حدود السلسلة الشرقية خطفت الأضواء واستقطبت الاهتمام، فيما تعيش الحدود الشمالية استقرارا أقرب الى الانضباط على رغم بعض حالات التهريب التي تشمل المنتوجات والمواد الغذائية والمحروقات. فهناك عوامل عدة وقفت عائقا ومنعت تحول الحدود الشمالية ـ العكارية الى حدود شبيهة بتلك التي تحيط بعرسال، لعل أبرزها العامل الجغرافي، حيث يفصل لبنان عن سورية النهر الكبير الذي يشكل سدا طبيعيا في وجه تدفق المسلحين، فيما البلدات ملاصقة بعضها ببعض، وليس من السهل اختباء المسلحين داخلها أو أخذها كمتاريس طبيعية. أضف إلى ذلك أن طبيعة عرسال جبلية وعرة، ولم تبسط الدولة سيطرتها عليها منذ فترة، بينما منطقة وادي خالد والبلدات المجاورة مأهولة وتقع تحت سيطرة الدولة، ولم تشهد المناطق السورية المقابلة أي معارك ضارية شبيهة بمعارك القصير ويبرود والقلمون والزبداني على حدود السلسلة الشرقية.
وتؤكد مصادر عسكرية ان «الجيش باشر منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب السورية، ضبط الحدود الشمالية، لكن صعوبات كثيرة واجهته، كان أولها غياب القرار السياسي الواضح من السلطة وإعطاء الأمر للجيش بالتصرف، ليتدفق بعدها النازحون السوريون بأعداد هائلة، حيث فتح لبنان أبوابه وحدوده أمام الهاربين من الموت، وخصوصا بعد معارك حمص الشهيرة. وبعد تطور الأوضاع وتفلتها في أكثر من منطقة حدودية، خصوصا بعد معركة عرسال، كان القرار الأمني حازما بضبط حدود الشمال»، مشيرة الى ان «الجيش أخذ تجربة البقاع وعرسال في الاعتبار، وسعى إلى عدم تكرارها في الشمال الذي يحوي عناصر متفجرة، ليس أقلها تغلغل عشرات آلاف النازحين السوريين في البلدات والقرى والمدن، ووضع طرابلس، والتي شهدت جولات من القتال استمرت 3 سنوات، إضافة الى محاولة التنظيمات الإرهابية إيجاد بيئة حاضنة مذهبيا لعملها العسكري وتمددها».
وتكشف المصادر العسكرية ان «الجيش ينشر اللواء الثاني وفوج الحدود البري لضبط حدود عكار، وقد وضع خطة طوارئ من أجل مواجهة أي مفاجأة محتملة أو خرق للحدود، خصوصا مع تزايد الحديث عن إمكان وصول التنظيمات المسلحة الى الحدود، وهو عزز مراكزه عدة وعديدا، عبر ربطها بعضها ببعض وشق الطرق وتأمين خطوط الإمداد، وتعزيز ثكنات الشمال. وتترافق هذه التدابير مع انتشار كثيف للجيش المجهز بتقنيات المراقبة الحديثة والذخيرة الكافية لخوض أي حرب قد تفرض عليه». وتؤكد المصادر «وجود خطوط دفاع متلاصقة من عكار وصولا الى طرابلس، منظمة ومجهزة بأحدث الأسلحة، ومراقبة من البر والبحر والجو. وما الهدوء الذي يشعر به الشمال سوى دليل على نجاح الجيش في خططه الأمنية والدفاعية، بعد تسديد الضربات المتتالية الى المجموعات الإرهابية».