نظّمت كلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية والمعهد العالي للعلوم السياسية والإدارية في جامعة الروح القدس- الكسليك محاضرة ألقاها الخبير في الشؤون الدولية والإستراتيجية والأستاذ في المدرسة الوطنية للإدارة وفي معهد العلوم السياسية بيار كونيسا حول كتابه “La Fabrication de l’ennemi” أي صُنْع العدو، في حضور عميد كلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية الدكتور بول زغيب وأعضاء مجلس الجامعة والاساتذة والطلاب.
أبي شديد
بدايةً، كانت كلمة تقديم لأمينة السر الأكاديمية للمعهد العالي للعلوم السياسية والإدارية الدكتورة دارينا صليبا أبي شديد اعتبرت فيها أنّ "هذه المحاضرة هي رمزٌ قائم بذاته، بما أننا نعيش اليوم في عصر العدو الإعلامي الذي أعلن عن حرب شاملة ضد الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل". وأشارت إلى أنّ "بيار كونيسا، الموجود بيننا اليوم، بفضل مؤسسة جبران تويني، يشرح في كتابه “La Fabrication de l’ennemi” عن أهمية الأعداء "لصهر أمة ما، وتعزيز قوّتها واشغال قطاعها الصناعي العسكري". كما قدّمت لمحة عن مسيرة كونيسا الأكاديمية والمهنية وأبرز مؤلفاته.
كونيسا
ثم ألقى كونيسا محاضرة عن كتابه “La Fabrication de l’ennemi” أي صنع العدو، لافتاً إلى "أنّ الديمقراطية لا تدعو إلى السلام بطبيعتها، ولا الدكتاتورية تحرّض على الحرب بطبيعتها. والحرب هي اللحظة الاستثنائية التي يكون فيها القتل أمراً إلزامياً، ومن يعارض يُقتل على الفور. فالأفضل أن يتم إقناعك! والحرب التي تقودها الديمقراطية يجب أن يقبلها الرأي العام، بمعنى آخر، يجب أن تكون "ديمقراطية".
وتساءل: "هل وجود العدو ضرورة؟"، متطرقاً إلى مسألة الجهاز الفكري العسكري (المخابرات، والمنظمات العامة المسؤولة عن القضايا الإستراتيجية والـ Think Tanks)، بحيث اعتبره المسؤول عن تحديد المخاطر والتهديدات والأعداء وعن تشكيل جهاز عسكري. وأضاف: "صانعو القرار في الحرب ليسوا المثقفين، وصحيح أنّ الإعلام ليس الجهة الشفافة لكنّه يبقى الأكثر قراءة واستماعاً ومشاهدة".
بعد ذلك، تحدّث عن أقسام كتابه الثلاثة. ففي القسم الأول يعتبر أنّ "صنع العدو هو عملية اجتماعية تعترف بأنّ الآخر هو الشرّ بحيث يكون طاغياً، ومهدداً، ووحشياً ولا إنسانيًا على أن تكون الحرب عنفاً مشروعاً ضد أي تهديد". أما القسم الثاني فهو "تصنيف العدو، إذ هناك العدو القريب أي عدو الحدود، والخصم العالمي، العدو الحميم أي الحرب الأهلية، العدو الهمجي والعدو الخفي وهو ناجم عن نظرية المؤامرة، حروب الإيديولوجيات التوتاليتارية الدينية أو العلمانية حيث يظهر المحتل كوحش لغته الوحيدة هي القوة، الأحادية وحرب المفاهيمية، والعدو الإعلامي". ويتناول القسم الثالث والأخير "تفكيك العدو كفعل سياسي" . وقد أعطى كونيسا أمثلة عن ذلك، مؤكداً على "إمكانية بناء ذاكرة مشتركة وإنهاء الحرب، ولكن هذا معقّد ويحتاج إلى سياسيين رجال دولة".
ثم جرى نقاش، تلاه كلمة للمسؤولة عن النشاطات في الكلية الأستاذة الجامعية أوديل خوري شكرت فيها كونيسا على محاضرته القيّمة "في زمن يفتخر فيه البعض بإرهاب مجموعات من الناس، في حين أن الفخر الحقيقي هو في تدمير هذا العدو وصورته". كما توجهت بالشكر لمؤسسة جبران التويني التي أتاحت للجامعة هذا اللقاء. وفي الختام قدم الدكتور زغيب كتاب "عاصي الحدث لبنان، تاريخ مغارة" الصادر عن مركز فينيكس للدراسات اللبنانية في الجامعة لكونيسا.