اختلفت واشنطن مع الرياض بشأن نتائج اجتماع المعارضة السورية في مؤتمرها في العاصمة السعودية التي كانت مقررات متطرفة للغاية وخاصة ما تلاها من تصريح الوزير السعودي عادل الجبير الذي قال ان على الرئيس بشار الاسد ان يذهب اما بالمفاوضات واما بالسلاح.
هذا الموقف استفز ايران وواشنطن وموسكو وتم اعتبار كلام الوزير عادل الجبير غير ديبلوماسي وغير منسجم مع مؤتمر فيينا - 2، ثم ان المعارضة السورية بما طلبته في بيانها في مؤتمر الرياض لم يكن مدرجا على جدول اعمال مؤتمر فيينا - 2، الذي اقر بقاء الرئيس بشار الاسد في الفترة الانتقالية والبحث لاحقا في كيفية اجراء انتخابات نيابية ورئاسية باشراف الامم المتحدة. اما مؤتمر الرياض فطالب برحيل الرئيس الاسد فورا وهو امر ترفضه موسكو وعندما صدر بيان السعودية عن المعارضة السورية في هذا التشدد قررت موسكو مقاطعة التفاوض مع اميركا لانها اعتبرت ان اميركا هي التي تقف وراء السعودية ومؤتمر الرياض.
واشترطت للاجتماع مع كيري ان يصرّح بأنه يتمايز عن موقف مؤتمر الرياض للمعارضة السورية ففعل ذلك وزير خارجية اميركا جون جيري وصرّح بأنه لا يوافق على كل البنود التي جاءت في مؤتمر الرياض الصادرة عن المعارضة السورية، خاصة بشأن رحيل الرئيس بشار الاسد فوراً وعدم البحث بضرب الارهاب اولاً، قبل اي مرحلة انتقالية وقبل اية انتخابات رئاسية.
وموسكو معروف موقفها بأنها تقول بأن الشعب السوري هو الذي يقرر مصير الرئيس بشار الاسد ولا روسيا تقرره ولا اميركا ولا اية دولة.
من هنا جاء بيان المعارضة برحيل الرئيس بشار الاسد فورا مناقضا تماما لموقف موسكو، حتى ان فرنسا قالت ليبقَ الاسد لحين انتهاء حرب الارهاب ووقف اطلاق النار واجراء انتخابات نيابية ورئاسية بطريقة غير مباشرة من خلال تصريح وزير خارجية فرنسا فابيوس قبل اسبوع.
وبريطانيا موقفها كذلك، والسؤال هو لماذا تطرفت السعودية او لماذا سمحت بتطرف المعارضة السورية في الرياض الى هذا الحد وقامت بتطيير مقررات مؤتمر فيينا - 2 الذي كان مختلفا كثيرا عن نتائج مؤتمر المعارضة السورية.
وسيجتمع الرئيس فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء القادم مع الوزير جون كيري ومن المفترض ان يصدرا بيانا مشتركا بأن الحرب هي في الدرجة الاولى على الارهاب، ومن ثم المرحلة الانتقالية وبعدها يقرر الشعب السوري مصير الرئاسات برحيل الرئيس بشار الاسد او بقائه في سدة الرئاسة.
ـ بوتين وكيري ـ
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب له انه قام بتأخير زيارة وزير الخارجية كيري الى موسكو بعدما لم تفهم واشنطن ان موضوع الاسد غير مطروح والشعب السوري يقرر امر الرئيس الاسد واذا كانت المعارضة تقول ان السنة في سوريا يكرهون الاسد ولا يريدونه فما عليهم الا اللجوء الى الانتخابات الرئاسية وعندها يقرر الشعب من يريد، وعندها تؤيد موســكو نتيجة الاستفتاء الشعبي. اما مؤتمر الرياض فقد خرج عن مساره بشأن المطالبة برحيل الاسـد وأخطأت الســعودية بهذه النتيجة جدا وكيري سيصل الثلاثاء ونقول له لا تبحث معنا هذا الموضوع بل كيف نضرب داعش والارهاب في سوريا.
وعندما تم سؤال الرئيس بوتين ما اذا كانت روسيا ستدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قال الرئيس بوتين ان روسيا دولة جبارة لا تدخل في تحالف بقيادة الولايات المتحدة بل تقوم بتنسيق مع التحالف الدولي من الند الى الند لمحاربة الارهاب ولدى روسيا غواصات وبوارج بحرية من اجل القيام بمهمة مكافحة الارهاب في سوريا وليست في حاجة للدخول في التحالف الدولي ولا ترضى ان تكون تحت ولاية الولايات المتحدة بل هي تتساوى مع الولايات المتحدة بالقوة وبالقدرة في كل المجالات وان العالم لم يعد مثل الاول حيث كانت الولايات المتحدة هي كل شيء بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وروسيا كانت تأتي في المرتبة 3 اما الان يقول الرئيس بوتين نحن نأتي في المرتبة الاولى عالميا او لنقل من الند الى الند مع الولايات المتحدة ولذلك لا يمكن ان نتشارك مع التحالف الدولي وان تكون الولايات المتحدة هي قائدة التحالف الدولي.
كل هذا الكلام يدل على ان روسيا مصممة على المبادىء التي جاءت بها الى سوريا وهي عدم اسقاط الرئيس بشار الاسد وعدم رحيله وترك الامر للشعب السوري كي يقرر مصيره ومصير حكامه.
