Quantcast
Viewing all articles
Browse latest Browse all 174930

لبنان بانتظار رئيس.. "صُنِعَ في السماء"! (أمين أبوراشد)

Image may be NSFW.
Clik here to view.


أمين أبوراشد -

عاش اللبنانيون الأسبوع الماضي أجواء روحانية السماء، وكان جميلاً تفاعلهم على المستوى الشعبي مع مصادفة عيدي المولد النبوي الشريف والميلاد المجيد، وتناغمت تغريدات المعايدات صادقة بين المواطنين على مواقع التواصل الإجتماعي، لكن أن تصِل تمنيات السياسيين ورجال الدين، بأن تكون هذه المصادفة "فاتحة خير" على لبنان لإنتخاب رئيس، فإن الأعياد الدينية في سنواتٍ خَلَت قد تصادفت، لكنها للأسف لم تحلّ في قلوب السياسيين خيراً وبركة، لأن السياسة مسلكية وأداء وإرادة، وليست صلوات مشتركة ومجاملات إجتماعية عبر وسائل الإعلام، فلا مولد النبي الأكرم ولا ميلاد السيد المسيح، يستولدان رئيساً "صُنعِ في السماء"، بحيث باتت السماء ضمن معادلة السين- سين للسعودية وسوريا، أو سواها من المعادلات الأرضية الدنيوية التي فشِلت لغاية الآن في الأخذ بيد لبنان الى الإستحقاقات.

إستمطار الرئيس من السماء، خاصة في العظات المتتالية للبطريرك الراعي، مسألة، وإن كانت من منطلقات إيمانية، قاربت حدود اليأس والإستسلام، فلا بكركي قادرة على جمع الأقطاب الموارنة الأربعة، ولا جدوى أصلاً من الإجتماع بعد أن انزلق الرئيس الحريري في التجربة بترشيح فرنجية، وعندما وردَ الجواب من الرابية والضاحية، بات على جماعة "المستقبل" على انقساماتهم العامودية، أن يتحملوا مسؤولية نكران تبنِّي ترشيح فرنجية، لأن المسألة لم تتعدَّ محاولة حريرية لتحريك المياه الراكدة وفق التصريح غير الموفَّق للنائب عمار حوري.

ولو سلَّمنا جدلاً بأن محاولة الحريري التي لم ترقَ لمستوى المبادرة قد حرَّكت المياه الراكدة، فهي قد زادت هذه المياه تعكيراً، سواء على مستوى الإنقسامات بين الفريق الواحد، أو الطلاق حتى إشعار آخر بين 8 و14 آذار، وهذه "المبادرة" الحريرية إذا كانت قد نجحت في تحريك الجمود المحيط بحالة الشغور الرئاسي منذ ما يقرب من ثمانية عشر شهراُ، أثبتت نتائجها أن على لبنان الإنتظار ثمانية عشر شهراً أخرى وربما أقل أو أكثر لأن الأمر مرتبطٌ بتصاعد دخان أبيض من قصر المهاجرين بدمشق.

رغم الشرخ الذي أحدثته مسألة ترشيح النائب فرنجية بين التيار الوطني الحر والمردة، فإن الفالق الذي حصل في أرضية 14 آذار يبدو عميقاً، ليس لأن جمهور هذا الفريق قد انحسر عن الساحات وانحصر ضمن قاعات سواء في البيال أو مسجد محمد الأمين، بل لأن تلاقي أقطاب 14 آذار بات متفاوتاً بين صفّ أول وثاني وثالث، والطروحات هي هي، وإذا كان الرئيس السنيورة في كلمته بذكرى السنتين على استشهاد المرحوم محمد شطح، قد "شَطَحَ" كعادته في علك معزوفة "العبور الى الدولة" واستحضار مخزون الإنطلاقة الأولى عام 2005، فإن كل الظروف التي ساعدت فريقه، سواء عبر التباكي على الشهداء أو الرقص على الأضرحة قد انتفت، لا بل وانتهت معها 14 آذار، وبكل ثقة نؤكد أن 14 آذار قد انتهت، لأنها لم تكن يوماً ولن تكون أكثر من حلف إنتخابي، خاصة أننا بلغنا زمن الإنتخابات الممنوعة والساحات الممزَّقة من عكار الى طرابلس والبترون وبيروت وصيدا والبقاع.

وعلى الرئيس الحريري أن يُدرِك، أنه بشروط أملاها على فرنجية أو بدون شروط، فإن عودته الى السراي ممنوعة سورياً، وغير مرغوب بها لبنانياً، وحليفه النائب جنبلاط لم يعُد ذلك الثقل الدرزي لا في سوريا ولا في لبنان، والرئيس بري يستطيع المسايرة لكن ليس بإمكانه تخطِّي حسابات الضاحية، والضاحية سوف تُحاسب كل من طعن بالمقاومة منذ العام 2000 وحتى دخولها الى سوريا، وهي التي تُملِي الشروط على "المهزومين" في سوريا والإقليم، وتطورات الوضع السوري هي التي تحدد موعد انتخاب الرئيس اللبناني مهما كتبنا قصائد شعرٍ في الوطنيات والنأي بالنفس والسيادة اللبنانية التي أفرغها المراهنون من مضمونها، وليس هناك ما يُلزم لبنان بانتخاب رئيس وسطي لتصريف الأعمال في الزمن الصعب، سوى مؤشرات إنهيار إقتصادي تُلزِم الجميع بانتخاب جان عبيد أو أي "جان" آخر، حتى ولو كان "حنا السكران"...

فشل مبادرة الحريري الموؤودة، ارتدَّت فشلاً في الإخراج للخروج منها، الى حدّ اختلاف الواقفين على الخشبة في ابتداع السيناريو، ولن تكون هناك مبادرات أخرى من الداخل، لأن كل الحراكات اللبنانية محصورة ضمن التمني والتضرُّع والصلاة على طريقة البطريرك الراعي، و"الحراكات" في الداخل السوري خلال الأيامن الماضية، تبدو وكأنها وحدها ترسم طريق بعبدا، بدءاً من تداعيات اغتيال الشهيد سمير القنطار، ثم اغتيال زهران علوش، والعملية الكبرى لإخراج داعش من مخيم اليرموك ومحيطه، وصولاً الى إخراج الإرهابيين من الزبداني و"تمريرهم" عبر مطار بيروت الى تركيا وانتقال العائلات الشيعية من ريف إدلب الى لبنان.

وبانتظار الدخان الأبيض السوري، ليس على الساسة اللبنانيين سوى إقامة الصلاة المشتركة مع البطريرك الراعي، لإستسقاء المطر في زمن الشحّ، واستمطار رئيس في زمن الرئيس "الحُلم"، واللبنانيون ليسوا على عجلة من أمرهم، لأنهم اعتادوا غياب الرئيس وغياب الدولة حتى في الملفات الحياتية البديهية، والبلد قد اختلطت فيه أوراق التحالفات، ومؤتمر تأسيسي شبيه بالدوحة لا أحد مهيأً له الآن، والسماء لم يسبق لها أن أمطرت رؤساء...

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 174930

Trending Articles