عقد تكتّل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي برئاسة دولة الرئيس العماد ميشال عون في دارته في الرابية، وبعد الاجتماع، تلا الوزير السابق سليم جريصاتي مقرّرات التكتّل فقال:
عقدنا اجتماعنا اليوم بدلاً من موعده المعتاد بالأمس بسبب انعقاد جلسة الحوار في عين التينة التي شارك فيها رئيس التكتّل العماد عون بشخصه.
في بداية الإجتماع، تمت مراجعة مواقف العماد عون الاستشرافية من الحروب التكفيرية، لعلّ في الاستعادة عبرة. أوّل ذكر للحروب التكفيرية من العماد عون كان منذ 26 عاماً، وتحديداً في 29 تشرين الأول من العام 1989 في كتابٍ وجهه إلى الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران حيث قال العماد أن نهاية القرن ستشهد إرهابا من نوع مختلف وعنفي ومدمّر.
في مقابلةٍ له مع صحيفة الحياة عام 1994 قال العماد ميشال عون إن الأصوليين سيحكمون بلاداً عربية وسوف يفشلون. وعام 1995 في كتابٍ شهيرٍ له إلى حكّام العالم من أجل العالم قال العماد عون إننا على مشارف القرن الواحد والعشرين شهدنا أحداثاً في البوسنة والجزائر وباريس. قال إنها أصولية وإرهابية وهي أخطر من الحروب العادية وحتى النووية. قال إنّه إرهابٌ عنفيٌ عدميٌ ظلامي وعابرٌ للحدود.
في 17 أيلول من العام 2001، أي بعد أقلّ من أسبوع على أحداث أيلول في الولايات المتحدة الأميركية، وفي نشرة قال إنّ المفهوم الأميركي للإرهاب يتعارض والمقاومة، واستشرف حرباً عالميةً ثالثة هي إرهابيةٌ بامتياز.
في 3 آب من العام 2012، وفي حديثٍ إعلامي قال العماد عون: إذا اقترب النظام السوري من السقوط، فستندلع حينئذٍ الحرب الحقيقية. قيل له من؟! قال الروس والصّين. إنذارٌ أول من الشرق للغرب وقد تكلّم عن نظامٍ عالمي جديد.
في أيّامنا هذه نشهد الفصول الأخيرة من نهايات الإرهاب وإرهاصاته، ونحن على مشارف النزاع الأخير. مهما قصُرت أو طالت مدّة التصدي للإرهاب واستئصاله حيث يتواجد. 15 عاماً بعد أيلول 2001، هذه المدة التي استلزمها الغرب كي يعي أن الارهاب التكفيري يضرب قلبه في القارة الأوروبية. قال العماد عون إنّ باريس هي "turning point"، أي بعد إرهاب باريس الذي وقع بالأمس ليس كما قبله. في هذا القول كلّ المعاني وكلّ الدلالات وبدأنا نشهد الارتدادات.
الموضوع الثاني، أشار العماد عون إلى مواضيع الحوار في الجلسة الأخيرة، حيث كان له موقف من الإرهاب.. هو حربٌ شاملة قال، لها أصولها وقواعدها ومستلزماتها. فلننصرف إلى تنظيم أمور دولتنا وتمكينها من التصدي، بالتفافنا حول ميثاقنا ودستورنا. الميثاق والدستور اوّلاً وأخيراً.
في الحوار أيضاً، قال العماد عون إنّ قانون الإنتخاب هو في مواصفاته الميثاقية والدستورية، والتي سنتكلّم عنها بعد حين. تكلّم عن صحة التمثيل وفعاليته وعدالته، وعن الإنصاف والمساواة التي هي عناوين كل قانون للإنتخاب.
ثمّ في الرئاسة، قال العماد، إنّ رئاسة الأمر الواقع تكرّس الأزمة، وبالتالي هي رئاسةٌ مرفوضة بكلّ المعايير والمقاييس. نحن طلاب رئاسة تغييرٍ وحلٍّ.
بالنسبة لقانون الإنتخاب. عندما نقول إنّ قانون الإنتخاب يجب أن يكون متوافقاً ومقتضيات وثيقة الوفاق الوطني، نعود إلى ما تنصّ عليه الوثيقة، أي قانون عادل ومنصف ويؤمّن صحة التمثيل وفعاليته.
