Quantcast
Channel: tayyar.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

بالفيديو - انماط عن "المتصرفية" وواصا باشا.. رنّوا الفلوس على بلاط ضريحه وأنا الكفيل لكم بردّ حياته

$
0
0


ساندي شامي -
تلك التي تُسمّى ثورةَ التكنولوجيا لا تكتفي اليوم بالتعرف إليك ببصمة يدك كما مختارُ البلدة، بل ترتقي إلى بصمة العين، وقياسِ تفاصيل الوجه، وغيرِها من الأمور، لتكشف هويتك في أي مكان في هذا العالم.
أما في بداية عهد المتصرفية، فكانت الهوية للرجال فقط، الرجال بين سِنَّيِ العشرين والسبعين دون سواهم، مسجلين في لوائح الويركو العثمانية لأنهم منتجون وتُفرَض عليهم ضريبة الأعناق على عكس النساء وذوي الاحتياجات الخاصة. وبما أن الصور لم تكن متوافرة بعد، جاء التعريف الشخصي ببضع خربشات على ورق...
وصفتك نعتك يا لبناني!!!
- الياس أبو الياس، أسمر، شايب أعمى مواليد 1880
- ولده يوسف مربوع، شنب أشقر، 1830
- ولده داوُد، شرحه
- أنطوان ميلان، مربوع، أسمر، شنب أسود، أفكح، 1840
- لحود ضاهر، مربوع، أسمر، شايب، مفرطح، 1880
فهل كانت تحق الحلاقة لأبي الشنب أم عليه استشارة الدولة العلية لتعدّل في صفاته على بطاقة التعريف لديها؟
أما وبعد الولادة، فيأتي سجل الوفيات: "المير يوسف أصله من بسكنتا وكان يعلم الأولاد في قريتنا. توفي في 21 تشرين الأول 1932 بمرض في الدماغ. أعطي سرّ الحل والمسحة الأخيرة بعد الجهد من الحصول منه على كلمة نادم لأنه لم يكن يعي على شيء".
فما تراه السر وراء ذكر تاريخ الوفاة كاملًا، فيما يكتفون عند الولادة بتسجيل السنة وحسب، فلا يتمكن المرء يومًا من إطفاء شمعة عيده.
في الطوائف وتسمياتها حدّث ولا حرج، إذ كان يشار إلى الأورثوذكسي بالروم، وإلى الشيعي بالمتوالي، وإلى السني بالمسلم. صدّقوا!
ومن باب التعصب فإن من اشترى عقارًا في المنطقة وهو من غير أهلها، يسجل على الفور أن العقار ذهب للغرباء.
ألمّ الأجداد بالزراعة، وكانت فلاحة الأرض الأولى أغلى ثمنًا من الثانية أو من التتناية كما كانت تُسمى، إضافةً إلى زراعة العنب لصناعة النبيذ الذي كان المهاجرون إلى الغرب يطالبون بإرساله إليهم كالرسالة الواردة من نيويورك عام 1905:
"سيدي أؤمل من حضرتكم أن ترسلوا لي برميل "مبيد" ويكونوا من الجنس الطيب ويكونوا مرّين لأن الحكيم واصف لي شرب المبيد، والمبيد هنا ما هو جيّد لأنه جميعه سكّر لا ينفع أبدًا".
ومن المهاجرين إلى الأميركيتين من وصلوا إلى مرسيليا ووقعوا ضحية السماسرة فأخذوا أموالهم وعرَّوهم من ثيابهم وأوهموهم بأنهم وصلوا إلى "الأرض الجديدة" بينما لم يتجاوزوا مضيق جبل طارق فيعودون إلى بلدهم فارغين. أما من وصل منهم إلى أميركا، فكان يحنّ إلى الأهل والوطن كإحدى الرسائل من العام 1899: "من يمّ المكاتيب دايمًا كل شهر أرسل لكم مكتوب منهم مسوكرين ومنهم من دون تسوكر... اخي