د. حنا الحاج -
ما دامت الديمقراطية عندنا ديمقراطية طوائف، والمواطنية مواطنية محاصصة يحكمها منطق القوة، والنفعية، والتبعية، والتشبيح، والبلطجة؛ فالمسيحيون إن كنتم تجهلون وتتنكرون، هم أرباب الديمقراطية، و لهم يعود الفضل الاول في بناء لبنان الكبير، دولة وكياناً، و في إغناء حضارته ،وقيمه، و تمايزه ، وخصائصه، وثقافته الوطنية، وهم وحدهم يعرفون كيف يدافعون عن حقوقهم، كما دافعوا عنها وعن حقوق الآخرين عبر تاريخهم العظيم .!
شركاء الوطن !؟ المسيحيون ليسوا شعباً طارئاً ، أو لاجئاً، أو مرتزقاً، أو مأجوراً، أو عميلاً ، فهم أم الصبي وأبوه، وأسياد الحرية، وإن كنتم تجهلون أو تتنكرون، لا همَّ، فالعالم كله يعرف ذلك، وقد إغتذى من تاريخهم المشرقي والاممي المجيد.
المسيحيون، والموارنة منهم، كانوا وما زالوا صِمَامَ الامان والاستقرار، ونجمَ السلام، والتطور، والحرية، والكرامة والشجاعة، ذوداً عن كرامتهم ووجودهم وحقوقهم الوطنية والانسانية. فهلاَّ تذكرتم ما قيل عن طموحهم وعلمهم وإبداعاتهم ؟
نذكركم إن كنتم تجهلون، أنَّ المسيحيين هم أيضاً لبنانيون، وإرثهم لا يشبه غيره، وقد نهلتم منه جميعكم، و قد قيل في الامثال الفرنسية وشاعت في جامعة الـ Sorbonne ، وتناولت تمايز الموارنة في موسوعيتهم وسعة معرفتهم واطلاعهم، ومنها : Savant comme un maronite” “ وكان قد قيل قبل ذلك : “ saint et savant comme un maronite” ، وقد تردَّد صدى ذلك في أوروبا، وفي العالم كلِّه!
كلام برسم من لازمتهم عقدة الموارنة والمارونية، هؤلاء الذين تتآكلهم ألاحقاد، والحسد والاطماع. فينتفخون أضعاف أضعاف قياسهم. لهؤلاء نقول، اتقوا الله، واسمعوا وعووا، فما يحاك في الغرف السوداء، وما يطبخ من سموم في الخارج، هو نتاج نفوس مريضة، يسوِّق له بعض صغار الداخل، أياً كان موقعهم ودورهم، فاحذروا لانكم تدرون ماذا يفعلون ، وتدرون أنكم تستحضرون أجواء 1975، وتعملون على عزل فئة كبيرة وأساسية، على غرار معزوفة عزل الكتائب آنذاك. التحدي كبير، والتطاول على كرامة المسيحيين ، لن يمر ولن يسكت عنه، ونذكركم بما قاله المتنبي ، كبير شعراء العرب:
إذا رأيْتَ نيوبَ الليثِ بارزةً فلا تظنَّن أنَّ الليثَ يبتسمُ
المسيحيون، ليسوا مصاصي دماء، ولا يتقنون فنون الجريمة والعدائية والثأر، لانهم أبناء وصية لا توازيها وصية على الاطلاق : " أحبوا أعداءكم وباركوا لاعينيكم "، وغيرها الكثير ... ولكن لا تنسوا كذلك أنَّهم حراسُ الهيكل، وعليهم واجب طرد الباعة والسماسرة والتجار منه، الذين يعيثون فيه فساداً ودنساً!
المسيحيون، لا يعتدون ولا يقبلون أن يعتدى عليهم ، فهم قادرون أن يثوروا لكرامتهم ، لانهم لا يرضون الذل و الظلم، والتبعية لغيرهم، وقد تعمدوا بالحرية، وقاومت عيونهم مخارز أعتى الامبراطوريات وأشرسها ؟ فلا تختبرونهم !
المسيحيون، أو غالبيتهم ، يرفضون أن يقرِّر مستقبلهم ومستقبل وطنهم، السعودي، أو القطري، أو السوري، أو الايراني، أو الاميركي أو الاوروبي ولا حتى الفاتيكاني، لانهم أسياد أنفسهم، ولا تنقصهم المعرفة، و الحكمة، و الشجاعة والاقدام. والموارنة الذين ثاروا على إقطاعهم، ورفضوا انتداب أمِّهم الحنون ، هلا يقبلون اقطاع، أو إنتداب ووصاية آخرين.
شركاء الوطن ! ما هكذا تكون الشراكة، ولا النبل ولا الفروسية، والوفاء. ولانكم طوائفيون، وحتى إشعار آخر، فما ينسحب على الشيعة، و السنة، و الدروز ، يجب أن ينسحب على المسيحيين، ولن نقبل باقل من ذلك، فاما الحقوق للجميع أو لا حقوق لاحد، وأحذروا اللعب بالنار !