
- علا بطرس -
تقضي القراءة الموضوعية للمشهد السياسي اللبناني بعد عشر سنوات على عودة العماد عون الى استعادة الموقف التي رافقت كلّ حدث، وأهمية خياراته النابعة من المصلحة اللبنانية العليا.
بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005، حمى العماد ميشال عون الوحدة الوطنية بمنع التشهير والإتهامات العشوائية وغير المسؤولة بين الأطراف المختلفة. دافع عن الراحل الياس سكاف ووزير الداخلية آنذاك سليمان فرنجية الذي اتهمه "المستقبل" بالمشاركة في الإغتيال في ظلّ موجة تعاطف شعبية ودولية عريضة ووسائل إعلام فتحت هواؤها من "قصر قريطم" مباشرة لمواكبة عملية الإنتقال السياسي واستئثار السلطة دون شريك بعنجهية "مستقبلية" مفرطة... فالذاكرة سجّلت امتناع أي مسؤول "مستقبلي" عن ملاقاة العماد عون الى ضريح الرئيس الشهيد لحظة وصوله من المنفى، كما سجّلت الزيارات الزائفة قبل التحالف الرباعي لإعطاء المسيحيين فتات حقوقهم حيث قيل للعماد عون "منحكي معكن بعد الإنتخابات" ... ومع ذلك حافظ التيار الوطني على ثوابت علاقته مع المستقبل مطالباً دائماً بأحقية مطلبه في العدالة دون تسييسها، وبمدّ اليد للشراكة الحقيقية على قاعدة "بشارة الخوري- رياض الصلح".
حرص العماد عون على علاقة لبنان الجيدة مع سوريا بعدما غالت قوى "14 آذار" في حقدها عليها على الرغم من الإنسحاب العسكري بانحدار العلاقات اللبنانية – السورية الى المستويات الشخصية. فبعد أن كانت "طبقة الطائف" في الحضن السوري تتنعّم بالإمتيازات السلطوية تحولت الى انتقام شخصي لمواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، ومن منا لا يذكر خطاب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في ساحة الشهداء "يا بيروت بدنا الطار من لحود ومن بشار!"، هل هكذا تُبنى مصالح الأوطان؟
وداخلياً أيضاً، منع العماد عون استهداف شريحة أساسية من مكوّنات الوطن بعد تصاعد وتيرة الصراع المذهبي المتفجر في العراق، وحماية لدور "المقاومة" في معادلة التوازن مع إسرائيل بالتفاهم مع حزب الله لبناء الدولة وحماية السلم الأهلي بعد حرب تموز المدمرة عام 2006 وانتعاش الإرهاب الأصولي (غزوة الأشرفية، مخيم نهر البارد 2007). وفي ظلّ توجه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى اتهام عناصر من حزب الله وتوتر العلاقة بينه وقيادة المستقبل، كانت حملة التيار الوطني الحر "ما في نوى إلا سوا" فاعلة حيث أدت الى لقاءات مشتركة ومتواصلة بين الجانبين ما زالت الى اليوم.
وعلى المستوى المسيحي، حقق "إعلان النيات" مع القوات اللبنانية في وقت قصير ارتياحاً شعبياً وأنتج "قانون استعادة الجنسية" للمتحدرين من أصول لبنانية. وجاء الإعلان المذكور ضمن رؤية هادفة قوامها "الشراكة" التي تبدأ من البيت الصغير الى البيت الأكبر. وعليه، تبقى ذهنية لمن يدعي الإعتدال ونعني به "الشيخ سعد" والذي يجاهر بالميثاق الوطني أن يطبّق أقواله الى أفعال حسيّة. فالشراكة الأقوى بينه، كقوة تمثيلية عند أهل السنة والجماعة حسب انتخابات 2009، يجب أن تُنسج مع الندّ المسيحي من المعيار نفسه. فالرئاسة ليس بازاراً لتسويق قوانين مقزّمة أنتجت أنظمة سلطوية في محيطنا العربي بل هي شراكة راسخة لنهضة لبنان المطلوبة.