لم تقتصر تداعيات إعلان المملكة العربية السعودية قطع علاقاتها الديبلوماسية مع ايران على الملفات الاقليمية الشائكة، التي زاد هذا الاعلان من تعقيدها، بل لفحت الساحة الداخلية اللبنانية برياح تشاؤمية، أطاحت موجة التفاؤل بقرب انجاز الاستحقاق الرئاسي التي سادت البلاد لما يقارب الشهر. فعلى وقع المواجهة الكلامية العالية النبرة بين "المستقبل" و"حزب الله"، كثر الحديث عن أن الرئاسة دخلت مرة جديدة ثلاجة الانتظار حتى تبلور الصورة الاقليمية، ما يدفع إلى تركيز الجهود على تفعيل العمل الحكومي. كيف يقرأ "التيار الوطني الحر" الوضع الداخلي في ظل الأحداث المتسارعة؟ وكيف يستشرف مصير الانتخابات الرئاسية والحكومة؟
في معرض اجابته عن هذه الأسئلة، نبّه عضو تكتل التغيير والاصلاح الوزير السابق غابي ليون عبر "المركزية" إلى أن "الموضوع الرئاسي اللبناني شأن داخلي يجب عدم ربطه بالأمور الخارجية، وهذا ما كنا نقوله منذ زمن. ففي المبدأ، لماذا ربط الرئاسة اللبنانية، التي من المفترض أن تكون ترجمة للإرادة الشعبية اللبنانية، كما تفترض الديموقراطية، بعلاقات بين الدول الاقليمية في ما بينها؟ فهذا الربط الموجود تاريخيا هو سبب أزماتنا. لذلك، يجب أن نبت ملفاتنا الداخلية انطلاقا من إرادة شعبنا".
وفي ما يتعلق بما يحكى عن نعي المبادرة الرئاسية، أشار ليون إلى أننا "لم نكن نرى مبادرة متبلورة أساسا لننعيها اليوم. والفشل في التوصل إلى حل يظهر أنه لم تكن هناك مبادرات مكتملة العناصر، علما أنهم يستطيعون انتخاب الرئيس غدا، شرط أن ينطلقوا من الارادة الشعبية. لذلك أدعو إلى النظر إلى الداخل، لا إلى الخارج".
وعن تفعيل العمل الحكومي في مرحلة الانتظار الرئاسية، أكد أن "الحكومة هي التي عطلت عملها. ذلك أننا نعمل في الحكومة بين خطين: الأول أننا لا نستطيع أن نعتبر أن الأمور تسير بشكل طبيعي كما لو كان رئيس الجمهورية موجودا، فهناك شروط لعمل الحكومة في غياب الرئيس، وقد تم التوافق عليها، وأبرزها التوافق التام بين كل المكونات لتحل محل رئيس الجمهورية الذي يوقع على المراسيم".
الخط الثاني هو أن على الحكومة، التي ستعمل ضمن هذه الشروط أن تلعب دورها، لا أن يختزل وزير هذا الدور، كما حصل في موضوع القيادات الأمنية. وأنا أدعو الحكومة إلى وضع يدها على هذا الملف، فنحن نعيش اليوم وضعا غير سليم، وندعو إلى تفعيل العمل الحكومي من خلال تصحيح الخلل.
وتعليقا على الكلام عن مساع جديدة للم شمل الأقطاب الأربعة مجددا تحت قبة بكركي، لفت إلى أن "البطريرك الراعي يتحدث عن توافقات خارجية، ونحن نتمنى عليه أن ينظر إلى الداخل ولا يحدثنا عن توافقات خارجية على الرئاسة. فالداخل يجسد الارادة الشعبية. ولتقف القيادة الروحية في بكركي مع القيادة الزمنية المعروف مكانها"، مشددا على أن "لا قطيعة مع بكركي التي نكنّ لدورها كل الاحترام والتقدير، غير أننا لا نرى أنها تلعبه كما يجب. ذلك أنه لا يكفي تحميل مسؤوليات في غير مكانها في ما يتعلق بشغور سدة الرئاسة".
وعن احتمال تبني الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون إلى الرئاسة، ذكّر ليون أننا "لا نستطيع أن نفرض على القوات شيئا. نتنظر تبني الدكتور جعجع ترشيح العماد عون لأنه أمر طبيعي، فتأييد صاحب أكبر كتلة مسيحية لمنصب رئاسة الجمهورية، من أي طرف أتى، أمر طبيعي نرحب به".