المهم ان بيان المعارضة مرفوض من موسكو وتتمايز معه الولايات المتحدة ببعض النقاط التي لا ترى فيها نقاط عقلانية وعملية كما ان اوروبا ايضا لا ترى في بيان المعارضة السورية بنودا صالحة من اجل حل حقيقي في سوريا. ولذلك رفض الرئيس بشار الاسد الجلوس مع وفد المعارضة السورية طالما انه لم تنته المعركة ضد الارهاب، وقال في تصريح لوكالة انباء روسيا ان سوريا لن تجلس مع وفد المعارضة قبل انتهاء الحرب وضرب الارهاب كلياً في سوريا. وهكذا قطع الطريق على مقررات المعارضة في الرياض واذا كان من حل فبات الان في يد واشنطن وموسكو، حيث ستجتمع الولايات المتحدة مع روسيا والامم المتحدة ليعلنوا مبادىء عمل للمفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة السورية، اهمها ضرب الارهاب وكيفية اجراء اصلاحات في سوريا، وعندها تضغط اميركا على المعارضة السورية وتلزمها بالتفاوض وتطلب روسيا من الاسد التفاوض مع المعارضة على اساس هذين البندين اما السلطة وانتقال السلطة من الاسد الى غيره فيبقى للشعب السوري ان يقرره كما تصر موسكو على ذلك.
يمكن الاعتبار ان مؤتمر الرياض للمعارضة السورية فشل لانه رفع السقف عاليا جدا وكأنه المنتصر في حين ان الميزان العسكري بدأ ينقلب لصالح الجيش العربي السوري وحلفائه، وان روسيا متواجدة مع 60 طائرة وبوارج وصواريخ كاليبر لضرب المعارضة والسلطة الشرعية استطاعت استرجاع مساحات واسعة من سوريا وانتزعتها من المعارضة السورية، ولذلك لن تمر مقررات الرياض في مفاوضات بين الرئيس بشار الاسد ومعارضيه. وهو لا يقبل ان يجلس على الطاولة مع منظمات يعتبرها ارهابية، لذلك النقطة التي تبحثها موسكو مع واشنطن، كيفية تحديد المنظمات الارهابية، فمجلس الامن اعتبر ان داعش وجبهة النصرة هما منظمتان ارهابيتان، بينما الرئيس بشار الاسد يرى ان هنالك منظمات اخرى حملت السلاح وحاولت اسقاط النظام وبالتالي فهي منظمات ارهابية لا يمكن التفاوض معها مثل جيش الفتح وجيش الاسلام واحرار الشام، بل قد يقبل الرئيس الاسد بالتفاوض مع الجيش السوري الحر التي تريد موسكو ان يشترك في المفاوضات وعندها اذا لم تشترك المنظمات الاربعة المسلحة في المفاوضات فان الائتلاف الوطني السوري يكون اصبح فارغا من المفاوضين، واذا بقي الجيش السوري الحر لوحده في المفاوضات فالامر ناقص لان الجيش السوري الحر لا يسيطر الا على مساحة صغيرة من الاراضي السورية. وهو اضعف من احرار الشام وجيش الاسلام وجيش الفتح.
على كل حال ننتظر يوم الثلاثاء القادم لمعرفة مصير المفاوضات الاميركية - الروسية في اميركا مع الامم المتحدة، وماذا سيصدر عنه، وعلى الارجح سيكون حل وسط بين مؤتمر فيينا وبين مطالب المعارضة السورية التي صدرت في السعودية. ولا بد من العودة الى مؤتمر فيينا - 2 لاكمال مؤتمر فيينا - 3 في نيويورك لان الادارة الاميركية وروسيا تريدان ان يكونا مشرفين مباشرة على المفاوضات، اذا جرت بين المعارضة السورية وبين الحكومة السورية بعد ان يتحدد من هي المنظمات الارهابية وهذا خلاف كبير بين روسيا واميركا على تحديدها.
ـ «الجيش» يقترب من الحسم في ريف حلب الجنوبي ـ
على صعيد آخر، يقترب الجيش العربي السوري من بدء آخر معاركه في ريف حلب الجنوبي، حيث يسعى الى السيطرة على بلدتي خان طومان والزربة الملاصقتين للاوتوستراد الدولي.
وعلم ان الجيش السوري سيطر في الساعات الـ48 الماضية على بعض التلال المطلة على البلدتين، الامر الذي سيفرض خلال ايام قليلة معارك داخلهما.
وترى مصادر ميدانية مطلعة ان المعركة الكبرى ستشهدها بلدة خان طومان الكبيرة نسبياً والاستراتيجية، حيث يتحضر المسلحون التابعون لـ«جيش الفتح» لخوض معركة دفاعية كبيرة، بالتوازي مع وصول التعزيزات من ريف ادلب.
وستؤدي سيطرة الجيش السوري على هاتين البلدتين الى قطع اوتوستراد دمشق ـ حلب، الامر الذي سيقطع طريق الامداد من ادلب الى حلب.
وسيطر الجيش السوري وحلفاؤه امس في ريف حلب الجنوبي على بلدات مريغص وابو رئيل والقريحة جنوب جبل الاربعين اضافة الى تل وبلدة دلامة جنوب تل دارين، كما سيطرت على بلدة الصبيحية وبلدة الصعبية في ريف حلب الجنوبي.