أقامت بلدية كفرحونة في جزين، احتفالا في صالون كنيسة السيدة في البلدة، بمناسبة عيدي المولد النبوي الشريف والميلاد المجيد، حضره راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران إيلي حداد، نائب رئيس المكتب التفيذي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق، عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب زياد الأسود، رئيس اتحاد بلديات جبل الريحان زياد الحاج، قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الداخلي سمير شحادة ممثلا بالمقدم حسني عسيران، رؤساء بلديات، رئيس رابطة مخاتير منطقة جزين كميل عاصي، ومخاتير وفاعليات سياسية وحزبية، رجال دين وحشد من أبناء البلدة.
بعد النشيد الوطني، ألقى حداد كلمة قال فيها: "يسرني أن نتواجد معا يا أحبة، في هذا الصرح العريق بتاريخه، والجديد بحلته في بلدة كفرحونة الكريمة المتحابة والمتفاهمة. وأسر بوجود سماحة الشيخ نبيل قاووق المقاوم بامتياز، مع صحبه الكريم بيننا".
أضاف "اليوم الميلاد، لا بل الميلادان للسيد المسيح والمولد النبوي الشريف. يوم فيه نتأمل معا إرادة الله. لعل هذا التأمل، يعطينا حلولا لوطننا بل لأوطاننا ومنطقتنا".
وتابع "لبنان داؤه مثلث: لا رئاسة، وشبه شلل حكومي، ومجلس نيابي لا يتجدد. وبالرغم من ذلك أقول إن لبنان أقوى من الموت، ويستمر حتى لو توقفت ثلاثتيه. فلبنان يتحدانا، وكيانه العجيب أقوى من الجميع. لكن مسؤوليتنا أن نعيد اليه مؤسساته بعنوانين لا ثالث لهما: الحوار بالعقل، والتضحية بما لدينا من محبة في القلب".
وأردف "دعونا أولا، نفكر بإيجابية عن الآخر، فنلغي الأفكار المسبقة. الحرب تبدأ من الأفكار المسبقة. وهذه تولد العداء ثم الرغبة بالالغاء. اللبنانيون، كل اللبنانيين طيبون. ومن يرفض ذلك يقع في فخ العنف. يقول ونستون تشرشل: يا ليتني كنت قادرا أن ألغي العداوة، لما خضت كل حياتي الحروب تلو الحروب. ويقول غاندي: عملية اللاعنف تبدأ عندما أتغلب على الأفكار المسبقة. وقال البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته الى أهل بورندي المتقاتلين: إعلموا أن كل لحظة حوار تؤدي الى السلام، والسلام يرفع ليس فقط بلدكم الى مراتب عالية، بل العالم أجمع من خلالكم. القوة تكمن في من يستطيع صنع السلام لا الحرب. نعم الله قادر على صنع السلام، وغير قادر على صنع الحرب. وبالتالي من يركض الى الحرب يهرب منه السلام. كل هذه الأقوال نقولها لذواتنا ليلة الميلادين".
وقال: "من الأفكار المسبقة الشائعة خطأ لدينا، أن كتبنا السماوية تضم آيات تسمح لنا بالثأر والعنف والانتقام. أما الواقع فهو تفسيرنا المنحرف لبعض آيات القرآن والانجيل، فنقتل بإسم الدين، بينما في الواقع، لا يمكن لدين أن يعلم العنف والقتل. من الأفكار المسبقة، هو ما علمنا إياه أجدادنا، أن فئة من الناس هم أشرار. فنرث الفكر السلبي ولو بعد الف عام. كان أولئك القوم وأبناءهم وأحفادهم وفروعهم هم أشرار لأن أجدادهم أشرار. تطلعوا الى حروب اليوم، إنها وليدة أفكار مسبقة، وجدت في ظروف معينة، أصبحت اليوم فارغة من معانيها، لكنها تعودت الحرب مخرجا. وهنا يكثر العنف وتكم الأفواه، وتعطل الاذاعات والأقنية والاعلام وتتشوه الأخبار وتفسد القيم. من الأفكار المسبقة أيضا، أننا تعودنا أن نكون الفئة النخبة في الشعب. فطائفتي هي الأفضل، وعائلي هي مثالية، أما أنا فحدث ولا حرج، أصلي شاكرا اللهم أشكرك لأني لست كسائر الناس الفسقة الأشرار".