والمقصود، شرح العماد وجهة نظره وهي متوافقة والنظرة الميثاقية والدستورية إلى قانون الانتخاب والتمثيل الشعبي الصحيح. تحدّث عن القانون العادل ما يعني قانوناً يعوّض عن تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية بالشراكة الفعلية في صناعة القرار الإجرائي في مجلس الوزراء، والقرار التشريعي والرقابي في مجلس النواب، ما يعني مناصفة فعلية وليس رقمية وشراكة فعلية. منصف يعني أنه يجب أن يُنصف جميع مكونات الوطن ويساوي بين المواطنين اقتراعياً وتمثيلاً. صحة التمثيل هي أن يأخذ كل فريق سياسي حجمه في التمثيل الشعبي لا أكثر ولا أقل. هل إنّ قانون الـ15 دائرة وفقاً للنّظام النسبي الذي تمّ التوافق عليه في بكركي يحقق هذه الأهداف الميثاقية والدستورية والقانونية؟ اللجنة النيابية المصغرة مدعوة للانكباب على هذه المواصفات الميثاقية والدستورية وعدم تجاوزها.
ثالثاً، المشاريع الإنمائية. سدّ جنّة. أيضاً وأيضاً سدّ جنة. معالي وزير البيئة الأستاذ محمد المشنوق يعرقل السدّ، في حين أنّ قراراً لمجلس الوزراء قد اتُخذ بإنشاء هذا السدّ. معالي وزير البيئة كما تعرفون، مستقيلٌ من صلب مهامه في النفايات، إلاّ أن السدّ يعنيه.
هناك قرارٌ لمجلس الوزراء لا يلتزم به بعض الوزراء. في حين انه يغيب قرارٌ لمجلس الوزراء بموضوع التعيينات العسكرية والأمنية، وينفرد وزير وزير أو وزيران، كتأجيل التسريح بتجاوزٍ كلّي للمادة 65 من الدستور.
أيّاً كان الأثر البيئي الذي يزعمه وزير البيئة، إنّ إتّخذت السلطة السياسية العليا قراراً بمشروع إنمائي بامتياز، فيُنفّذ المشروع، وذلك مع الأخذ بعين الإعتبار إن وجد أيّ أثر بيئي سلبي، كلفة معالجة هذا الأثر..
لا يحقّ لوزير البيئة أن يوقف مشروعاً إنمائياً تقرّر في مجلس الوزراء.. هذه السلطة السياسية العليا، حسب ما جاء في دستور الطائف. كما لا يحقّ لمحافظ أن يعرقل هذا المشروع الإنمائي بأيّ حجّة كانت، ذلك انّ المشروع تقرّر من السلطة السياسيّة العليا.. لن نقبل أيّ تهاون في هذا الأمر بعد اليوم!
في الحديث عن استجواب الحكومة. لقد تحدّثنا عن تخطٍّ لوزراء تكتّل التغيير والإصلاح داخل الحكومة، وقد جاء هذا "التعدّي" من قبل وزير، وذلك من خلال تأجيل تسريح القادة العسكريين والأمنيين بقرار وزاري منفرد..!
هناك تجاوز كبير لكلّ الأصول الدستورية والقانونية، بخفّة متنافية، ولا يرّف للوزير جفن! نريد من الحكومة، لا بل نطلب بإلحاح من الحكومة، قبل التفعيل وتمهيداً للتفعيل، بتصحيح الوضع الراهن، وذلك من خلال إجراء التعيينات العسكرية والأمنية، من دون زيادة أو نقصان، عملاً بالمادّة 65 من الدستور اللبناني.. لا مجال للحديث عن مهادنة في الميثاق والدستور، لأنّهما ملكاً للشعب!
في الجلسة التشريعية الأخيرة، تحقّق ما تحقّق، من قانون استعادة الجنسيّة للمتحدّرين من أصل لبناني، وهو رهن علينا في التنفيذ، كما وسيكون لوزرائنا ولمختلف الفعاليات والمؤسّسات المعنيّة بالإنتشار، مساهمات في تنفيذ هذا القانون، وإن إقتصر على مدّة 10 سنوات.. "إستكتروا" على شعب لبنان العظيم المنتشر أن يستعيد جنسيّته بالمطلق، فتمّ إلزامه بفترة معيّنة.
