنت في كل لحظة أتخيل أنهم الآن سيلقون القبض علينا أو سيرموننا بالرصاص أثناء هروبنا" .

 

أحداث يصعب تخيلها..

يتابع أبو ماجد : بعد الفرار من المنزل لم نعلم ما الاتجاه الآمن الذي يمكن أن نسلكه، لا نعلم كيف بات انتشار إرهابيي داعش داخل الحي، لا نعرف أيضا في أي شارع يتواجدون ولا في أي مناطق ينتشرون وإن كان هناك هجوم من جهة أخرى.. لم يبقَ أمامنا سوى الاتكال على الله، قررنا الوجهة بعكس اتجاه النهر أي بالتوافق مع الاتجاه الذي قدموا منه، في هذه الأثناء كنا نسمع من بعيد أصوات بكاء وأصوات تطلب النجدة هناك من كان يحاول النجاة بنفسه لكنه لم يستطع، كانت أصوات إرهابي داعش تقترب أكثر فأكثر, لا أنكر في بعض اللحظات كدت أستسلم للموت, شعرت أنني لن استطيع الهروب مع زوجتي وأولادي أحسست أن الموت يلاحقنا من كل اتجاه، كنا نجري ونتلفت في كل الجهات، وكنت أفكر بأنه بنفس اللحظة التي أهرب فيها, يوجد هناك من وقع في قبضة التنظيم وسوف يموت بعد لحظات, إن كان ما زال حيّاً .

 

كانت أصوات الرصاص قوية جداً كنا قد سمعنا أصوات قذائف الحقد تسقط على الحي، أحسست أن حي البغيلية قد تحول فجأة إلى جحيم، لم أكف عن استجداء الله عز وجل أن يهدينا إلى الطريق السليم وكنت تطلعت الى السماء مناديا الله بالنجاة وعدم وقوعي وعائلتي بيد داعش.

 

من المجهد أن يستجمع الرجل قواه وهو يستذكر لحظة هلع كانت فيها ابنته ذات الثلاث سنوات بين يديه وهو محتار كيف ينقذها من موت شبه محتوم. "كادت تشل يميني من الخوف عليها" ويرتجف صوته وهو يقولها، أما اليسرى فحملت طفلا أكبر بثلاث سنوات أخرى، كانت لحظات الهرب بالنسبة له أشبه مجموع أعمار كل من عاش في البغيلية منذ الأزل، خاصة أن هناك طفلا لا بد أن يركض متمسكا بثياب أبويه، وهو ابنه البكر. أثناء الجري كدت أسقط على الأرض أكثر من مرة بسبب الضوء اذا ان الفجر لم يكن في طور البزوغ.

 

يصمت أبو ماجد مستذكرا صرخة أولاده التي جعلته يكمل الحكاية وقد أرهقه الكلام، فكيف بوقائع ما يرويه !؟ .

 

وهنا العبارة كما قالها.. "بسبب التعب الذي تمكن مني شعرت أن ولدي قد أحسا بي بأني وصلت إلى مرحلة كبيرة من التعب، صارا يتمسكا برأسي وبكتفي وبيدي أحسّا انني سأسقط، أيقنت أنها لحظة السقوط، وأن طفلي يناديانني أن اتمالك قواي وألا أسقط على الأرض، إنها قوة أمدني الله بها لأنقذ أطفالي. .

 

اللحظات الأخيرة من الخطر.. هل نجونا !!؟؟

يؤكد الناجي من الموت في البغيلية أنه بقي يسير بسرعة لأكثر من ثلاثة كيلومترات ونصف حتى أصبح على أطراف الحي. إلى حد ما هنا خفّت الأصوات بالنسبة له وبات بر الأمان قريبا عند بدء الخروج من دائرة الخطر والابتعاد عن الموت.

 

يتابع أبو ماجد "هنا لم أعد أستطع السير وشعرت بأن قواي انتهت تماما، توقفنا جلست لأقل من دقيقة لأستعيد أنفاسي ثم تابعنا السير وخرجت من حيّي والدموع تملأ عيني خوفا وحزنا تطلعت خلفي ودعوت الله أن يفرج عمن بقى داخل الحي لأن الموت كان بانتظارنا .

 

ومن ضمن ما شاهده الرجل أثناء خروجه من حي البغيلية عناصر من الدفاع الوطني والجيش يصلون إلى الأطراف في محاولة منهم لإسناد رفاقهم في الخطوط الأولى، لكن حقيقة حتى الذين قدموا للمساعدة لم يستطيعوا تغيير الوضع الميداني لأن عدد الإرهابيين الذين هاجموا الحي كان كبيرا وكانوا قد دخلوا وضربوا كل التحصينات الأمامية.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 170058

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>