دعا "لمحاربة هذه الأفكار وأخرى تشبهها، أن نصلي مع القديس افرام السرياني قائلين: أيها الرب الهي لا تبلني بروح البطالة والفضول وحب الرئاسة والكلام البطال، فيكثر شري، بل أنعم علي بروح العفة والاتضاع والصبر والمحبة. نعم أيها الرب الملك، هب لي أن أرى زلاتي، ولا أدين أخي، ولا أقع في فخ الأفكار المسبقة، لئلا أقترف حربا. أعطني أن أكون فاعل سلام. نعم يا أحبة، هذه أنشودة الأديان كلها، وليست فقط لميلاد المسيح والمولد النبوي الشريف. فالأبطال الخالدون هم أبطال السلام، لا ابطال الحرب. هؤلاء ننساهم وأولئك ذكرهم يدوم".
وختم "من هنا، من أرض الجنوب المقاوم، نرسل الى ارض الميلاد وأرض القداسة تحية وننحني إجلالا. لن ننسى مشاكلنا الداخلية ومشاكل العرب والعروبة القضية الأساس قضية فلسطين. هناك العدوان الرئيسي في المقاومة. وكل قضية أخرى، إنما تنمو على حساب القضية الفلسطينية. وطموحنا سلامك وعهدك علينا أن نبقى أوفياء لتبقي بكرامتك يا قدس يا مدينة السلام"، شاكرا "إدارة هذا اللقاء الأخوي والوطني"، خاصا بلدية كفرحونة "رئيسا وأعضاء، وكل أهالي البلدة"، متمنيا للجميع "دوام العافية والقوى والبسالة لكن وخصوص السلام".
قاووق
ثم تحدث قاووق، فقال بعد الترحيب: "المحبة والسلام على كافة الانبياء والمرسلين. آمنا بالله وما أنزل علينا، وما أنزل على ابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى والنبيين من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم. وما أعيادنا المجيدة أعياد المحبة والأعياد الشريفة إشارة طيبة تضيء القلوب ومنها يشرق الأمل من جديد. ويحن الشوق أن تعم المحبة والرحمة على العالم. اليوم نجتمع لمناسبة كريمة، وليس جديدا على كفرحونة، أن تحيي المناسبات المجيدة والشريفة، ولكن هذا الحل قد ازداد تألقا وبهجة باجتماع أحباء المسيح والمصطفى محمد. إليكم أسمى آيات التهنئة والتبريك، وأسأل الله أن يجعل أعيادكم المباركة عامرة بالخير والمحبة والانتصار والاستقرار والعزة والرفعة والمنعة لوطننا العزيز لبنان".
أضاف "هنا في كنيسة المسيح، تجمعنا كلمة الله، وتقربنا محبة المسيح ورحمة نبي الرحمة. هنا، وفي هذه الساعة، تهتف القلوب الى الرجال الرجال، رجال المقاومة المرابطون في ميادين القتال، وهم يحييون الأعياد في معلولا والقلمون وربلا ويبرود. يطل علينا المبارك، والقلمون مجروحة، كل الذين يحتفلون بالأعياد المجيدة، في قلوبهم غصة، لماذا؟ لأن أحباء محمد والمسيح يتناهشهم القتل من كل حد وصوب. من مصر وفلسطين وسوريا والعراق، وفي كل مكان يتواجد فيه الارهاب الاسرائيلي والتكفيري".
وتابع "بالتوحش والتكفير والقتل والمجازر، مارسوا ويمارسون أبشع عدوان على الانسانية، أمواج من التكفير والقتل والأحقاد عبرت كل البلدان وكل الحدود، حتى وصلت الى أعماق اوروبا. انها العدوانية على الانسانية، وأبشع عدوان على دين الرحمة الاسلام. ديننا دين الرحمة، هو الدين الذي قال لا إكراه في الدين. وهنا في اجتماعنا على المحبة، وهنا من هذه الأرض، وهنا الأرض تشهد، وهنا شلال جزين يشهد، وتلال مجدليون تشهد، وينابيع وبساتين كفرحونة كلها تشهد، أن أبطال المقاومة لما دخلوا هذه المنطقة عام 2000، لم يحملوا في قلوبهم إلا المحبة والرحمة. الكل يشهد، وأنتم تشهدون أننا دخلنا بالسلام. لم نحرق بيوتا، ولم نقتل رجال وأطفالا، ولم نهدر دما، لماذا؟ لأن هؤلاء الرجال يحملون تعاليم المسيح والنبي محمد".