أمّا بالحديث عن قانون الانتخاب، الذي هو من الأولويات، ولا اولوية على المرتكز الأساس في إعادة تكوين السلطة.. هو القانون الذي يمكنّنا من إعادة تكوين السلطة، في حين انّ مواصفاته، حدّدها العماد عون في الحوار، وخارج الحوار، وفي كلّ الأحاديث، والإجتماعات، ولكنّها مواصفات الميثاق والدستور لا مواصفات العماد عون.
لم نحصل على اقتراح قانون توزيع عائدات الخليوي مباشرة، وذلك لأسباب تعرفونها جيداً، وإن نُظمّت بعض مراسيم توزيع هذه العائدات، عن سنة 2014. يهمّنا أن تصل أموال البلديات إلى البلديات، ولكن ما يهمّنا أكثر، هو أن تصل هذه الأموال بطريقة مباشرة، أيّ من دون وساطة أو عبر صناديق، لا نستطيع التحكّم بها، وينقصها الكثير من النصوص التنظيمية الضابطة لعملها. إنّ أموال البلديات ستصل عن عام 2014، وهذا جهد يسجّل للعماد عون ولمكوّنه السياسي.
إنّ الإيجابيات التي تجلّت في الآونة الأخيرة، سواء عن طريق إطلاق المبادرات، ونذكّر انّ العماد عون أطلق الكثير من المبادرات الإنقاذية التي تنقذ الوطن... ولكن ما نريد أن نقوله، هو انّنا سنراكم هذه الإيجابيات، ودائماً من منطلق الميثاق والدستور. لقد تكلّم السيد نصرالله في خطابه الأخير عن سقف الميثاق والدستور. ومن هنا، ندعو الجميع للإلتزام بالميثاق والدستور كي ننقذ شعبنا، وننقذ دولتنا من الأزمة الخانقة والعالقة.
ثمّ أجاب عن أسئلة الصحافيين:
س: تحدّثتم عن ضرورة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، ومن ضمنها الحكومة، هل هذا يعني انّكم ستشاركون في حال تمّ دعوة الحكومة لبحث ملّف النفايات؟!
ج: أعلن العماد عون مراراً، انّ تعطيل التعطيل ليس تعطيلاً، وانّ مصلحة الشعب العليا تسمو كلّ إعتبار.. إن وجدنا حلولاً جذرية جاهزة بمسائل تتعلّق بمصالح الشعب الحيوية، لن نتردّد بالمشاركة، ولكن المطلوب أولاً وأخيراً، هو التصحيح كي ينتظم العمل الحكومي.. إذاً، لا نستطيع ان نطالب من جهة بتفعيل عمل الحكومة، ونقفل على ملّف بأهميّة التعيينات الأمنيّة والعسكريّة.
لذا يجب تفعيل المشاريع الإنمائية المقرّرة في مجلس الوزراء، ويُمنع توقيفها بأيّ حجّة طالما صدر القرار عن السلطة الإجرائية العليا، حيث تلكأ مجلس الوزراء عن إتّخاذ قرارات بمواضيع حساسة بمقتضى المادّة 65 من الدستور.. يجب أن يتّخذ مجلس الوزراء هذه القرارات..
لن نكون بعد اليوم شهوداً للزور على إندثار معالم المشاريع الإنمائية في المناطق، كما ونرفض أن نكون شهوداً للزور على طعن الدستور والميثاق. إذاً، عندما نتكلّم عن تسويات شاملة، يجب أن تحصل تحت سقف الميثاق والدستور. إنّ التعاون هو المطلوب اليوم من كلّ الأفرقاء، لإيجاد المخارج والحلول لتفعيل كلّ مؤسسات الدولة. إنّ الدليل الأبرز على كلامنا، كان تلبيتنا لدعوة الجلسة التشريعية، حيث شاركنا في الجلسة بعد تأمين كلّ مقتضيات الميثاق والدستور.. نحن مبادرون في العمل التشريعي والإجرائي، ولكن ضمن الميثاق والدستور.