Image may be NSFW.
Clik here to view.
Clik here to view.

جاد ابو جودة -
إذا نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في عقد الجلسة التشريعية وفق جدول الأعمال الراهن، فلا يمكن وصف الخطوة بأقل من الإهانة المتعمدة والاحتقار المقصود للمسيحيين، الذي يتحمل مسؤوليته هو شخصياً بالدرجة الأولى، ويشاركه في ذلك كل من ينزل إلى الجلسة، حليفاً كان أم خصماً.
فليس مقبولاً ولا مسموحاً بعد عشر سنوات على انسحاب جيش الاحتلال السوري من لبنان، أن تستمر الممارسات التي رافقت عهده في حق المسيحيين، في ظل وجود قياداتهم ذات الصفة التمثيلية الأوسع على الساحة السياسية، ولاسيما العماد ميشال عون وسمير جعجع، اللذان سلفا الشيعية والسنية السياسية كل مقتضيات التفاهم والتحالف، ليأتي حساب الحقل مناقضاً لتمنيات البيدر.
فماذا يعني الإمعان في رفض إقرار قانون انتخاب يصحح التمثيل المسيحي بالدرجة الأولى، فيما الأرقام تثبت بما لا يقبل الشك، أن مقاعد المسيحيين مسروقة من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، ما ينعكس ضعفاً تمثيلياً للقوى الأساسية في مجلس الوزراء ووهناً واضحاً في الإدارات الرسمية؟
وماذا يعني إدراج قانون استعادة الجنسية بعد طول لف ودوران، وعلم مسبق بأنه لن يقر، فيما مرسوم تجنيس غير المستحقين ساري المفعول منذ عام 1994، وفي وقت يجثم خطر توطين السوريين بعد الفلسطينيين على أرض لبنان؟
وماذا يعني أن يخرج نواب من كتلة الرئيس نبيه بري تحديداً، الذي طالما أطرب آذان اللبنانيين بحرصه على العيش المشترك، منطلقاً من انتمائه المفترض إلى مدرسة الإمام المغيب موسى الصدر، بتصريحات أقل ما يقال فيها أنها تشطب الميثاق وتلعن ساعة الوحدة الوطنية، من خلال الإشارة إلى أن "الضرورات قد تبيح المحظورات" في عقد جلسة لا يوافق على جدول أعمالها المسيحيون؟ وماذا يعني مجرد التلميح إلى أن حضور سليمان فرنجية وبطرس حرب وسيرج طورسركيسيان يؤمن ميثاقية الجلسة؟
كل ذلك لا يعني إلا عملياً إلا شيئاً واحداً. لم يعد الأمر مجرد تهميش وإقصاء وإلغاء، وفق الصفات التي اعتدنا على إطلاقها منذ عشر سنوات على الأقل لوصف الواقع القاتم. لقد بات الأمر عنصرية بكل ما في الكلمة من معنى.
عنصرية ضد لبنان. عنصرية ضد الميثاق. وعنصرية بالتحديد ضد المسيحيين في لبنان. أنتم مواطنون درجة ثانية وثالثة ورابعة. لن ننتخب من ترشحون للرئاسة، ولن نمرر أي مشروع أو اقتراح تطرحون. لن نسمح لكم بأن تنجحوا في استخراج النفط والغاز، ولن نقبل أن تتمكنوا من إعادة الكهرباء أربعاً وعشرين ساعة على أربع وعشرين لجميع اللبنانيين. نحن نسرق وننهب ونهدر منذ أربعة عقود على الأقل، أما من تشوه سمعته، وتضرب صورته، ويشهر بأملاكه الخاصة عبر وسائل الإعلام، فليس نبيه بري ولا سعد الحريري ولا فؤاد السنيورة ولا نجيب ميقاتي أو سواهم، بل فقط جبران باسيل.
هذه الوقائع التي تختصرها الجلسة التشريعية العنصرية في حق المسيحيين هي خلاصة الوضع الراهن، الذي تصمت إزاءه بكركي، ويتواطؤ لتأبيده بعض المسيحيين، ويخرس أمامه جماعة الحراك الفاشل.