واردف "المسيح قال: ما من حب أعظم من أن يضحي الانسان بنفسه في سبيل أحبائه. واليوم جئنا الى أحبائنا لنتوجه الى السيد المسيح، ونقول له: ان ملائكة السماء تشهد، وميادين القتال تشهد من معلولا الى رملة، قمم الجبال في القلمون، في جرود عرسال ورأس بعلبك كلها تشهد، أن رجال الله في حزب الله، ضحوا بأنفسهم دفاعا عن اللبنانيين مسلمين ومسيحيين".
واعتبر أن "ما نشهده اليوم، عدوانا إجراميا شديدا تكفيريا، لطالما عانينا منه منذ مئات السنين، لكن اليوم، هذا الارهاب التكفيري في عز قوته وانتشاره، والسبب أن هناك دولة تمول وتدعم وتسلح، دولة ترعى عشرات آلاف المدارس التكفيرية على امتداد العالم، هذه الدولة هي السعودية، التي نعت زهران علوش الارهابي شهيدا، الذي هدد مقام السيدة زينب، وروع الزائرين والمصلين، وقصف دمشق وقصف الكنائس والمساجد والسفارات، واعتقل 300 إمرأة من عدرا وما زال يسجنهن في دوما".
وسأل "من الذي يمول ويدعم ويسلح ويريد أن يقدمهم معارضة معتدلة؟ من الذي يحاصر أهلنا في كفريبوع، يحاصرهم لا ماء ولا دواء ولا غذاء، إنه الأمير الوهابي الشيخ المحيسني، وهو سعودي، وهو أمير من أمراء أحرار الشام، هم الذين بايعوا أمير طالبان أي القاعدة؟".
واعتبر أن "داعش هي فرع من فروع القاعدة، كلهم تكفيريون مجرمون وقتلة وارهابيون وإن اختلفت الأسماء، فمصدر التمويل واحد. نحن في سوريا، من ميادين القتال وبالأدلة الملموسة وجدنا مخازن للتكفيريين مصدرها الجيش السعودي. لم يعد سرا، أن السعودية تقود تحالف الارهاب في المنطقة. ولم يعد سرا أن أرضنا في لبنان، لا تزال محتلة من العدو الاسرائيلي في الجنوب، في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ومن إرهاب تكفيري في جرود عرسال ورأس بعلبك"، لافتا إلى أن "استمرار احتلال النصرة وداعش في جرود رأس بعلبك وعرسال انتقاص لكل السيادة وكل الكرامة"، مستفهما "وكيف إذا كان لا يزال هناك عسكريون مخطوفون".
وإذ رأى ان "الأعياد تنزف لاستمرار اختطاف العسكريين، فذلك غصة في القلوب وجرح نازف"، سأل "هؤلاء الارهابيون، هل هم مجهولون؟ ألا يوجد لهم أسماء؟ ألا يوجد دول اقليمية وعربية تدعمهم وتمولهم؟ جرحى داعش من يداويهم من يعالجهم- تركيا؟ أما جرحى النصرة في جنوب سوريا فيتعالجون في اسرائيل، ويقوم بزيارتهم رئيس حكومة العدو نتنياهو".
وأكد أنه "لم يعد سرا، ان اسرائيل تدعم الارهاب التكفيري في سوريا. ولم يعد سرا أن السعودية تدعم وتمول في اليمن، كما في سوريا الارهاب التكفيري، والذي يهمنا أن الأرض في لبنان، ما زالت محتلة، والواجب الوطني يفرض على اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب والمناطق والقوى السياسية، أن يكونوا في موقف واحد لاستعادة الكرامة واستعادة الحرية لأرضنا والسيادة لكل التلال وجرود رأس بعلبك وعرسال".
