غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الكلي الطوبى، بكل إحترام وغيرة وعصبية مسيحية ومارونية استثنائية، وبعد نيل بركتكم ، اسمحوا لنا أن نقرأ معكم في لازمة رسائلكم وعظاتكم وتصريحاتكم ...
غبطة أبينا البطريرك، نحن نخشع أمام موقعكم ودوركم على رأس بطريركية إنطاكية وسائر المشرق للموارنة، هذه البطريركية التي تخطت شهرتها حدود الوطن لتعم العالم باسره، وقد أعطت كباراً من ملافنة الكنيسة، بطاركة شهداء من أجل إستقلال وسيادة أرضهم وكرامة شعبهم، فتقدسوا بالايمان وبروح الكلمة التي غيَّرت وجه البشرية وحررت الانسان من كل تبعية و عبودية، كما أعطت الانسانية عظماء للفكر، واللاهوت، والحكمة ، والوطنية، فاصبحت بحق علامة لا تشبه غيرها، لاسيما في المحن والملمات وما أكثرها، وصِمَامَ أمانٍ للبنان والمشرق .
غبطتكم تفتخرون، ونفتخر معكم بدور الموارنة وبتاريخهم العظيم الذي حضَّر العالم وأغناه . وقد شرَّفنا إرثُ بطريركية، وسيرةُ بطاركة، إستحقوا مجدَ لبنان!
بطاركة شهداء أمثال جبرائيل حجولا ( 1357- 1367)، الذي تزعم المقاومة في وجه المماليك، واستشهد حرقاً على أبواب طرابلس، وبطاركة أقوياء ناضلوا من أجل حكم ذاتي، و ضد الظلم أمثال البطريرك بولس مسعد ( 1806 – 1890 ) حتى قيل أنه اذا ضرب عصاه فوق أرض بكركي إهتزت اسطنبول، وآخرون دافعوا عن الحرية والسيادة والاستقلال، أمثال البطريرك الياس الحويك ( 1843 – 1931 ) حيث فشل جمال باشا السفاح في نفيه، وقد تمكن غبطته بنضاله ونضال اللبنانيين ، من تثبيت لبنان الكبير... وغيرهم الكثير. !
نيافة الكاردينال ، بطاركتنا دافعوا كما تدافعون عن حقوق الموارنة و سائر المشرق، فكانوا مدرسة في النضال من أجل السيادة، و الكرامة الوطنية، ولكن ضمن ثوابت ومقدسات.
حقوق الموارنة، مساوية لحقوق سائر مكونات الوطن، و نحن لن نقبل بأقل من ذلك. فما هو مسموح للسنة، أوالشيعة، والدروز، وغيرهم من الطوائف يجب أن يكون مسموحاً للمسيحيين، وماهو محرَّمٌ عليهم يجب أن يحرَّم على الآخرين، ما دام نظامنا نظامَ طوائفَ ومذاهبَ...
غبطة أبينا الكاردينال، نحن معكم لانتخاب رئيس للجمهورية ،الآن الآن وليس غداً، ونقدِّر عالياً غيرتكم واندفاعكم المستدام للمطالبة بإنتخاب هذا الرئيس الموعود. نحن معكم - الجسم لا يحيا بلا رأس - ولكن ليس كيفما كان، أو بأي ثمن، أو بأي رأس، فالرأس الضعيف، أو المريض لا يشكل ضمانة لسلامة الجسم ، والتجارب ، لا تبشِّرُ بالخير، ولا تبعث على الاطمئنان !
الرأس ليس للديكور، أو لأجْلِ اكتمال صورة المراسم وحسب، بل لاجل قيادة حكيمة ، قوية، قادرة ؛ واللبنانيون يستحقون رئيساً هذه مواصفاته، يخرجهم من رمال مآسيهم المتحركة، ويعبرُ بهم ومعهم الى رحاب دولة الحداثة، والحق، والرعاية، للجميع.
نحن لا نريد رئيساً كيفما كان، وبالاكثر لا نريده اذا لم يكن صناعة لبنانية بامتياز؛ نيافة الكاردينال أنتم ديمقراطيون ولا نخالكم غير ذلك، فلماذا لا تحتكمون الى شعبكم تستفتونه ماذا يريد، إسوة بسائر الديمقراطيات في العالم؟
نيافة الكاردينال، نحن من المتابعين باهتمام كبير لكل ما تقولون في رسائلكم وعظاتكم، وآخرها ما أعلنتم في عظة قداس ميلاد المخلِّصِ الذي تجسد ليرفعنا الى فوق ويحررنا من كل تبعية وعبودية.
سمعناكم بكل عناية لكننا، لم نصدِّق ما سمعناه ! بطريرك انطاكية وسائر المشرق، يدعو الجميع وباصرار والحاح الى تلقف "مبادرة الخارج" ، لانتخاب رئيس للجمهورية !؟ اعتراضنا على " مبادرة الخارج " وأي خارج؟! ذاك الذي نحرَ لبنان وعلَّقه على خشبة العار منذ اتفاق القاهرة 1969 ، مروراً بحرب 1975، وصولا الى لعنة الطائف 1989، هذا ما لا يمكن فهمه يا صاحب الغبطة، وما لا نراه مطابقاً لمواصفات السيادة والحرية والاستقلال.
صاحب الغبطة والنيافة، بكل إحترام وتقدير، قوافل الشهداء من اكليروس وعلمانيين، تستحلفكم دماؤها الطاهرة، أن تشهروا عصاكم عصا الراعي الصالح،عصا البطريركية المارونية في وجه كل باطلٍ، كما كانت دائماً، و هكذا ستكون الى الابد !