وقرّة عيني، ما زال الله إلهًا، ما أنساكم وما أنسى الحليب والمربا وبالأكثر أسيادي وتاج راصي... لا تكسروا بخاطرهم بشيء ولا تخلوهم يتبهدلوا بشيء..." ومن المراسيل ما كُتب بالسريانية إظهارًا لتعلق الأهلين حتى القرن الماضي بالدين، وأخرى تحمل تشديدًا من المهاجرين على ضرورة تعلم أولاد العائلة في لبنان اللغة الإنكليزية، ومكاتيب يطلبون فيها من لبنان كتبًا بينها كتاب حرف العربية الذي فيه الأفعال الماضية والمستقبل، وصبغة شعر.
ومن منهم لا يرسل المال إلى أهله تُسجّل فعلته في سجلّ البلدة.
أما في الأسعار والمبيع، فامتلكوا جدولًا بقيمة صرف العملات ص 114، بينما تحدد لائحةٌ واحدة أسعار بعض المواد الغذائية والسلع في مطلع القرن العشرين، وأرخصها بكرة الحليب. طربوش بشرّابة 13 قرش و35 باره، بوط 37 قرش، فانيلا Fanella قرشان، جوز كلسات 4، ثمن عنزة، 250 قرش. وكما الميكانيك اليوم، كانت الرسوم تفرض على البغال والحمير بما أنها تُسخّر لنقل البضائع.
وبالحديث عن المال، نذكر أن المتصرف واصا باشا استحق بيتي شعر من الشاعر تامر الملاط بعد وفاته لكثرة ما عشق الأموال، بخلاف ما عرف عن المتصرف الأول داود باشا الذي اشتُهر بالعدل والنزاهة:
قالوا مات واصا وواروه الثرى فأجبتهم وأنا العليمُ بذاته
رنّوا الفلوس على بلاط ضريحه وأنا الكفيل لكم بردّ حياته
وبعد، أضاءوا الطرق بواسطة قناديل اللوكس، بينما كانت بتدّين تبعد سبع ساعات عن بيروت بالعربة، ووقعت في دوائر قضاء المتن الحكومية ما يُسمّى قومندانية الجندرمة، والبريد والبرق. وعمدوا إلى تعليم الأولاد من مختلف الأعمار والقدرات الذهنية في صف واحد، وكان الذي يتمكن من الاستيعاب يؤهل لإكمال تحصيله العلمي، أما الباقون فلا حولَ ولا قوة.
ومن القصص الطريفة عاش في بحنّس الحلاق جرجي أبو الزير الذي أصيب في آخر أيامه برجفة في اليدين جعلته يقطع بمقصه آذان بعض الزبائن وعلى الرغم من ذلك لم يستغنِ سكان البلدة عن خدماته لأنه كان مقطوعًا من شجرة.
ومع إنشاء مصح بحنس للمصابين بالسل وإصلاحية الأحداث، امتعض السكان فخَشُوا، من جهة، انتقال العدوى إليهم بعدما كان المرضى يُتركون للتجول في الطرق والبصق في وجوههم، وتعرضوا للنهب من الأحداث من جهة أخرى إذ كانوا يُطلقون لشراء السكاكر ممارسين هواية النشل عن بو جنب. أما سيمون عازار فاستقدم إلى بحنس في مطلع القرن العشرين الدب "زيكو" وكان أهل القرية والجوار يتوافدون لرؤيته إلى أن أفلت من مربطه وراح يتفتل في البلدة ويهاجم سكانها فاضطروا إلى القضاء عليه وبقيت ذكراه مؤبدة يسمونه إلى اليوم: دب بحنس.
كل ذلك اختفى. ونحن، أبناءَ العصرية اليوم، ما تراها ستخبر الأجيال المقبلة عن بساطتنا؟

 

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 170039

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>