حبيب البستاني -
من حق الوزير سليمان بك فرنجية أن يعلن ترشيحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية من منبر مرسيل غانم وكلام الناس، وذلك مثله مثل أي ماروني آخر يريد تبؤ المركز الأول، سيما وأنه من الأربعة الأقوياء في الطائفة المارونية، ومن حقه أيضا أن ينتهج الخط الذي يريد والمحور الذي يريد، وهو لم يخرج أصلا من أي محور لكي يعود إليه، فهو ينتمي سياسيا إلى الحلف المقدس المؤلف من الرئيس سعد الحريري ودولة الأستاذ نبيه بري، ومعالي الوزير وليد بك جنبلاط، هذه التركيبة التي حكمت لبنان منذ الزمن السوري إلى يومنا هذا، وما يجمع سليمان بك بهذا التحالف هو أكبر بكثير مما يجمعه بأي تحالف آخر، لهذا فالكيمياء موجودة بالأصل بين مكوناته وهي وإن كانت قد ضعفت فإنها لم تنتهي، ولم تكن بحاجة لمن يشجعها كي تعود وتنتعش. ولكن المضحك المبكي أن يبدأ معاليه حلقة ترشحه التلفزيونية، بالعتب على العماد عون وغامزا من قناة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ليعطي الإنطباع إلى المشاهد أنه قد سلف دولة الرئيس عون تأييدا للرئاسة، ولكنه أضاف شيئا لهذا التأييد لم يكن موجودا في الأساس، أي أن تأييده الجنرال له مدة صلاحية معينة، مثله مثل أية سلعة غذائية، وبالإذن من الوزير بوفاعور " مطابقة للمواصفات "، وإنه بالتالي أي الوزير فرنجية لا يمكنه السير في هذا التأييد إلى النهاية، فحظوظ العماد بالنسبة إليه باتت معدومة، هذا وقد شرح معاليه أن لقائه بالعماد عون كان بدون جدوى، فالجنرال مصر على ترشيحه رافضا أية خطة بديلة أي بلان ب.
فهو كان ينتظر من الجنرال أن يتنازل لصالحه، وقد عزا ذلك إلى البرودة في العلاقة منذ أكثر من سنتين، وقد أبدى استيائه من كون الوزير باسيل لم يستقبله فور وصوله إلى منزله. كل ذلك كان بالشكل طبعا ولكن في المضمون فإن أسباب الجفاء الحاصل بين التيار والوزير فرنجية هي عديدة، وربما تعود إلى فترة التمديد للمجلس النيابي حيث أيد معاليه التمديد مخالفا رأي العماد عون وتكتل التغيير والإصلاح، كذلك أيد معاليه التمديد لقائد الجيش جان قهوجي مخالفا أيضا موقف التكتل، أما بالنسبة للتحركات الشعبية، فلم تشارك المردة فيها طارة بحجة عدم التنسيق، وطورا لاعتقاد معاليه بعدم جدواها، فمعاليه لم يكن من المتحمسين لقانون انتخابات يخالف قانون الستين الذي كان وبخلاف التيار من مؤيديه.
كل ذلك جعل من الوزير فرنجية أقرب إلى مواقف الرئيسين بري والحريري ووليد بك منها إلى موقف العماد عون، فبعد كل هذا التباين في المواقف السياسية هل ينتظر الوزير فرنجية لقاء حبيا مع كل من العماد عون ورئيس التيار؟ نعم لقد أيد فرنجية ترشيح العماد عون للرئاسة ولكن ذلك يعود إلى كون العماد هو المرشح الوحيد لقوى الثامن من آذار، لقد بات واضحا أن تأييد الحريري ومن معه للوزير فرنجية هو تأييد لشخص وليس تأييد لنهج، وبالتالي فإن هذه التسوية ليست تسوية بين نهجين أو خطين، فجميع من فيها متوافقون على كل شيء ولا لزوم لا للبحث بصلاحيات الرئيس وتطبيق الطائف أو تعديله، وحتى لا حاجة لوضع قانون جديد للإنتخابات، وربما لا حاجة لإجرائها بالمطلق وذلك بإسم الحفاظ على التوازن.
هذا ويعتقد أكثر من محلل أن محاولة الإتيان بالوزير فرنجية إلى رئاسة الجمهورية تعني محاولة جديدة لعزل العماد عون، وذلك بعلم أو عدم علم معاليه، وهي تهدف إلى إقفال الطريق على كل المساعي الجدية لمحاربة الفساد والقيام بعمليتي الإصلاح والتغيير، صحيح أن هم المواطن هو الحصول على الماء والكهرباء ولكنه غاب عن بال معاليه ن البنى التحتية من ماء وكهرباء وطرقات وشبكات صرف صحي، هي من إرث الحريرية السياسية التي يعمل التيار جاهدا لإصلاحها، وذلك بالرغم من العراقيل المشبوهة التي تمارس على وزرائه. وتعتقد القاعدة العريضة من أعضاء التيار الوطني الحر والمؤيدين، ان العماد عون سيستمر في ترشيحه وذلك بغية تحقيق كل الأهداف التي قام عليها التيار والتي ناضل من أجلها، وأن الجنرال هو أكثر من أي وقت مضى المرشح الأول لرئاسة الجمهورية، وكلما اشتدت الهجمة على العماد عون والتيار، فهي الدليل أن التيار قوي والعماد هو الأقوى.
*كاتب لبناني
habibboustany@hotmail.com