ولفت إلى أن هذا الموقف "وطني وليس موقفا حزبيا فئويا، لكن استمرار الخطر التكفيري وأمام استمرار داعش، لإيجاد ممر من الرقة باتجاه ساحل لبنان، فإن لبنان لا يزال في ساحة الاستهداف التكفيري، ولبنان في وسط المعركة. وبالتالي نحن في موقع حماية وطننا وأهلنا، وهذه المسؤولية وطنية، وهذا واجب مقدس، ومن يكون في خندق حماية لبنان يستحق شرفا. ومن يصر على تجاهل الخطر التكفيري، فإنما يخسر شرفا، ويضع نفسه خارج المسؤوليات الوطنية التاريخية. لكن نحن في حزب الله، نعتبر أن أفضل الحلول لحماية لبنان، في أن نحمي لبنان خلف الحدود مع سوريا، حتى لا تكون المعركة داخل البلدات والقرى اللبنانية. عندما يفشل المشروع التكفيري في سوريا يكون لبنان أفضل أمنا، وأكثر استقرار. نعم في ميادين القتال في ساحات المواجهة والتضحية والشهادة أكدنا في حزب الله أن دماءنا وأرواحنا، سترخص دفاعا عن أهلنا، شعب لبنان العظيم أحباء محمد والمصطفى وأهل بيته".
وختم "فخرا للبنانيين أنهم انتصروا على العدو الاسرائيلي، وينتصرون اليوم على العدو التكفيري، وإنها أيام نصنع فيها مجدا جديدا. هذا المجد وهذه الكرامة وهذه المواقف والتضحيات، نعم إنها تفرح اللبنانيين وقلب المصطفى محمد والمسيح".
عيسى
وألقى رئيس بلدية كفرحونة سامي عيسى، كلمة باسمه وباسم زملائه في مجلس بلدية كفرحونة، استهلها بالقول: "يشرفني أن أرحب بكم في هذا اللقاء الروحي والعائلي، ومن أولى من كفرحونة في احتضان مثل هذه اللقاءات. وهي ما هي في ما تمثله من التآخي والعيش والواحد والمصير المشترك والرؤية الموحدة، ومن أولى من أمنا السيدة مريم العذراء المكرمة والمقدسة في كتبنا المقدسة".
أضاف "أيها الحضور الكرام: يشرفنا أننا استضفنا في بلدتنا علمين من أعلام الدين والدنيا والاجتماع والفكر والسياسة: سماحة الشيخ نبيل قاووق وسيادة المطران ايلي حداد، بمناسبة مقدسة شاء الله أن تكون هذه السنة جامعة، بين عيد المولد النبوي الشريف وميلاد السيد المسيح المبارك. كلنا إيمان أن الله خلقنا سوية على هذه الأرض الطيبة، لتكون رسالة وعنوانا ومثالا يحتذى به"، سائلا "هل تعلمون أن هذه الكنيسة ببنائها القديم، بنيت على أكتاف أجدادنا المسيحيين والمسلمين معا؟ هل تعلمون أن "العونة" كانت الوسيلة لبناء معظم بيوت كفرحونة قديما؟ هل تعلمون أن أهل كفرحونة يتقاسمون أفراحهم وأحزانهم ومناسباتهم الدينية والاجتماعية معا؟.
وقال: "بتذكر كان المرحوم الوالد يوعينا على وقت الآذان تا نبلش بالشغل. ووقت نروح نلعب كان يقلنا بترجعوا قبل الآذان. هذه هي كفرحونة الأصيلة، التي نرجو أن تبقى كما هي بتعاضد أبنائها وتعاونهم في السراء والضراء، هذه كفرحونة التي نتمنى أن يكون لبنان كله على مثالها".
وختم "أيها السادة، شكرا لحضوركم، ونتمنى لكم أعيادا مباركة وسنة جديدة ملؤها الخير والبركة، ولوطننا الحبيب كل السلام والطمأنينة والازدهار".
وفي الختام، أقيم حفل كوكتيل لهذه المناسبة.
↧
قاووق من كنيسة كفرحونة: السعودية تمول وتسلح الإرهاب وترعى المدارس التكفيرية على امتداد العالم
↧