مقدمة نشرة أخبار الotv المسائية:
أشهرُ علاج للعجز السياسي ... هو المهل. وأخبثُ ما في العلاج بالمهل، أنها لا تعالج العجز ولا تشفي منه. بل كل ما تنجزه، أنها تجعل مريضها يتقبل عجزه ويتعايش معه، ويرافقه حتى النهاية... وفي النهاية، لا يقدر العاجز على التمييز، ما إذا كانت نهايته قد حصلت بسبب مرضه، أي العجز، أو بسبب علاجه، أي المهل ...
هكذا هي حال لبنان. لا بل هي حال كل محيطه، وعالم السياسة اليوم ...
مثلاً، نحن مصابون بمرض العجز عن حل ازمة النفايات. فنعالجها بإعطاء مهلة لوزير، تليها مهلٌ لوزراء، ثم للجان ... حتى تكون نهايتنا بسبب النفايات، لا نهاية النفايات وأزمتها ...
مثل آخر، عجزُنا عن إقرار قانون انتخابات يمثل الناس، لا يمثل عليهم. العلاج نفسه: مهلة شهر. تصير سنة. ثم أربع سنوات. ثم عمر ... حتى تكونَ نهاية الناس من التمثيل عليهم، بعد يأسهم من تمثيلهم ...
كل شيء عندنا يعالج بالمهل. الحكومة، الرئاسة، تعيينات الدولة ... حتى صارت المهل رديفاً للوطن. نتركه يموت على إيقاع مهلة عاصفة الحزم ومهلة عاصفة السوخوي، ومهلة مذبحة باريس ومهلة مذبحة مالي ... كأن لا مذابح عندنا ولا من يموتون...
ليست مصادفة ربما أن اللغة العربية جمعت بين العمل بالمُهل، والعمل على مَهل ... أو بين المهلة وبين المهزلة ... كأنها قصدت توصيف سياسيينا ومسؤولينا، العاجزين على مَهل، والمعالَجين بالمُهل
طبعاً ليس الكل في لبنان كذلك. ففي وطننا لا تزال وجوهٌ زمنُها دائم، مؤبد، بلا مهل ولا مهازل... منها زمن تلك السيدة السيدة. ثمانون عاماً من عمر فيروز. لها من الأو تي في رجاءُ كل العمر ...